-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذه نتائج معركة الطوفان قبل أن تضع الحرب أوزارها…

هذه نتائج معركة الطوفان قبل أن تضع الحرب أوزارها…

بدأت معركة طوفان الأقصى في كل الحالات تكشف عن نتائجها، حتى قبل وضع الحرب أوزارها.. يمكن إجمال هذه النتائج في أربع مجموعات:

ـ الأولى وتتعلق بالكيان الصهيوني، إذ لن يكون هو ذاته بعد الطوفان. لقد انكشفت عيوبه، وبات واضحا أن مسألة زواله هي مسألة وقت لا أقل ولا أكثر. فصيل واحد من المقاومة بإمكانات ذاتية فعل به كل الذي فعل، فما بالك لو كان هذا الفصيل بإمكانه الحصول على السلاح والمال، بل وعلى الغذاء فقط، لَتَمكَّن من  إعادة الصهاينة إلى حجمهم الطبيعي، وحده، بدون حاجة إلى ساحات قتال أخرى.. من ناحية أخرى لقد سقطت عن الجيش الصهيوني الذي كان يُخيف كل المنطقة كافة أقنعته وبدا في أشد حالات الضعف من ناحية القدرات البشرية، لا هو يستطيع مواصلة المعركة ولا هو يستطيع تعزيز صفوفه بغير المرتزقة، وبات واضحا أنه يكفي في المعارك القادمة تحييد سلاح الجوّ ليُصبح هذا “الجيش القوي” في متناول أي فصيل من فصائل المقاومة، وهو ما سيحصل في حالة انتقال معركة الطوفان بنسخة مُطَوَّرة إلى داخل الضفة الغربية والأراضي المحتلة سنة 1948، وهي مرحلة قادمة بلا شك، عندها ستكون الحرب في تجمعات سكانية مختلطة بين فلسطينيين ويهود، ولن ينفع سلاح الجو إلا ضمن حدود معينة. ومعنى هذا أن معركة الطوفان حملت معها إشارات للمستقبل تدلُّ بوضوح عن اقتراب نهاية المشروع الصهيوني وبداية التخلي عنه كأداة للتحكم في الشرق الأوسط من قبل الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

ـ الثانية وتتعلق بدول التطبيع مع الكيان، إذ خَفَتَتْ جذوة التبشير بمزاياه أمام شعوب المنطقة، وتَبَيَّن لها أن الدول الأقل تطبيعا ليست بالأقل شأنا ولا الأقل وزنا، وأن الدول المُطبِّعة ذاتها أو التي هي في طور التطبيع أصبح بمقدورها تحقيق أو استعادة مكانتها الإقليمية من خلال أطر أخرى غير الإطار الأمريكي الصهيوني. لقد تهالك هذا الإطار وأصبح مُستَهلَكا، مقارنة بالأطر الجديدة المفتوحة مع الصين وروسيا وغيرها من القوى الدولية ذات الشأن اليوم وفي المستقبل. لذا فإن أسهم التطبيع ستخسر خسارات متتالية ولن تتوقف عن الخسارة، وهو الأمر الذي سيجعل التعامل معه يتم بروية أكبر، وقد يتوقف تماما حتى من قبل مؤيدي لهذا الطرح.

ـ الثالثة وتتعلق بالفلسطينيين أنفسهم، إذ بَيَّنت معركة طوفان الأقصى مَن المُقاوم الحق، ومَنْ يُناور باسم المقاومة، ومَن يقف ضد المقاومة، وتَبيَّن للجميع أن عدم وجود سلطة فلسطينية بالشكل الحالي هو أفضل من وجودها، بل إن مشروع السلطة الفلسطينية، تحت هيمنة الاحتلال وبتنسيق أمني مفروض عليها من قبل الاحتلال، هو أول ما ينبغي أن يتغير في المستقبل لصالح دولة فلسطينية بالمعنى الكامل للكلمة، وهذه الدولة لن يكون مُرَحَبا بها من قبل الكيان بصيغتها الجديدة، وهو موضوع المناورة الكبرى القادمة سواء كان ذلك ضمن مشروع حل الدولتين أو المبادرة العربية للسلام  2002. ومن شأن التناقض التناحري بين الطرفين الصهيوني والفلسطيني، أن يَمنَع تحقيق أي من الحَلّين، مما سيؤجج الصراع مرة أخرى في المنطقة.

ـ الرابعة وتتعلق بالرأي العالم الدولي، إذْ رغم الهيمنة الغربية ـ الصهيونية على أكبر وسائل الإعلام  في العالم، بدا واضحا أن تأثيرها أصبح يقلُّ تدريجيا مقارنة بالحروب والمعارك السابقة، بل إنه تم فضح بشكل واسع الغايات التوسعية والعنصرية للمشروع الصهيوني من قبل هيئات دولية (محكمة العدل) وشخصيات عالمية مرموقة، وجماهير، كما تم القضاء تماما على صفة المظلومية التي لطالما استعطف بها الكيان الصهيوني الرأي العام الغربي، واستخلص منها ما يُعرَف بـ”معاداة السامية”. لقد تمكنت معركة طوفان الأقصى من تغيير هذه المعادلة إعلاميا.

وعليه يُصبح لزاما علينا اليوم إدراك التغير الكبير الحاصل في المنطقة، وبناء عليه بداية التأريخ من الآن فصاعدا لِسياسات قائمة على منطق القدرة على الانتصار لا على حسابات الخوف من الهزيمة، وفي ذلك أكبر مساحة للأمل نعرفها إلى حد الآن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!