-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تكفي ثلاث سنوات إضافية؟

بشير مصيطفى
  • 4450
  • 1
هل تكفي ثلاث سنوات إضافية؟

ينتظر أن يعلن، اليوم الخميس، من مقر المفوضية الأوربية في بروكسل عن اتفاق نهائي مع الاتحاد الأوربي لتمديد البرنامج الثاني من اتفاقية الشراكة بين الجانبين والمقرر في 2017 بـ3 سنوات.

  • ويتعلق الأمر بقائمة السلع الصناعية ونصف المصنعة المعرضة للتفكيك الجمركي بنسبة 100 بالمائة، ومن المنتظر أن يتم التوقيع عن الاتفاق الجديد في اجتماع مجلس الشراكة الجزائري الأوربي المنتظر انعقاده في 21 جوان الجاري. يأتي هذا تماشيا مع التوقعات التي نشرناها بعيد الاجتماع الخامس للمجلس المذكور في اللوكسمبورج شهر ماي من العام الماضي، ويأتي أيضا بعد أن أعلنت الحكومة الجزائرية على تخصيص 5.5 مليار دولار لتأهيل 20 ألف مؤسسة وطنية على سلم التنافسية وأياما قليلة بعد الاعلان عن إطلاق منطقة للتبادل الحر بين 26 دولة شرق افريقية في جوهانسبورج ـ جنوب افريقيا الأحد الماضي. وهكذا تستنفد الجزائر آخر فرصة لها في مجال الضبط القانوني لاتفاقية الشراكة الأورو-جزائرية الموقعة العام 2001 والمنفذة العام 2005 حيث نصت الاتفاقية على إمكانية ضبط رزنامة التفكيك الجمركي في حالة تضرر أحد الأطراف، وبالفعل تضررت الجزائر كثيرا جراء توقيع اتفاق تجاري بحجم الشراكة مع رقعة اقتصادية تضم إليها 27 دولة منها ثاني دولة مصدرة في العالم هي ألمانيا وتساوي في منطق التجارة بين الدول نسبة 38 بالمائة من إجمالي التجارة العالمية، وتشكل أول قطب صناعي في العالم بنسبة 26 بالمائة من الناتج العالمي أي 15 تريليون دولار أي 100 مرة الناتج الداخلي الخام في الجزائر، وخسرت الجزائر حتى الساعة من هذه الاتفاقية 2.5 مليار دولار لصالح الجانب الأوربي دون أن تجني من ذلك شيئا يستحق الذكر.
  • فما دلالة مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي في جانب جاهزية المؤسسة الجزائرية للتنافسية الاقليمية؟ وإلى أي حد يشكل تاريخ 2020 تاريخا مناسبا كي ننتقل في علاقتنا بالاتحاد الأوربي من وضعية المتضرر إلى موقع الشريك الفعلي؟
  • صراع الفكرة
  • قالت الجزائر إنها لم تستفد شيئا من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي بل خسرت فرصا مهمة في خانة إيرادات الخزينة وحفز الإنتاج الوطني قدرت لحد الساعة بـ2.5 مليار دولار منذ العام 2005. ولا تخص هذه الخسارة سوى الشطر الأول من أجندة الاتفاقية الممتدة عبر 3 برامج مبنية على التفكيك التدريجي للحقوق الجمركية أولا، وثانيا على قائمة المنتجات التي تخضع لآلية التفكيك الجمركي أي أدوات الإنتاج والمادة الأولية، التجهيزات والمواد نصف المصنعة، وأخيرا المنتجات كاملة الصنع.
  • ويعني ذلك – على سلم الأسواق – قيودا إضافية غير الخسارة المصرح بها تخص سياسة الاستثمار والتشغيل المعلن عنها في مرحلة الاصلاحات الحالية، حيث من الصعب تصور نشوء مؤسسة اقتصادية محلية وناجعة في جوار مؤسسات دولية تتمتع برعاية خاصة من حكوماتها وبتحكم أفضل في تكاليف الانتاج، وخاصة في القطاعات التي تراهن عليها الجزائر أي الصناعات البتروكيمياوية، الصناعات الغذائية، الصناعات الصغيرة والمتوسطة، الصناعات الميكانيكية والالكترونية والصناعات عالية التكنولوجيا والخدمات. ويلاحظ على التصريحات الأولية للجانبين الجزائري والأوربي في هذا الموضوع – والتي تعود إلى الاجتماع الرابع لمجلس الشراكة الجزائري الأوربي العام 2009 – الحرص الوطني على تثمين اتفاقية الشراكة على سلم تقاسم الفرص وحماية الصناعات الناشئة في الجزائر في حين يأتي الخطاب الأوربي في سياق أفكار أخرى هي: سياسة الجوار، الأمن في منطقة الساحل ومكافحة الارهاب والمخدرات، حقوق الانسان، الحريات، المجتمع المدني وإلى حد ما تحسين مناخ الاستثمار الذي يأتي في نفس السياق. حقيقة هناك موضوع واحد بالنسبة للجزائر وهو تحقيق شراكة استراتيجية عادلة ومتكافئة من جانب الفرص، وهناك مواضيع متعددة بالنسبة للطرف الأوربي ليس أقلها أهمية الأمن والأمن الطاقوي والاستمرار في التقسيم الدولي للعمل على أساس “التفوق” وليس بالضرورة “تقاسم المنافع” كما تدل عليه اشتراطات الطرف الأوربي عند كل مسعى تفاوضي.
