-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

نهاية‮.. “‬عملاء‮ ‬مرحلة‮ “

محمد عباس
  • 2773
  • 0
نهاية‮.. “‬عملاء‮ ‬مرحلة‮ “

ترى بأي وجه يمكن لحكامنا أن يقابلوا شعوبهم؟! وبأي خطاب يمكن أن يتوجهوا إليها بعد فضائح بن علي ومبارك والقذافي وصالح…؟! أليس من الأولى والأجدر بهم أن يسارعوا بالغروب فيوفروا على شعوبهم محنة ومعاناة وتضحيات طردهم؟!يطرح‮ ‬الواقع‮ ‬المؤلم‮ ‬لشعوبنا‮ ‬وأقطارنا‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الأسئلة‮ ‬المحزنة‮ ‬في‮ ‬دلالاتها،‮ ‬كما‮ ‬يطرح‮ ‬أسئلة‮ ‬مصيرية‮ ‬أخرى،‮ ‬بودنا‮ ‬أن‮ ‬نقف‮ ‬بداية‮ ‬عند‮ ‬اثنين‮ ‬منها‮:‬‮

– ‬أولا‮: ‬هل‮ ‬نحن‮ ‬مستقلون‮ ‬فعلا؟‮!‬
طبعا إذا كنا نحن في جزائر الثورة نطرح مثل هذا السؤال، فأحرى وأولى أن يطرحها أشقاؤنا الذين عاشوا انتفاضات متفاوتة على أنظمة الحماية والانتداب، وهي شر أهون من الاستعمار الاستيطاني الذي عرفته بلادنا، والذي نعيش وقائعه مع الشعب الفلسطيني اليوم على المباشر.. يمكن القول على ضوء تجارب شعوبنا -بدون استثناء- إننا ما زلنا في “مرحلة ما بعد الاستعمار«، نجر ذيول مخلفاته التي أصبحت قيودا ثقيلة، تعرقل مساعي شعوبنا لبناء استقلالها على أسس صلبة -بداية بالاقتصاد المنتج والثقافة الوطنية العصرية- وقنابل موقوتة تنفجر بين الفينة‮ ‬والأخرى،‮ ‬لنسف‮ ‬أي‮ ‬مجهود‮ ‬جاد‮ ‬على‭ ‬هذا‮ ‬المضمار‮ ‬الوعر‮.‬
ومن مظاهر استمرار الظاهرة الاستعمارية -تحت رايات الاستقلال للأسف!- تنصيب ولاة على أوطاننا، تتفنن أيادي الاستعمار الجديد -الخفية- في اختيارهم حسب مقاييس معينة في مقدمتها: مرض السلطة سواء لذات السلطة، أو باعتبارها بوابة لإرضاء الشهوات المرضية، من مال وجنس وخمر‮ ‬وقمار‮.. ‬وهلم‮ ‬جرّا‮..!‬
والهدف من وراء مثل هذه الألاعيب الشيطانية -التي تتقنها الحركة الصهيونية والماسونية جيدا!- هدر فرص شعوبنا في النهضة الحقيقية -المادية والمعنوية- والعبث بمصالحها الاستراتيجية المصيرية.. أي ترشيح شعوبنا وأوطاننا إلى الفناء والتفكك المحتوم في أجل مسمى.
‮- ‬ثانيا‮: ‬ترى‮ ‬لماذا‮ ‬تبدي‮ ‬واشنطن‮ -‬وحلفاؤها‮- ‬حرصا‮ ‬واضحا‮ ‬على‭ ‬تغيير‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الأنظمة‮ ‬العميلة؟
الجواب‮ ‬بسيط‮: ‬لقد‮ ‬انتهى‮ ‬دور‮ ‬قادتها‮ ‬كعملاء‮ ‬مرحلة،‮ ‬لم‮ ‬يعودوا‮ ‬قادرين‮ ‬على‮ ‬تقديم‮ ‬المزيد،‮ ‬في‮ ‬إطار‮ ‬الاستراتيجيات‮ ‬الجديدة‮ ‬التي‮ ‬أصبحت‮ ‬بحاجة‮ ‬كذلك‮ ‬إلى‭ ‬وجوه‮ ‬جديدة‮ ‬لتمريرها‮.‬
ثم إن الشعوب نفسها تفطنت إلى الدور -غير المشرف- المسند إلى هؤلاء العملاء المرحليين، فأصبحت تهدد بالثورة على أنظمتهم التي أوشكت على فقدان التحكم في الأوضاع الداخلية، الأمر الذي من شأنه أن يخلط أوراق أمريكا -لكثرة المجاهيل الطارئة والتي يصعب التعامل معها أو ترويضها‮.‬
ويمكن أن نستنتج من ذلك أن واشنطن -وحلفاؤها- قد ركبت موجة التغيير، بهدف الالتفاف عليه -مرة أخرى- عبر عملاء مرحلة جديدة، مؤهلين أكثر لمغالطة وتضليل شعوبنا، وعرقلة تطلعها المشروع إلى الكرامة -المادية والمعنوية- عبر نهضة حقيقية على الصعيدين الاقتصادي والثقافي.. إن واشنطن -وحلفاؤها- وهي تركب الموجة، تريد أن تفرض على شعوبنا عملاء جددا، يواصلون الحرب الوقائية المعلنة عليها لعقود أخرى، تتمه لأدوار أمثال القذافي الذي أضاع 42 سنة من فرص النهوض بالشعب الليبي الشقيق، أو مبارك الذي هدر 30 سنة من عمر الشعب المصري، أو بن علي‮ ‬الذي‮ ‬بدد‮ ‬23‮ ‬سنة‮ ‬من‮ ‬عمر‮ ‬شعبنا‮ ‬في‮ ‬تونس،‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬ننسى‮ ‬حالنا‮ ‬طبعا،‮ ‬نحن‮ ‬الذين‮ ‬نتخبط‮ ‬في‮ ‬دياجير‮ ‬العبث‮ ‬الملون‮ ‬منذ‮ ‬ثلاثة‮ ‬عقود‮!‬
هذه‮ ‬الآفاق‮ ‬المظلمة‮ ‬تصنع‮ ‬انتفاضات‮ ‬شعوبنا‮ -‬الجارية‮ ‬والقادمة‮- ‬على‭ ‬المحك‮:‬

