-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
التحقيق المالي الموازي يكشف حقائق مثيرة:

هكذا يتم تمويل الإرهاب بأموال الجنّات الضريبية

نوارة باشوش
  • 2951
  • 0
هكذا يتم تمويل الإرهاب بأموال الجنّات الضريبية
أرشيف

أماط قضاة التحقيق لدى مختلف المحاكم التابعة لمجلس قضاء الجزائر، اللثام عن العلاقة المباشرة بين الإرهاب وغسيل الأموال، وعن طريقة استخدام المجرمين للمنظومة المصرفية والممرات البنكية لشرعنة عائدات مالية أو تبييضها، ثم استفادة الإرهابيين منها، وشددوا على أهمية “التحقيق المالي الموازي” في كشف مسار الأموال المهربة إلى الخارج، وبالضبط إلى الدول المعروفة بـ”الجنّات الضريبية”.
وفصّل القضاة مطولا في الأسباب الرئيسية التي دفعت بالمشرع الجزائري إلى إصدار قانون جديد لمحاربة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رقم 01 ـ 23، والذي يهدف إلى تعزيز ترسانتها القانونية لحماية الاقتصاد والمنظومة المالية والبنكية ومواكبة المستجدات الدولية، وتكييف المنظومة القانونية بما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي انضمت إليها الجزائر.

تفاصيل مثيرة عن إرهابي جزائري أنشأ “إمبراطورية” في الخارج
وفي هذا السياق، كشف قاضي التحقيق لدى القطب الاقتصادي والمالي، عبد المومن مويسي، الأحد، في تدخله خلال اليوم الدراسي حول “تجريم أفعال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب” المنظم بمجلس قضاء الجزائر، تفاصيل مثيرة عن قضية تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، تورط فيها جزائري يدعى “ب.أ”، إذ توصلت التحقيقات إلى اكتشاف “مملكة” أنشأها هذا الإرهابي المتورط في عدة جرائم قتل في الخارج، منها عقارات وأموال باسمه وبأسماء أبنائه في كل من الإمارات وفرنسا.
وأشار ممثل القطب الاقتصادي والمالي، إلى أهمية التحقيق المالي الموازي، الذي جاء في المادة 2 من القانون 23 ـ 01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحته، والذي يسمح بالكشف عن مسار الأموال المبيضة وقال إن “القانون الجديد يعتبر ثورة حقيقية في مجال التركيبة القانونية من خلال الأدوات التي منحها المشرع لرجال إنفاذ القانون”.
وخاض قاضي التحقيق في تفاصيل قضية الإرهابي “ب.أ”، منذ انطلاق التحقيق وشبهة علاقة المتهم بالمنظمة الإرهابية التي تنشط بالخارج ودوره كوسيط في هذه المنظمة من خلال استقطاب الشباب البطال وتجنيدهم باستعمال أموال مجهولة المصدر، لفائدة المدعو “ت. ت” المغربي الجنسية المكلف بالتخطيط وارتكاب تفجيرات في أوروبا، مرورا بالتحقيقات في ذمته المالية هو وأفراد عائلته وأبنائه القصر، والتي قامت بها نفس الجهات القضائية من خلال مراسلة خلية الاستعلام المالي، المديرية العامة للأملاك الوطنية، مديريات أملاك الدولة، البطاقية الوطنية للسكن وكل الجهات المعنية، والتي أسفرت عن حيازة الإرهابي الجزائري على عقارات وأملاك وشقق وفيلات وأرصدة بنكية بالعملة الوطنية والصعبة الناتجة عن عائداته الإجرامية التي تم تبييضها في الجزائر وفرنسا والإمارات، وصولا إلى حجز وتجميد قاضي التحقيق بصفة تحفظية جميع الممتلكات العقارية والأرصدة المالية لهذا الإرهابي.
من جهته، ركز قاضي التحقيق لدى محكمة الحراش عمر الصديق رياش، خلال مداخلته على الإطار القانوني لجريمة تبييض وتمويل الإرهاب على ضوء الاتفاقيات الدولية والتشريعات المقاربة، حيث تطرق إلى 3 محاور مهمة، الأول يتعلق بمكافحة تبييض الأموال واتفاقية الأمم المتحدة على غرار اتفاقية فيينا 1988، وكذا قرارات لجنة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات 1988 والتي تشدد على ضرورة الإبلاغ عن الصفقات المشبوهة أو الغريبة إلى الوحدة المركزية للتحليل المالي، مع تشديد الرقابة على البنوك والمؤسسات المصرفية.
أما المحور الثاني الذي تطرق إليه القاضي، فيتعلق بتمويل الإرهاب والاتفاقيات الدولية لمكافحة هذه الجريمة الخطيرة، واستدل بالواقعة التي عرفتها الجزائر خلال السنوات الماضية والمتعلقة بـ”الروتاري”، الذي جاء لينشط في الجزائر تحت شعار إنساني ظاهريا، لكنه باطنيا له أغراض إرهابية، أما المحور الثالث فيتعلق بالتشريعات المقارنة، حيث تطرق القاضي إلى قانون الإمارات العربية المتحدة كنموذج.
وبالمقابل، فإن قاضي التحقيق لدى محكمة الرويبة، ياسين شينة، شرح الأحكام الجديدة لجريمة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب الواردة بالقانون 23 ـ 01، والتي قال عنها إنها تتضمن جملة من التعديلات تتعلق بالتدابير المستحدثة لفرض الرقابة على العمليات المالية التي تتم باسم أو لحساب زبائن البنوك، على غرار تلقي الأموال والودائع الأخرى والقروض وغيرها من العمليات الأخرى، لمنع أي عمليات مالية مشبوهة الجهة والمصدر الأصلي للأموال.
كما شدد القانون الجديد -حسب نفس المسؤول القضائي- على ضرورة الإبلاغ عن العمليات المشبوهة، إذ “يلزم المؤسسات المالية وغيرها، بإبلاغ خلية معالجة الاستعلام المالي، بكل عملية يشتبه بأنها تتعلق بأموال متحصل عليها من جريمة أصلية أو مرتبطة بتبييض الأموال أو لها علاقة بتمويل الإرهاب أو تمويل انتشار الأسلحة”.
من جهة أخرى، يقول قاضي التحقيق لدى محكمة الرويبة أن التعديلات الجديدة سمحت للسلطات بمصادرة الأموال المشبوهة، حتى في حالة غياب حكم بالإدانة، إذا كانت تشكل عائدات ناتجة عن ارتكاب الجرائم المتعلقة بالعمليات المالية، أو تنفيذا لطلبات صادرة عن دولة أجنبية لمصادرة الأموال الناتجة عن جرائم، في إطار التعاون الدولي لطلبات التحقيق والإنابات القضائية الدولية وتسليم الأشخاص المطلوبين.
وبدوره، قال النائب المساعد لدى مجلس قضاء الجزائر أمين غربي إن التعديلات التي تم إدخالها في القانون الجديد23 ـ 01 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحته، تأتي في سياق تكييف المنظومة القانونية في الجزائر مع المستجدات الدولية، وبما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها، بما يعزز آليات حماية الاقتصاد الوطني والمنظومة المالية والبنكية من هذا الشكل الخطير للإجرام، واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة لتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!