  • صوت جزائري واحد وأصوات أوربية متعددة
  • ليس لأوربا رأي خارج آلية “مجلس الاتحاد الأوربي” الذي ينعقد دوريا للتداول في شؤون الاتحاد، وداخل المجلس قوى اقتصادية مهمة ليس أقلها شأنا فرنسا وألمانيا، وهما الدولتان اللتان تتزعمان التجاذب السياسي داخل الاتحاد وغالبا ما يقفان على طرفي اختلاف في الموضوعات الدولية. ولكن آخر اجتماع لمجلس الاتحاد ربيع 2010 فاجأ جميع الملاحظين بتوافق ألماني فرنسي بل أوربي على أفكار محددة يجب النظر فيها عند تحسس أي موقف محتمل للاتحاد من القضايا الاقليمية ومنها موضوع الشراكة مع الجزائر.
  • ويأتي ضمن أولويات الحكومات الأوربية حسب التوافق المذكور: إعادة ضبط السياسات الاقتصادية بين دول الاتحاد وفق معايير التوازن الكلي للاقتصاد، الاستقرار النقدي والمالي، النمو والتشغيل. وبطبيعة الحال، فإن المواضيع المذكورة التي ستصبح أهدافا استراتيجية للاتحاد للسنوات الثماني القادمة أي لآفاق العام 2020، ستؤطر – في نفس الوقت – لعلاقات جديدة مع دول الجوار والدول الشريكة ومنها الجزائر. علاقات جديدة في الأفق مطلوب من واضعي السياسات في بلادنا الاستثمار فيها من خلال برامج التمويل والتجارة والطاقات المتجددة والبيئة، وأكثر من ذلك في مجال الاستفادة من الخبرات الأوربية في الادارة الاقتصادية، ونظم المواصفات وأنماط الانتاج الجديدة. نحن نحتاج بالفعل الى تحرير مناخ الأعمال وتحسين الادارة الاقتصادية وتطبيق الشفافية في مجال الصفقات، وفي خطوة جريئة الى تحرير القطاعين المالي والبنكي للسماح للرأسمال الوطني بالتداول داخل السوق الوطنية بشكل أكثر نجاعة، وباختصار نحن بحاجة الى أخلقة الاقتصاد كي يواكب معايير الصرامة في الجانب الأوربي، ومن دون ذلك ربما يتكرر المشهد السابق ونعود الى نفس نقطة البداية، ولكن في ظروف أخرى قد لا تكون بالضرورة في صفنا.
  •  
  • المطلوب جزائريا
  • سينعقد مجلس الشراكة الجزائري – الأوربي في 21 جوان الجاري في ظل خطة الاتحاد للعام 2020 واهتمامات مختلفة حيث سيدفع موضوعا النمو والتشغيل بدول منطقة اليورو وبريطانيا الى تشديد الرقابة على الموازنات وانتهاج سياسات توسعية لامتصاص البطالة التي بدأت تقترب من سقف 10 بالمائة، سياسات تعطي تحفيزات أهم للاستثمارات داخل الاتحاد تكون على حساب تدفقات السيولة نحو الخارج. ولكن في نفس الوقت ستواكب كل من فرنسا وألمانيا وإلى حد ما بريطانيا وإيطاليا وتيرة الخطة الخمسية الجزائرية 2010 – 2014 وحجمها 286 مليار دولار من خلال اقتراح منتجات عالية الجودة في قطاعات محددة مثل الخدمات والمواد نصف المصنعة وتجهيزات البحث العلمي والدراسات المتقدمة في البنى الأساسية. وفي هذه الحالة تكون الجزائر في وضعية جيدة لافتكاك المزيد من الفرص على سلم الشراكة المتوازنة لقاء سوقها الواعد.
  • حقيقة، لم تجد الجزائر ـ بفضل سوقها الواسعة في جانب الاستثمار العمومي وميزانيتها التكميلة 2011 في جانب التجهيز وحجمها 3981 مليار دينار أي قرابة 50 مليار دولار ـ أية صعوبات تذكر في إقناع الطرف الأوربي بتعديل رزنامة التفكيك الجمركي بـ3 سنوات أخرى، ولكن لا شيء يضمن أن يحتفظ الموقف الجزائري بنفس القوة مرة ثانية.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • SAMY

    ما قاله الاستاذ صحيح و لكن هل سيطبقه المسؤولين