-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عقب الإعلان عن الاستيراد منتصف جانفي.. مهنيون لـ"الشروق":

.. هذه هي شروط استقرار اللّحوم الحمراء

نادية سليماني
  • 9830
  • 0
.. هذه هي شروط استقرار اللّحوم الحمراء
أرشيف

لطالما استعصت مشاكل شعبة اللحوم الحمراء، على الحلّ، لأسباب عديدة، وعلى رأسها سطوة المضاربين، غياب إحصاء دقيق للموالين الحقيقييّن، لدرجة أكد مربون أن 30 بالمائة منهم حقيقيون و70 بالمائة المتبقية مجرد سماسرة فقط، إضافة إلى الغلاء العالمي للحوم، مع ارتفاع تكاليف الشحن. ولأجل هذا، تسعى السلطة للضرب بيد من حديد، لإعادة أسعار اللحوم الحمراء إلى المتناول، عن طريق إجراءات عديدة، أهمها العودة إلى استيراد اللحوم الطازجة.
تعتبر عملية إحصاء الماشية بالبلاد، أول خطوة سليمة، لتنظيم سوق اللّحوم الحمراء، التي تعتبر الشعبة الوحيدة، التي استعصى على الدولة تنظيمها، بسبب كثرة المُتدخلين في هذا القطاع وغياب إحصائيات دقيقة للمربين ورؤوس الماشية، وانتشار المذابح غير الشّرعية.
وتقارب عملية الإحصاء على نهايتها، منذ انطلاقها في 15 نوفمبر من الشهر المنصرم، تتكفل بها لجان من مختلف الهيئات ويشرف عليها ولاة الجمهورية شخصيا، وبمرافقة من السلطات الأمنية. وحتى الموالون الحقيقيون، اقتنعوا بأهميتها، بعد تخوف كثيرين، اثر انتشار إشاعات أن العملية غرضها فرض ضرائب عليهم مستقبلا. وهو ما فندته السلطات المعنية تماما، مؤكدة أن الإحصاء يهدف إلى معرفة الثروة الحقيقية لرؤوس الماشية، إثر التضارب الكبير في الأرقام المقدمة، وأيضا لمعرفة كمية الأعلاف من شعير ونخالة، التي سيستفيد منها كل موّال مستقبلا.
وبعد الانتهاء، من عملية الإحصاء يسهل تتبّع مسار هذه الشعبة، للوصول إلى تحديد هامش ربع أو سعر ثابت يكون في متناول المواطنين.

التغير المناخي العالمي أثّر على سوق اللحوم
وساهم التغيّر المُناخي العالمي، في غلاء أسعار اللّحوم عالميا لدى الدول المُنتجة، وهو ما جعل الدولة ترافق المربين في جميع الشعب، أغنام وأبقار وجمال وماعز. وفي فيفري 2022، تمّ رفع حصة الشعير من 300 غرام إلى 600 غرام للمربين. مع إبرام اتفاقيات بين الموالين والجزائرية للحوم، تقضي بتوفير الأخيرة للأعلاف، مقابل حصول المؤسسة على اللحوم بأسعار تنافسية.
ولجأت السلطة أيضا، إلى استيراد اللحوم من بعض الدول الإفريقية المجاورة، التي تعتبر لحومها ذات قيمة غذائية هامة، وتسمين العجول بولايات صحراوية، وفتح مخابر بها بالصحراء لمراقبة جودة اللحوم المستوردة من الدول الإفريقية.
والخطوة القادمة، بحسب الرّئيس المدير العام للجزائرية للحوم الحمراء، تتمثل في السماح باستيراد اللحوم الطازجة أو المبردة ابتداء من منتصف شهر جانفي 2023، في حال بقيت أسعار اللحوم الحمراء مرتفعة. ولم لا تخفيض سعر كلغ اللحم إلى 1200 دج. وهي الخطوة التي ثمنها مهنيو الشعبة، داعين في الوقت نفسه إلى سلسلة إجراءات لضبط وتنظيم هذه السوق.

