الرأي

هل يحقّ لبلماضي المطالبة بالتعويضات؟

ياسين معلومي
  • 1772
  • 5

لا تزال قضية فسخ عقد المدرِّب الوطني، جمال بلماضي، من طرف الاتحاد الجزائري لكرة القدم تصنع الحدث في الوسط الرياضي، خاصة بعد الخروج غير المنتظر للتشكيلة الوطنية من الدور الأول لكأس إفريقيا الأخيرة بكوت ديفوار برغم الإمكانات الكبيرة التي مُنحت لها.

الإقصاء المرّ عجّل برحيل المدرِّب الوطني وطاقمه، في انتظار جلب مدرّب بإمكانه أن يعيد المنتخب الوطني إلى سكة الانتصارات، ويُنسي الجزائريين سلسلة النتائج السلبية، وخاصة الخروج مرّتين متتاليتين من الدور الأول لكأس إفريقيا للأمم اللتين لعبتا تواليًا بالكاميرون 2022 وكوت ديفوار 2024، إضافة إلى عدم التواجد بكأس العالم بقطر، رغم أن “الخضر” كانوا على بعد ثوان فقط من التأهّل، لكن عدم تركيز اللاعبين، وسذاجة المدرِّب الوطني حالَا دون المشاركة في خامس كأسٍ للعالم في تاريخ الكرة الجزائرية.

الاتحاد الجزائري لكرة القدم كان قد راسل بلماضي وأخبره بفكِّ عقده مع المنتخب، بسبب النتائج السلبية المتتالية، وعدم قدرته على المحافظة على المستوى العالي لـ”الخضر”، زد على ذلك أن الإبقاء عليه يعدّ انتحارا حقيقيا، قبل استئناف تصفيات كأس العالم 2026 في جوان القادم، وبداية إقصائيات كأس إفريقيا 2025 في سبتمبر المقبل، خاصة وأن تعداد اللاعبين أصبح لا يقدِّم ما عليه، وقد يؤدّي إلى كوارث كروية جديدة ويجب إيجاد حلول مستعجلة قبل فوات الأوان، وهو ما لم يتقبّله بلماضي الذي ردّ سريعا على المراسلة مؤكدا أنه يريد “أمواله” كاملة وإلى غاية نهاية عقده سنة 2026، المقدَّرة بـ7 ملايين و280 ألف يورو (أي أزيد من 140 مليار سنتيم)، علما أنه كان يتقاضى مبلغ 208 ألف يورو شهريا، وهي الأجرة التي تعدّ الأكبر في القارة الإفريقية.

بلماضي ومنذ تعيينه على رأس العارضة الفنية لـ”الخضر” شهر أوت 2018، تلقى كل الدعم من الدولة الجزائرية، كما مُنحت له وللمنتخب كل الإمكانات إلى درجة أنه أضحى يبرمج تربُّصات ومباريات ودية، من دون استشارة حتى مسؤولي الاتحاد الجزائري، رغم أنه وفي عديد المرّات كان ينتقد ظروف العمل، والملاعب الجزائرية، لكنه نسي أو تناسى أن الجزائر تملك أحسن الملاعب في إفريقيا، ونظمت عديد المنافسات القارية والدولية ونالت التهاني من كبار المسؤولين الرياضيين على غرار رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ، ورئيس “الكاف” باتريس موتسيبي وبعض الشخصيات العالمية.

بلماضي كان يؤكد في كل خرجاته الإعلامية أن العقد الذي يربطه بالشعب الجزائري الذي سانده منذ أول يوم أشرف فيه على العارضة الفنية لـ”الخضر” هو “عقد معنوي”، بعيد كل البعد عن كل الحسابات الضيقة، إلا أنه ظهر أنّ الحقيقة غير ذلك فهو يطالب اليوم بتعويضات ضخمة، وينتظر الرد على طلبه في وقت زمني لا يتعدى ثمانية أيام، أو سيلجأ إلى “الفيفا” من أجل الحصول على التعويضات، والوقوف في أروقة الهيئة الدولية أمام مسؤولي بلده الذين فتحوا له أبواب الشهرة والتألق، ومنحوه أجرة شهرية ضخمة، فاجأت كل المسؤولين الكرويين في قارتنا السمراء، وحتى عالميّا؛ فهو التقني الذي يتلقى سابعَ أغلى أجرة شهرية في العالم!

هل هكذا يا بلماضي تردُّ الجميل للوطن الذي احتضنك لاعبا ومدرِّبا وجعلك في مرتبة يحلم بها كل التقنيين في العالم؟ هل يُعقل أن تطلب أزيد من 140 مليار سنتيم “تعويضا” عن الفشل في التأهّــل حتى إلى الدور الثاني لكأس إفريقيا؟!

في جميع الأحوال، فإنّ الحياة تتواصل والمنتخب الوطني لن يتوقف عند مدرّبٍ وطني لا يريد إلا الأموال برغم فشله، ودرسُ لاعبي فريق جبهة التحرير الوطني سيبقى راسخا في الأذهان، لأنهم تركوا كل شيء من أجل بلد اسمه الجزائر.

مقالات ذات صلة