-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الرحبة متحف للتوابل الشرقية

هنا وُلد طبق الفريك الباتني الشهير في قدور الفخار

الطاهر حليسي
  • 400
  • 0
هنا وُلد طبق الفريك الباتني الشهير في قدور الفخار
أرشيف

يشهد سوق الرحبة بصفته، أكبر سوق متخصصة في بيع التوابل والبهارات الشرقية، بباتنة اكتظاظا لا مثيل له بالزبائن، الباحثين على أطباق ببنّة رمضان، حتى إن الكثيرين يشبهونه بالمتحف المطبخي الذي يشكل واحدا من الخصائص الاجتماعية والثقافية لعاصمة الأوراس.
ويراكم السوق الشبيه بأسواق المدن الشرقية القديمة، مثل دمشق وتونس والقاهرة، تاريخا عريقا يمتد على مدار 70 سنة، إذ إنه بدأ في ساحة خلال خميسينيات القرن الماضي قبل أن يتحول إلى سوق البلح مكان بنك القرض الشعبي الواقع قرب محلات الشواية والفوّالة، ثم استقر في مكانه الحالي تحت السوق المغطى الذي أنشأه الفرنسيون خلال مرحلة الاحتلال، ليستمر موردا أول لمختلف التوابل والبهارات الشرقية بخبرة تجارية لا تزال مستمرة على مدار ثلاثة أجيال.
وتحتكر عائلات بعينها هذه التجارة، التي انتقلت أبا عن جد إلى حفيد، مثل سرسار وعباس وقوطاي وكاشا، لا بل إن بعضها استثمر في هذا المجال مثل عائلة لبعل التي مارست هذه التجارة منذ القدم داخل الرحبة قبل أن تفتح منذ سنوات محلا كبيرا في التوابل بحي شيخي لا يتوقف عن العمل حتى وقت متأخر من الليل إذ لا يغلق سوى منتصف الليل جراء الإقبال الكثيف على المقتنيات العطرية والبهارية، خاصة الفريك الباتني الشهير الذي يطلب من عدة ولايات خلال فترة رمضان وقبلها بقليل، نظرا لخصائصه المتميزة، حيث يقول أحد مسيري محل لبعل بالرحبة لـ”الشروق اليومي”: “تأتينا طلبات كثيرة بخصوص الفريك الباتني من مختلف الولايات الجزائرية، لأنه فريك طبيعي يحضر من القمح الذي نجلبه خصيصا من مزيرعة ببسكرة، ونحرص على تصفيته من الأخلاط قبل رحيه في مطاحن خاصة بعين ولمان بولاية سطيف، لهذا السبب راجت شهرته كثيرا نظرا لجودة القمح وطريقة الطحن، وهذا تقليد مشترك بين زهاء 50 محلا بالرحبة”.
عندما تتجول بين الدكاكين التي تعرض السلع والتمور والأعشاب والنباتات العطرية، وتشتم نكهتها النفاذة، لا يمكنك سوى أن تقتني شيئا منها، حتى لو تعلق الأمر بربطة دبشة أو معدنوس أو رند أو الحبق لتتبيل شربة الفريك الباتني، واللافت للنظر بأن النساء هن الأكثر ترددا بحكم معرفتهن بأسرار التوابل والأطباق الرمضانية، ولكي تكتمل الحلقة راجت في الأعوام الأخيرة تجارة قدور وطواجين الفخار في هذه السوق، لا بل صارت تنافس بشدة أواني الطهي المستوردة، حيث تقول السيدة هزار لـ”الشروق “: “لا بد من أن يتطابق المُحتوَى مع المُحتوِي، لا شيء يطرح النكهة وبنّة شربة الفريك الباتني غير قدور الفخار ويستحسن أن تكون من الحجم المتوسط والصغير، تفقد التوابل رحيقها عندما تطهى في أواني مصنعة من الإينوكس، أما إذا طهيت في أواني الطين فتصبح أكثر طبيعية، تعلمت هذا من جدتي وما زلت أحافظ على هذه العادة وألقنها لبناتي اللواتي صرن لا يتناولنه إلا في أواني الطين والفخار”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!