تشديد العقوبات أكثر على ذابحي “الخروفة ” وأنثى البقر
ثمّن رئيس الفدرالية الوطنية للحوم الحمراء ومشتقاتها، خيّر مروان، قرار استيراد اللحوم الطازجة، وهو المطلب الذي رافعت لأجله الفدرالية كثيرا وتسانده، معتبرا أنه أهم قرار بعد عملية الإحصاء الدقيق لرؤوس الماشية.
وقال في تصريح لـ “الشروق”، إن شعبة اللحوم الحمراء تحتاج لسلسلة إجراءات سريعة وحازمة، لحسن تنظيمها، نبدأها بتشديد العقوبات على كل موّال أو جزار يذبح أنثى الغنم “الخروفة ” أو البقر، لأن الأنثى هي الأساس في وفرة رؤوس الماشية.
كما أن عملية الإحصاء الأخيرة، ستمكّن من تحديد الاحتياجات المحلية والمستوردة من اللّحوم الحمراء، وحسبه “كنا نستهلك بين 40 إلى 50 بالمائة من اللحوم المستوردة، والباقي منتج محلي، وفي هذه الفترة ضيّعنا فرصة خلق وفرة في إنتاجنا المحلي.. والآن بتنا نستهلك 100 بالمائة منتج محلي، بعد وقف الاستيراد، بسبب تضخم فاتورة الاستيراد، ومع غلاء الأعلاف 100 بالمائة، حصلت ندرة، وارتفعت أسعار اللحوم بصورة جنونية” على حدّ قوله.
وأضاف، أنه بعد حصول ندرة، اضطر الموالون لبيع “الخروفة” وأنثى البقر للمذابح، وهو ما ساهم في القضاء على ثروتنا الحيوانية.

يهمّنا توفر العلف باستمرار أكثر من دعمه
والحلول المستعجلة، حسبه، هي الانطلاق في تربية أنثى الخروف والأبقار التي لم تلد بعدُ، وتوفير كل ما يلزم المربي، وعلى رأسها الأعلاف “ولا نريد إنقاصا في أسعارها، بقدر ما نبحث عن ديمومة حصولنا عليه، وفي جميع الأوقات، فالمُربّي يتحصل على العلف 3 مرات في السنة، والكمية تنتهي في ظرف 20 يوما، ما يجعله يشتريها مضطرا من السوق السوداء أو المضاربين.
وكما أن استيراد اللحوم الطازجة أو المبردة قبل شهر رمضان 2023، سيساهم في خفض أسعار اللحوم، ويجعلنا نخلق وفرة في الثروة الحيوانية.

إنجاز مذبح عصري يساهم في ضبط الأسعار
وعاود رئيس الفدرالية التطرق لمشكلة غياب مذبح وسوق جملة للحوم الحمراء يساهم في ضبط الأسعار ومراقبة المنتوج”، حيث كثر بشأنه الحديث دون أن يتجسد شيء على أرض الواقع، مشيرا إلى أن “مذبح الحراش صغير وقديم، والجزائر بحاجة إلى واحد كبير وعصري”.
وفنّد المتحدث وجود مضاربة في اللحوم، فالأسعار، حسبه، يُحدّدها المربي أو الموال، الذي يعتمد بدوره على قانون السوق أي العرض والطلب، موضحا أنّ “بائع اللحوم يستحيل أن يرفع الأسعار عشوائيا، لأن اللحم مادة سريعة التلف، ولابد من تسويقها. وبالتالي، فالسوق هي من تتحكم في السّعر، وهو ما يقودنا إلى صعوبة تسقيف الأسعار وتسقيف هامش ربح معين”، إلا في حال كانت السلطات العمومية هي من تبيع اللحوم مباشرة إلى التجار”.
كما يصعب تحديد هامش ربح، بسبب جهل الجزار لمقدار ربحه، قبل بيع بضاعته كاملة، ووضّح قائلا: “الجزار لما يشتري عجلا أو نصف عجل، لا يمكنه تحديد مقدار الربح، لأن المستهلك لا يشتري الشحم وبعض الزوائد، وبعد نزع العظم ويمكن حساب الربح”.

