الرأي

وجع المدرسة

رشيد ولد بوسيافة
  • 2038
  • 5

في سنة 2014 لازال هناك قرابة 9 ملايين متمدرس “تقليدي” في الجزائر يحملون على ظهورهم محافظ أوزانها تضاهي أوزان أجسامهم، ولازالت الأقسام تعج بأربعين تلميذا لكل قسم، بل إن بعض المدارس لازالت تعمل بنظام التناوب أو ما يسمى بالأقسام المتنقلة، أي أن عدد الأفواج الدراسية يفوق عدد الحجرات، كما لازالت العلاقة جد تقليدية بين التلميذ والمعلم، في الوقت الذي يصدّع مسؤولو القطاع رؤوسنا بالإصلاح وإصلاح الإصلاح والمقاربة بالكفاءات وغيرها من المصطلحات الموجهة للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.

أين نحن من التّطور الحاصل في المجال التّكنولوجي؟ وما موقع مدرستنا التي غرقت في مشاكل التّدفئة والاكتظاظ وعتبة الدروس من ثورة الاتصال التي جعلت شعوبا أخرى لا تملك مثل إمكانات الجزائر تتخلى كليا عن الأساليب التقليدية في التعليم وقفزت إلى مستويات أخرى تتماشى مع روح العصر.

وتونس ليست بعيدة عنا، حيث حقّقت تطوّرا مذهلا في قطاع التّعليم رغم إمكاناتها المتواضعة، وأصبح ترتيبها دائما ضمن المراتب الأولى في التصنيفات المتعلقة بالتنمية البشرية ووضع التعليم، عكس الجزائر التي احتلت المرتبة 115  ضمن التصنيف العالمي للتنمية البشرية.

عندما تحقق بلدان إفريقية مثل غانا وبوتسوانا وناميبيا وكينيا مراتب أحسن من الجزائر في هذا المجال، فإنه يحق لنا أن نرفع الراية الحمراء وندق ناقوس الخطر، لأن المستقبل لا يرحم، ولن يكون هناك مكان في العالم للملايين التي تخرجها المدرسة الجزائرية بهذا المستوى الذي يقترب من الأمية بمفهومها التقليدي.

هل يُعقل أن يكون الشّغل الشّاغل لمسؤولي قطاع التربية هو منحة الـ3000 دينار التي تتصدق بها الحكومة لنصف التلاميذ.. هل نفرح بهذه المنحة، أم نحزن لهذه الإهانة التي تتكرر كل عام أمام أبواب المدارس!!!

ثم إلى متى يبقى قطاع التربية الاستراتيجي يسيّر بهذه الطريقة الارتجالية التي يعتمدها الوزراء المعيّنون على رأس القطاع دون أن يكون لهم سابق معرفة به وبمشاكله المعقدة دون أن يتم التفكير بجدية بإحداث ثورة شاملة تبدأ من أهم عنصر تربوي وهو المعلم والأستاذ الذي لازال إلى حد الآن في ذيل السلم الاجتماعي.

وأول خطوة في هذا السّياق، هو تحقيق قفزة غير مسبوقة في الاعتناء بالإطار التربوي سواء كان مدرسا أو إداريا أو مساعدا تربويا بالشكل الذي يجعل القطاع يستقطب الكفاءات المتفوقة لا أولئك الذين عجزوا عن الالتحاق بالمهنة الأخرى فتوجهوا إلى التعليم للحصول على وظيفة فقط.

مقالات ذات صلة