-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل اقترب أوان خروج الدجّال؟!

سلطان بركاني
  • 9891
  • 0
هل اقترب أوان خروج الدجّال؟!

روى الإمام ابن ماجة في سننه بسند صحيح، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ قبل خروج الدجال ثلاثَ سنوات شداد، يصيب الناسَ فيها جوعٌ شديد، يأمر الله السّماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها، ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا يبقى ذات ظلف (المواشي) إلا هلكت؛ إلا ما شاء الله، قيل: فما يُعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير، والتحميد، ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام”.

لا يجوز لنا أن نرجم بالغيب ونجزم بأنّ الحديث يخصّ سنواتنا هذه التي نعيش أيامها ولياليها بالنّظر فقط إلى أنّنا نعاني جفافا مخيفا هذا العام، خاصّة أنّ الدجّال لن يخرج حتّى يظهر قبله المهديّ وتمرّ بضع سنوات على ظهوره، ولكن ينبغي لنا أن نخاف ونحذر من أن يكون جيلنا هذا هو الجيلَ الذي يدرك أعظم فتنة تعرفها البشرية من يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم السّاعة، فتنة الدجّال الذي يظهر في وقت ينساه فيه النّاس ولا يتحدّث عنه إلا قليل منهم، بل حتّى المنابر تذهل عنه ولا تأتي على ذكره.. في وقت يزهد فيه الناس في العلم الشّرعيّ، ويخفّ فيه الدّين وتفسد ذات البين.. وها نحن في زماننا هذا نسينا أمر الدجّال وما عدنا نتحدّث عنه، وحتّى من يريد الحديث عنه في بين النّاس وفي مواقع التواصل يخشى أن يواجه بالتّسفيه والاستهزاء.. يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “لا يخرج الدجّال حتّى يذهل النّاس عن ذكره، وحتّى تترك الأئمة ذكره على المنابر” (رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على المسند)، ويقول أيضا: “يخرج الدجال في خفة من الدين وإدبار من العلم” (أخرجه الحاكم).

لهذا فتنة الدجّال هي أعظم فتنة

كثير من المسلمين يظنّ أنّ أمر الدجّال هيّن وسهل، لأنّ على جبينه كلمةَ كافر أو كفر، وينسون أنّ هذه الكلمة لن يراها إلا عباد الله المؤمنون حقا.. صحيح أنّ الدجّال من البشر، لكنّه يأتي بأمور خارقة للعادة تفتن من ملأت الدّنيا قلوبهم، بل يفتن بعض من يثقون بإيمانهم: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:  ‏”‏ما أهبط الله -تعالى- إلى الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أعظم من فتنة الدجال”، ويقول أيضا: “من سمع بالدّجّال فلينأ عنه، فواللّه إنّ الرّجل ليأتيه وهو يحسب أنّه مؤمن، فيتّبعه ممّا يبعث به من الشّبهات” (رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم).

يخرج الدجّال ومعه جنة ونارً، جنته نار وناره جنّة، ومعه أنهار الماء -في زمن الجفاف- وجبال الخبز -في أيام الجوع- يأمر السماء أن تمطر فتمطر بإذن الله، والأرض أن تنبت فتنبت بإذن الله، وتتبعه كنوز الأرض من الذّهب والفضّة والأموال، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة، والأعظم من هذا أنّه يبرئ -بإذن الله- من أمراض مستعصية، حيث يشفي -بإذن الله- الأكمه أي الكفيف الأعمى، والأبرص: أي الذي ابتلي بمرض جلديّ مستعصٍ، والأكثر فتنة من هذا أنّه يحيي الموتى بإذن الله، وقد ورد في الحديث أنّ الدجّال “يأتي القوم فيدعوهم فيستجيبون له، ويؤمنون به، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين، ما بأيديهم شيء، ثم يمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك فينطلق، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف ضربة، فيقطعه جزلتين، رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل يتهلل وجهه يضحك”.

كلّ الأنبياء حذّروا أقوامهم من فتنة الدجّال، والنبيّ الخاتم -عليه الصّلاة والسّلام- كان أكثر الأنبياء تحذيرا من الدجّال، وأكثر بيانا لأوصافه، فقد ذكر -عليه السلام- أوصافه، حتّى لكأنّ قارئ الأحاديث يرى الدجّال أمامه؛ وخلاصة ما ورد في شأنه أنّه شاب يهوديّ أسمر، عظيم الجثّة عظيم الرّأس عريض الرقبة، أفحج (متباعد الفخذين)، جعد الرأس كثيف الشعر، أجلى الجبهة، مكتوب على جبهته “كافر” أو “كفر”، عينه اليسرى مطموسة ممسوحة لا يبصر بها، وعينه اليمنى يبصر بها لكنّها جاحظة كأنّها كوكب أخضر.. يخرج من جهة المشرق من خراسان، في المكان الذي يكثر فيه اليهود بأصبهان في إيران، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلداً إلا دخله، إلا مكة والمدينة، فلا يستطيع دخولهما لأن الملائكة تحرسهما، وكذلك لا يدخل مسجد الطور، ولا المسجد الأقصى.. يُكرِم من آمنوا به وصدّقوه بالكنوز والأموال، ويأمر السّماء أن تمطر عليهم، وتمتلئ ضروع مواشيهم بالحليب وأجسادها باللّحم، أمّا من كفروا به فإنّهم يبتلون بالحرمان وتواصل الجفاف وهزال المواشي وجفاف ضروعها.. فيُفتن به الكفّار جميعا من اليهود والنّصارى والبوذيين وأتباع الديانات المختلفة. ويتبعه بعض المسلمين الذين ملأ حبّ الدّنيا قلوبهم.

