-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما قاله عطاف عن الوساطة الجزائرية بين روسيا وأوكرانيا

الشروق أونلاين
  • 2597
  • 0
هذا ما قاله عطاف عن الوساطة الجزائرية بين روسيا وأوكرانيا
ح.م

قال وزير الخارجية، أحمد عطاف، الأربعاء، إن مبادرة الرئيس تبون للوساطة بين روسيا وأوكرانيا جاءت كمساهمة جدية وفعلية في المساعي الحميدة الرامية لإنهاء هذه الأزمة.

وجاء هذا في كلمة لوزير الخارجية، خلال الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز، بباكو (أذربيجان)، الذي ينعقد يومي 5 و6 جويلية 2023.

وأوضح عطاف أن مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون للوساطة بين روسيا وأوكرانيا جاءت كمساهمة جدية وفعلية في المساعي الحميدة الرامية لإنهاء هذه الأزمة عبر بلورة وترقية حل سلمي يضمن إعلاء مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة واحترام الشواغل الأمنية لطرفي النزاع اللذين تربطهما ببلدي أواصر صداقة تاريخية أصيلة.

 وفي ذات السياق، أكد عطاف أن الجزائر تكثف تعاونها مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها هذه الأزمة العالمية، لا سيما في شقها المتعلق بالطاقة، وذلك عبر مواصلة وتقوية دورها كممون موثوق وذي مصداقية عالية أكيدة.

كلمة وزير الخارجية: 

إن ما تشهده الساحة الدولية اليوم من تصدعات متسارعة وتوترات متزايدة وسط حالة من الاستقطاب الحاد، تشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لنا بالنظر لتداعياتها العميقة على مختلف مناحي الحياة الدولية.

فالعولمة السعيدة كما وصفت في تراجع، والترابطية لم تعد السمة الأولى للتعاون الدولي، ومنظومة الأمن الجماعي في تأزم مضطرد، وأطر الشراكات متعددة الأطراف قد انتابها انتعاش الأنانيات والتشكيك في الغير والانكماش على الذات، ومنظمة الأمم المتحدة لم يعد بإمكانها توفير الملجأ وضمان السند للمعوز والمغبون والمضطهد.

إن هذا الوضع يستوقفنا من جديد لتأكيد تمسكنا الجماعي بالمبادئ الأساسية والمثل العليا التي قامت عليها حركتنا واتخذت منها روافد صلبة وجعلت منها مصدر إلهام ثابت وعلة وجود لا تزعزع، والتي أثبت راهن الوضع الدولي العام مدى رجاحتها ومدى صوابها.

إن عدم الانحياز بالنسبة لنا لا يعني أننا ندير ظهورنا لمسؤولياتنا الدولية خوفا من ثقلها، أو تجنبا لدفع ثمن تحملها كاملة.

وعدم الانحياز لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يفسر على أنه إخلال بواجباتنا الدولية، انطلاقا من تقصير إرادي في الاضطلاع بها أو من باب التخوف من إملاءاتها.

وعدم الانحياز لا يمكن أن يوصف بتجمع اللامبالين أو اللامعنيين أو اللامتحمسين لشغل موقعهم الدولي تجنبا للتأثير عليه والتأثر بما يمليه من واجبات ومسؤوليات.

إن عدم الانحياز كما نتصوره، وكما نؤمن به، وكما نطبقه تطبيقا ميدانيا مستداما، هو اضطلاع بمسؤولية تاريخية وقيام بواجب ذي بعد سياسي سامي حق.

فالمسؤولية هي مسؤولية الإسهام في بناء منظومة علاقات دولية تشرك ولا تقصي، تطمئن ولا تقلق، تسد الحاجة ولا تحرم من سدها. ومعنى هذا، منظومة دولية يكون لبلداننا فيها صوت مسموع، وأمن مضمون، وسيادة مصانة، ومصالح محترمة.

وأما الواجب، فهو واجب احترام ما تمليه المنظومة الدولية التي ننتمي إليها من قواعد وثوابت وضوابط ومبادئ وقوانين تضمن التعايش الهادئ والآمن والنافع للجميع.

