-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تزور دار القيادة ومسجد البيعة بمعسكر

هنا أسس الأمير عبد القادر دولته وأعلن المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي

الطاهر حليسي
  • 1400
  • 0
هنا أسس الأمير عبد القادر دولته وأعلن المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي
أرشيف

لا تزال دار قيادة الأمير عبد القادر الجزائري شامخة، من دون أن يؤثر فيها الزمن والمناخ، غير بعيدة عن التمثال البرونزي، المجسّد لبطل مقاومة الاحتلال الفرنسي ممتطيا فرسه، في ساحة الموغادور وسط مدينة معسكر. والدار التي تقع غير بعيد عن محكمة الأمير والمسجد الكبير، عبد الله بن التهامي، ومسجد البيعة صارت متحفا تحت تصرف الدائرة الأثرية للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية لولاية معسكر، ويزوره المؤرخون والسياح من كل حدب وصوب.

سرير الأمير ورايته ومخططات الدولة معروضة للزوار
تقول سكرتيرة الدائرة الأثرية سارة فلايتي: “الدار في الأصل كانت مقر البايات العثمانيين الذين اتخذوا معسكر عاصمة لبايلك الغرب، بعد سقوط وهران في يد الإسبان، قبل أن يتمكن الباي محمد بن عثمان رفقة جيش الطلبة من تحرير وهران عام 1792، التي استشهد فيها 500 طالب، وبقي المكان تابعا للعثمانيين حتى قدوم الاحتلال الفرنسي، فاتخذها الأمير عبد القادر مقرا له بعد بيعته الأولى “البيعة الخاصة”، تحت شجرة الدردار بمنطقة القيطنة قرب دائرة غريس، وهي أول نواة شكّل بها الأمير الدولة الجزائرية الحديثة، وقاد منها عديد من المعارك لذلك تسمى دار القيادة، وتسرد المتحدثة الوقائع التاريخية اللاحقة بقولها: “اضطر الأمير لمغادرة المقر بعد سقوط معسكر في يد الفرنسيين عام 1841، مفضلا نقل عاصمته إلى منطقة تاقدمت بولاية تيارت حيث أنشأ هناك عاصمته على أنقاض بقايا الدولة الرستمية على ضفاف نهر مينا، وأنشأ بها تحصينات واستحكامات ثم أنشأ عاصمته المتنقلة “الزمالة” في منطقة عين قادة بولاية تبارت”.
وتتكون الدار الشبيهة بقصر من الطراز العثماني من طابق أرضي وعلوي، مزدان بنافورة ثمانية الأضلاع، وبزليج جزائري فاخر، ويحتوي المتحف على مجسمات لقلاع الأمير وسريره الشخصي الذي كان ينام عليه، بالإضافة إلى رايته وشعاره وصوره وكتبه ولوحاته ومخططات تشرح تقسيمات إدارة الدولة وتنظيم جيشه بأقسامه المختلفة كسلاح المشاة المسمى الجيش المحمدي الذي يتكون من كتائب تضم 1000 جندي يرأسها الأغا، وسرايا من 100 جندي يرأسها سياف، وما إلى ذلك من التقسيمات التي تؤكد توفره على رؤية إستراتيجية، مكنته من التغلب على القوات الفرنسية في عديد المعارك بعدما خاض جهادا دام زهاء سبع عشرة سنة.

مسجد البيعة حوّله يهودي إلى مخزن أعلاف
وغير بعيد عن الدار يقع مسجد البيعة، الذي فضل فيه الأمير عبد القادر عقد بيعته الثانية أمام الملأ، بعد شهرين من البيعة الخاصة، ووقع ذلك شهر رمضان 1248 هجري الموافق ليوم 4 فبراير 1833، فألقى خطابا أمام العلماء والمشايخ والخلفاء وأعيان القبائل المستدعاة من أقاليم معسكر والبيض وتيارت وتلمسان والشلف والمتيجة وسعيدة وغيرها من المناطق، كما عيّن أعضاء حكومته ومجلس الشورى، ونوابه وخلفائه قبل الانطلاق في محاربة الفرنسيين ضمن منطق دولة ضد دولة. واختار الأمير عبد القادر هذا المسجد لأنه كان ذا رمزية كبيرة حيث أن بانيه الباي محمد بن عثمان الكبير في العام 1791، كان أسس بالقرب منه مدرسة محمدية أوكلت لرئيس مجلس الشورى بمعسكر الشيخ محمد بن عبد الله الجيلالي كونت مئات الطلبة الذين استشهد منهم 500 طالب في معركة تحرير وهران من يد الإسبان.
ويقول الشيخ محمد مجاج الإمام الحالي لمسجد البيعة: “في هذا المكان عيّن الأمير عبد القادر أركان دولته بعد عقد البيعة العامة، لكن المسجد تم إغلاقه من قبل الفرنسيين في عام 1848، قبل أن يؤجر لليهودي جوزيف بن البردي الذي حوله لمخزن لبيع الحبوب والعلف لخيول فرق الصبايحية، ثم أعيد فتحه كمسجد في عام 1919 في إطار تسوية سياسية بين الأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر والسلطات الفرنسية، التي رغبت في التقرب من الجزائريين في ظل متغيرات تلك الفترة”. ويضيف الشيخ بأن المسجد الذي لم تنقطع به الصلاة منذ تلك الفترة، تم شطره عن محيطه العام، بعدما بنى الفرنسيون سورا محيطا به، دون إعادة المدرسة المحمدية التي كانت تقع بجواره في فضاء يضم بساتين وحدائق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!