واقعٌ يجعل مهمّة الدجّال سهلة!

من واجبنا أن نحذر فتنة الدجال، خاصّة ونحن نرى بين المسلمين من يلهث خلف المال في شره عجيب، ويبيع لأجل المال والمنصب دينه؛ يترك لأجلهما صلاته ويعقّ والديه ويقطع أرحامه.. وكيف لا نخشى فتنة الدجال ونحن نرى كثيرا من شبابنا يترك الواحد منهم دراسته ويضيّع دينه ومستقبله لأجل فتاة لعوب؟ كيف لا نخاف فتنة الدجّال ونحن نرى بعض نساء وبنات المسلمين يعبدن الذّهب ويتحنّثن لأدوات التجميل، ويتنافسن تنافسا محموما في المظاهر؟ كيف لا نخاف فتنة الدجال ونحن نرى أكثر شبابنا قد أشرعوا أفواههم لما تنقله مواقع التواصل، يتبنّون كلّ فكرة خادعة ويصدّقون كلّ خبر ويشيعونه من دون أن يتثبّتوا؟ كيف لا نخاف فتنة الدجال ونحن نرى بعض شبابنا يُرخون أسماعهم لدجاجلة العصر من أدعياء الفكر والتنوير والحداثة، يصدّقونهم ويصفّقون لهم ويتّخذون فكرهم دينا. إذا كان هذا صنيعهم مع أدعياء الفكر والحداثة والتنوير، فكيف ستكون حالهم مع الدجّال ومعه الخوارق المبهرة والشّبهات؟! كيف لا نخاف فتنة الدجّال ونحن نرى بعض شبابنا يتنصّرون بسبب شبهات ساقطة لا تساوي فلسا، ونرى بعض شبابنا يعتنقون الإلحاد والعلمانية والإنسانية وحتّى النسوية، ويعتنقون المذاهب المنحرفة؛ فمنهم من يعتنق التشّيع مذهب اللّطم والتطبير والمتعة والأخماس واللّعن والطّعن، ومنهم من يعتنق مذهب الإرجاء المدخليّ مذهب الدّفاع عن الظّالمين المفسدين والطّعن في العلماء والدّعاة والمصلحين؟!

كيف لا نخاف فتنة الدجّال وكثير من المسلمين في هذا الزّمان يلقون أسماعهم لمن يشكّكهم في الكتب والمصادر التي جمعت أحاديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ويسمعون لمن يشكّكهم في عذاب القبر ونعيمه، ومن يشكّكهم في ظهور الدجّال وفي في كثير من أحداث آخر الزّمان التي أخبر بها النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-؟!

الواقع الذي صارت إليه البشريّة، وواقعنا الذي صرنا إليه نحن المسلمين، يدلّ على أنّ فتنة الدجّال ستكون فتنة عظيمة، وقد تنبّأ الحبيب الذي لا ينطق عن الهوى بذلك.. هي فتنة عظيمة لا يعصم منها ذكاء العبد، إنّما العاصم منها الاعتصام بحبل الله، وطلبُ العلم الشّرعيّ الصّحيح، وإصلاح القلوب والأعمال والأقوال والأحوال، والتوبة من المعاصي والذّنوب، وكثرة التعوّذ بالله من فتنة الدجّال.

الدّجاجلة الممهّدون!

اهتمامنا بفتنة الدّجّال وحذرُنا منه، لا ينبغي أن يلهيانا عن دجاجلة العصر وما أكثرهم، هؤلاء الذين يمهّدون للدجّال ويسهّلون مهمّته، يملؤون القنوات ويلمّعهم الإعلام. دجاجلة العصر من الملاحدة والعلمانيين ونابذي شرع الله الذين يشيعون الفساد ويزيّنونه ويلمّعون المفسدين ويرفعونهم، ويحاربون الصّلاح ويشوّهونه، ويحاصرون الصّالحين وينفّرون منهم. يقول النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: “إنّ بين يدي الساعة سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذَّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة”. قيل: وما الرويبضة؟ قال: “الرجل التافه يتكلم في أمر العامة” (رواه أحمد وابن ماجة وغيرهما).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!