هكذا قضت غرداية على استعمال المفرقعات في المولد النبوي

تختلف مراسيم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عبر التراب الوطني من جهة إلى أخرى ولكن للاحتفال به في ولاية غرداية نكهة خاصة جدا ،”انارن” أو المصباح الزيتي الذي أضاء المنازل والمساجد وحتى الأزقة داخل أسوار القصر أصبح تقليدا راسخا يزين مواكب المحتفلين بالمولد النبوي عبر أزقة المدينة حيث تنطلق الاحتفالات بالتجمع في ساحة القصر مع غروب شمس ليلة المولد النبوي وهم يرددون: “المولود المولود المولود النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وينال البركات كل من صلى عليه” كنوع من الإيعاز من ضابط الإيقاع ورد الجمهور له ومن ثم يتنقلون على شكل مجموعات لتلتحق بالمحضرة التي تقع أعلى القصر، وتلك المجموعات تنشر الأهازيج عبر كل أزقة القصر المؤدية إلى المحضرة لتعم البهجة الجميع.. وفي آخر المطاف يتجمعون في المحضرة مواصلين ترديد الأهازيج ليتسلم الشيخ مكبر الصوت ليعلن تلاوة آيات بينات تتلى جماعيا ليختمها بدعاء لينصرف الجميع إلى منازلهم للاحتفال مع ذويهم بالمناسبة. وهذا لاستذكار مآثر الرسول ص. كل هذا يحدث في تنظيم محكم يقوم به متطوعون تعينهم الهيئة الدينية للقصر. وتجدر الإشارة إلى أن هناك من اضطرته الظروف إلى العمل خارج الولاية، فإنهم يتكبدون عناء التنقل من أجل المشاركة في الاحتفال مع الأهل والأقارب ولا يفوتون الفرصة.
وللعودة إلى أصل الاحتفالية، فإنها، حسب الروايات المتوارثة، بمناسبة المولد النبوي الشريف، وتعتبر مناسبة لجمع ضريبة الإنارة كنوع من ضريبة التسيير الحضري التي نعرفها في هذا العصر، وهي مقدار من زيت الإنارة يجمعه القائمون على القصر ليتم استغلاله في إنارة المدارس القرآنية والمساجد وحتى الأزقة الرئيسة بالتوازي مع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف انارنو. ولدى توفر الكهرباء في عصرنا الحالي، تحولت إلى تراث.
ولكن تبقى العبرة من كل هذا أن هذا الاحتفال استطاع إزاحة المفرقعات من عرشها ليحل محلها في احتفال هادئ مستمد من تراث المنطقة، حيث لا يسمح القائمون على التظاهرة بأي مظهر من مظاهر التراشق بالمفرقعات إطلاقا، وهو ما وقفنا عليه، فلا تكاد تسمع أصوات التفجيرات في محيط القصر إلا أصوات الأطفال يتبادلون الأهازيج مع ضابط الإيقاع وهو ما ينعكس على إحصائيات الحرائق والإصابات التي تبقى ضئيلة جدا بالمقارنة بأحياء أخرى.
ق.م