-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يليق بك أن تضيّع فرص رمضان؟

سلطان بركاني
  • 491
  • 0
هل يليق بك أن تضيّع فرص رمضان؟

بعد أن ذكّرتُ نفسي وإياك -أخي المؤمن- في مقالِ أمس بفرص المغفرة التي يحملها الشهر الفضيل معه كلّ عام، بقي لي ولك أن نتساءل: هل يصحّ وهل يليق أن يمنحنا الله كلّ هذه الفرص لتُغفَر ذنوبنا ونضع أقدامنا على طريق الجنّة، ثمّ نطيع الشّيطان وأنفسنا الأمارة بالسّوء لندخل النّار؟ هل يليق أن يُنعم الله علينا بأن يترك أرواحنا تسري في أجسادنا حتى ندرك رمضان، ثمّ يأتي رمضان وتتوالى أيامه ونحن لم نغيّر شيئا في حياتنا؟ لا والله. لقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- على من أدرك رمضان ولم يغفر له، بالخسران. فهل نرضى هذا لأنفسنا؟

هل تعلم -أخي المؤمن- أنّ الموتى في قبورهم، يتمنّى الواحد منهم يوما من رمضان، بل ساعة واحدة منه، لأنّهم الآن في دار أدركوا فيها الحقيقة، وعرفوا فيها قيمة الركعة والسجدة والتسبيحة؟ مرّ الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يوما مع نفر من أصحابه على قبر دفن حديثا، فأشار إلى القبر وقال: “ركعتان خفيفتان بما تحقرون وتنفلون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم”.. الموتى في قبورهم يتمنّون يوما واحدا من رمضان يصومون فيه عن الذّنوب والمعاصي والآثام قبل أن يصوموا عن الشراب والطّعام، يحتسبون الأجر ويرجون أن يفوزوا بالجائزة: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”، وأنت حيّ تمتّع بصحّتك وعافيتك، ومع ذلك تطيع نفسك فتفسد صيامك أو تنقص أجره بالغيبة وقول الزّور والنّظر إلى الحرام، والتكاسل عن عملك، وتأخير صلاتك؟!

الموتى في قبورهم يتمنى الواحد منهم لو عاد إلى الدنيا ليصلّي التراويح ويصبر مع الإمام إلى آخر تسليمة، من أول ليلة في رمضان إلى آخر ليلة، وأنت الذي منحك الله هذه الفرصة تنصرف من صلاة التراويح بعد ركعتين أو أربع ركعات من التراويح، وتضيّع عن نفسك تلك الفرصة العظيمة: قَال رسول الله -صلى الله عليه وسلم”: “إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ” (صحيح سنن النسائي).. هل في هذه الدّنيا ما يستحقّ أن تضيّع بسببه هذه الفرصة العظيمة؟ “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه”؟ هل جلسة المقهى تستحقّ أن تضيّع لأجلها هذه الفرصة؟ أم تلك المرأة العابثة التي تتواصل معها على الماسينجر تستحقّ أن تضيع لأجلها فرصة مغفرة الذنوب؟

يا أخي الحبيب: الفرص التي جعلها الله في رمضان لمغفرة الذّنوب ودخول الجنّة والعتق من النّار، يتمنّاها أهل القبور، ويتحسّر كثير منهم على أنّهم عاشوا 20 أو 30 أو 50 رمضانا، لم يلتفتوا فيها إلى هذه الفرص العظيمة؟ فهل تريد أن تنضمّ إلى المتحسّرين؟ فرص يتحسّر عليها الموتى، ويتحسّر عليها -كذلك- كثير من المرضى؛ فكم من عباد الله من كانوا يُمتّعون بالصحة والعافية، عاشوا رمضان عشرات السنين وهم في صحة وعافية، ولكنّهم ما كانوا يعرفون من رمضان إلا النّوم بالنهار والسّهر بالليل، وما كان لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، حتى داهمهم المرض فجأة، فأصبحوا لا يقوون على الصيام ولا يستطيعون القيام، ولا يطيقون كثيرا من أعمال الخير التي غفلوا عنها في أيام الصحة والعافية.. فهل تنتظر حتى يسلب الله منك صحتك وعافيتك، فتتحسّر حين لا تنفع الحسرة؟

أخي الحبيب: لله في كلّ ليلة من رمضان عتقاء من النّار؛ في كلّ ليلة يعتق الله من عباده المؤمنين الصائمين القائمين من لا يحصي عددهم إلا هو، ويكتب لهم براءة من النّار، فهل يليق بك -يا أخي المؤمن- أن تضيّع هذه الفرصة بجلوسك إلى من يضيع لك حسناتك في مجالس الغيبة والقيل والقال؟ أم هل يصحّ أن تضيّع هذه الفرصة كلّ ليلة في محادثات الماسينجر؟

أخي المؤمن.. العمر قصير، والسفر طويل والزّاد قليل، فإلى متى تضيّع فرص رمضان التي يمنحها الله لك؟ هل تعلم -أخي المؤمن- أنّ هناك من إخوانك المسلمين من يمنعون الصيام، ويجبرون على الفطر، في تركستان الشرقية، حيث الحكم الشيوعيّ المحارب للإسلام؟ هل تعلم أنّ هناك ملايين المسلمين تبكي عيونهم حسرة أنّهم يحرمون صلاة التراويح؟ هل تعلم أنّ أغلب المساجد في غزّة قد سويت بالأرض، ومع ذلك يخرج إخوانك هناك بالآلاف ليصلّوا التراويح على أنقاض المساجد وربّما يصلّونها تحت المطر؟

أخي المؤمن.. لا تزال الفرص أمامك متاحة، فقط انتبه لنفسك، وتذكّر حالك العام الماضي حينما أحسست بالحسرة بعد رحيل رمضان، وخالطك شعور بأنّك لم تعط رمضان حقّه، وخشيت أن يأتي رمضان آخر وأنت تحت التراب.. ها قد منحك الله فرصة أخرى، فهل ستضيّعها كما ضيّعتها العام الماضي والذي قبله؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!