أما‮ ‬أن‮ ‬تتجذر‮ ‬فتؤدي‮ ‬إلى‮ ‬إفراز‮ ‬نخبة‮ ‬حاكمة‮ ‬من‮ ‬الشعب‮ ‬وإليه،‮ ‬أو‮ ‬تغرق‮ ‬في‮ ‬السطحيات،‮ ‬فتسهل‮ ‬من‮ ‬مهمة‮ ‬الاستعمار‮ ‬الجديد‮ ‬للالتفاف‮ ‬عليها‮ ‬وتدجينها،‮ ‬وفرض‮ ‬ما‮ ‬شاء‮ ‬من‮ ‬الوجوه‮ ‬العميلة‮ ‬الجديدة‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮.‬
ومعنى ذلك أن شعوبنا تتحمل مسؤولية تاريخية في التكفل بمصيرها، بتجسيد يقظتها وتطلعاتها في نخبة من أبنائها، وفية لحقائقها التاريخية والثقافية، حريصة على النهوض بأوطاننا، من خلال بناء استقلالنا على الصعيدين الاقتصادي والثقافي، بما يضمن لكل فرد منا قدرا من الحياة الكريمة ماديا ومعنويا.. كل ذلك حتى لا تتكرر مآسينا، هذه المآسي الدامية التي يصنعها عملاء بلا ذمة ولا شرف. وبودنا أن نختم بمقولة للمناضل الليبي الهادي المشيرڤي -دفين العالية- قرأتها في كتابه “قصتي مع ثورة مليون شهيد«. مقولة مفادها: إن أمريكا وحلفاءها من الاستعماريين‮ ‬سلطوا‮ ‬على‭ ‬شعوبنا‮ ‬المرضى‮ ‬أو‮ ‬المجانين‮!‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!