قلة التساقط وغياب المراعي أنهك الموّال
وقال المكلف بالإعلام بالفدرالية الوطنية للموالين، ابراهيم عمراني، بأنه لا يمكن تسقيف أسعار اللحوم الحمراء، في ظل الندرة ووجود عزوف عن مهنة الموّال، بسبب الغلاء الكبير في الأعلاف.
وأضاف: “لا يمكن للموالين معارضة عملية استيراد اللّحوم الطازجة، لأنها تصب في فائدة المستهلك”.
ويأمل عمراني، أن تنظر الدولة إلى انشغالات الموالين، مثلما تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المستهلكين، وقال: “قلة تساقط الأمطار، تسبب في انعدام الغطاء النباتي، وارتفاع أسعار الأعلاف”.
وقال أيضا: “السلطات المحلّية وعدتنا بتوزيع مادة الشعير قريبا، بعد ضبط قوائم المستفيدين، وإلى الآن لم تنطلق العملية باستثناء الجلفة والنعامة، باعتبارهما منطقتان كبيرتان، ولديهما رؤوس ماشية معتبرة”.

البيع صار من الموّال إلى الجزار
وثمّن المتحدث، عملية إحصاء رؤوس الماشية، التي تدخل أسبوعها الثالث، مناشدا اللجان المسؤولة عنها “بتسريع العملية وتيسيرها على الموال، لغرض إعادة فتح الأسواق، وإخراج المواشي بحثا عن الكلأ. فالموّال بات يبيع جزءا من مواشيه لغرض إطعام بقيتها”.
وأضاف، هذه المشاكل، عكست معادلة البيع الطبيعية، إذ باتت تتم من الموال إلى الجزار مباشرة، وهو ما يساهم في تراجع أعداد الثروة الحيوانية، دون الحديث عن ذبح “الخروفة” و”النعجة” من طرف بعض الجزارين والمذابح غير الشرعية.

تطهير الشعبة من أشباه الموالين
بدوره ثمّن، رئيس منظمة “حمايتك” لحماية المستهلك، محمد عيساوي في تصريح لـ “الشروق”، قرار السماح باستيراد اللحوم الطازجة منتصف شهر جانفي المقبل، مثلما وعد به المدير العام للجزائرية للحوم.
ودعا المتحدث إلى إجراءات متكاملة “لأنّ عملية استيراد اللحوم، تعتبر حلاّ ظرفيا وموسميا، استعدادا لشهر رمضان، ولكن الحلول الدائمة ستكون بعد انتهاء الإحصاء الكامل للماشية، الذي سيوفر قاعدة بيانات تبنى عليها استراتيجية مستقبلية لتنظيم شعبة اللحوم”.
وركّز عيساوي، على ضرورة إشباع السوق الجزائرية، عن طريق استيراد أبقار وسلالات، من أجل تكوين سلالة محلية لديها طاقة إنتاجية أكثر، عبر مراكز مُخصّصة”. وأشار إلى إنشاء مزارع نموذجية لتربية الأبقار والخرفان، وزراعة الأعلاف، يقضي على أزمة الأعلاف ويمتص البطالة، ويتحكم في أسعار اللحوم، ويقضي على أزمة الحليب.

مزارع نموذجيّة للأبقار والأغنام.. هو الحلّ
ودعا عيساوي، إلى تطهير الشعبة من أشباه الموّالين، وقال ” الموّالون يُؤكدون بأن 30 بالمائة منهم حقيقيون، والبقية مضاربون ينشطون بطريقة غير قانونية”. ومشددا على ضرورة مراقبة بائعي الأغنام والأبقار والمشترين عند دخول الأسواق، إذ لا يحق ممارسة النشاط إلا للحاصلين على بطاقة موال، يراقبها أعوان مديريات الرقابة وأفراد الدرك الوطني.
وحسبه، لن تُنظّم أيّ شعبة، في ظل “غياب مقاربة تشاركية بين مختلف الفاعلين في القطاع، ولذا نتمنى إشراك جمعيات حماية المستهلك في أي عملية تنظيمية”.
من جهته، أقرّ رئيس المجلس المهني المشترك لشعبة اللحوم الحمراء، ميلود بوعديس، بارتفاع أسعار اللّحوم الحمراء مقارنة بمدخول المواطن، مرجعا ذلك إلى زيادة كل التكاليف في أوروبا، وهذا بالنسبة للحوم الأبقار. والحلّ، حسبه، هو في إلغاء الرسوم وحقوق الجمركة على استيراد العجول، مشيرا إلى أن الإعفاء من رسوم القيمة المضافة على الأعلاف غير كاف لوحده.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!