إن الجزائر التي تتأهب لشغل مقعد غير دائم بمجلس الأمن بفضل دعم ومساندة أشقائنا وأصدقائنا من الدول الأعضاء في تجمعنا هذا، تؤكد التزامها بكل هذه القيم والمبادئ التي تشكل مرتكزاً لمواقفها المتزنة والمتوازنة إزاء مختلف التطورات الإقليمية والدولية وتمثل في ذات الحين منبعاً لجهودها ومبادراتها الرامية للمساهمة في نشر الأمن والاستقرار.

من هذا المنطلق، جاءت مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون للوساطة بين روسيا وأوكرانيا كمساهمة جدية وفعلية في المساعي الحميدة الرامية لإنهاء هذه الأزمة عبر بلورة وترقية حل سلمي يضمن إعلاء مبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة واحترام الشواغل الأمنية لطرفي النزاع اللذين تربطهما ببلدي أواصر صداقة تاريخية أصيلة.

وفي ذات السياق، تكثف الجزائر تعاونها مع شركائها الدوليين للتخفيف من وطأة التداعيات التي خلفتها هذه الأزمة العالمية، لا سيما في شقها المتعلق بالطاقة، وذلك عبر مواصلة وتقوية دورها كممون موثوق وذي مصداقية عالية أكيدة.

وعلى الصعيد الدولي، تؤمن الجزائر ألا مناص من الانخراط بصفة جماعية وبطريقة فعلية في العمل الدولي متعدد الأطراف لبلورة حلول مشتركة وشاملة تعود بالخير والمنفعة على البشرية قاطبة.

أما فيما يتعلق بالأوضاع في محيطنا الإقليمي، فقناعتنا تبقى راسخة أنه لا يمكن مواجهة التحديات متعددة الأبعاد التي ترمي بثقلها على منطقة الساحل الصحراوي دون تفعيل العلاقة الترابطية الوثيقة بين الأمن والتنمية. وهو ما تسعى بلادي للمساهمة في تجسيده، ولو بالقسط المتواضع، عبر عديد المشاريع التنموية التي تم إقرارها لفائدة عدد من الدول الإفريقية الشقيقة.

كما تواصل بلادي مساعيها الهادفة لإعادة تفعيل مسار تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، ومساندتها للمسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا تحضيراً لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي في بناء دولة ديمقراطية عصرية واحدة موحدة.

وبخصوص الأزمة في السودان، فإننا ندين بأشد العبارات تواصل الاقتتال بين الأشقاء وما أسفر عنه من حصيلة مريعة من الخسائر، وندعو إلى هبة دولية يشارك فيها أبرز الفاعلين الدوليين والإقليميين للدفع بآفاق الحل السلمي لهذه الأزمة وإخراج السودان من دوامة العنف والانقسام.

إن مسيرة حركة عدم الانحياز الناصعة بأبهى صور التضامن مع الشعوب المضطهدة والمستعمرة والمليئة بأقوى المواقف في مناصرة القضايا العادلة عبر العالم، تملي عليها اليوم مواصلة وتكثيف دعمها لقضيتي فلسطين والصحراء الغربية، في وجه ما تتعرض له هاتان القضيتان من محاولات الطمس والتشويه والتدليس والتغليط.

في هذا الإطار، تشيد بلادي بالمواقف المبدئية التي تم تضمينها في مشروع البيان الختامي لاجتماعنا اليوم، من حيث أنها تدعم بكل وضوح وبكل شفافية حقوق الشعبين الفلسطيني والصحراوي غير القابلة للتصرف أو التقادم، وفقاً لقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وختاماً، أود التأكيد مرة أخرى على أن المرحلة الدقيقة التي يمر بها عالمنا اليوم وما تحمله من تحديات وتعقيدات، تعيد إلى الأذهان ظروف نشأة حركتنا ومسيرتها التاريخية لتسلط الضوء من جديد على الدور المنوط بنا كدول أعضاء وككتلة متجانسة يقع عليها مضاعفة جهودها من أجل ترقية علاقات دولية متوازنة وسلمية يسودها الاحترام بين الأمم في كنف القيم والمبادئ المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة، التي أبان الوضع الدولي الراهن كم نحن في أشد الحاجة للاستلهام بها والتعويل عليها والعمل بها ملتزمين غير متقاعسين وثابتين غير مترددين ومتيقنين غير مشككين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!