-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وحده الموت!

قادة بن عمار
  • 4699
  • 1
وحده الموت!

أطلّ الموت برأسه مجدّدا عبر الطرقات أمس، من خلال المجزرة المروعة التي وقعت في تيارت، وحصدت معها أرواح حوالي عشرين مواطنا، تحول سفرهم إلى رحلة رعب حقيقية، وبسيكوز ممتد عبر الزمان والمكان، كما أظهرت مجددا أن بلادنا وإن تراجع ترتيبها في كل قوائم الديمقراطية ومحاربة الفساد ومكافحة الرشوة، والدفاع عن الشفافية، وحتى في لوائح كرة القدم، فإنها ستظل من بين الدول الرائدة في عدد الموتى على الطرقات!

لم نكره في بلادنا، ريادةً مثل تلك التي تضعنا في مقدمة الدول الأكثر معاناة من حوادث المرور، خصوصا أن الجزائر التي خاب ظنها في الرجال الذين أمسكوا بزمام السلطة لسنوات، وتعثر حظها مع كل الحكومات المتعاقبة منذ زمن الاستقلال وحتى اليوم، لم تعرف التطور والتقدم إلا في قوائم الرعب من قتلى الطرقات، إلى مجازر الإرهاب، مرورا بعدد النساء المظلومات وليس انتهاء بالأطفال المغتصبين، وقد نحقق ريادة أخرى في المستقبل ضمن حالات الطلاق واختطاف القصر، وزيادة العنوسة، وأعداد الحراقة الهاربين من بلدهم نحو الفردوس المفقود في أوروبا  …

وحده الموت لا يحبّ الخلق الريادة والتطور فيه، ولا يختصم الناس بشأن رؤوس القوائم لديه، لا يتجادلون حول أقدمية الترشح للحصول على منافعه، ولا في ترتيب الاستفادة من ريعه، لا يعيرون للمحسوبية والرشوة واستعمال النفوذ أي أهمية في الانتفاع منه، ولا يستقيلون احتجاجا  على عدم اختياره لهم، لا يخرجون إلى الشارع احتجاجا ضده، لا يعتصمون ولا يضربون عن الطعام ولا يُقاضون بعضهم بعضا ولا يتقاضون أمام المحاكم بسببه!

وحده الموت، نفرّ منه فرارا يائسا، لكنه يلاقينا في الجزائر بصور متعددة ومشاهد مختلفة، فقد يكون مرضا بسيطا ابتلانا به الله، لكن لا علاج كاف له في مستشفياتنا، ولا دواء تركته المافيا للزوالية والمساكين من أجل اقتنائه، وقد يكون فقرا مدقعا في بلد يهيم عدد كبير من شعبه بحثا عن الخبز الحافي ويموتون جوعا بالآلاف فوق براميل الذهب الأسود، كما قد يكون موتا اختياريا في شكله، إجباري في مضمونه على غرار الانتحار حرقا وشنقا، والغريب أن هذا الموت لا يختار الصغير من الكبير، فقد مات ثلاثة تلاميذ قبل أسبوع في تيزي وزو انتحارا، ولا يفرّق بين الغني والفقير، ولا بين الحاكم والمحكوم،..

المجزرة التي وقعت في تيارت أمس، سيتباحث الخلق حولها ويختصمون، ويخرج علينا الرسميون من أجل إدانة الموتى على تسيبهم وعدم احترامهم لقانون المرور، فالموت على الطرقات هو الجريمة الوحيدة التي يدان فيه الجاني والضحية معا، وسينضم آخرون إلى قوافل المعوقين، ويتحولون إلى باحثين عن الكرامة باسم هذه الفئة المهمشة في الوقت الذي كانوا يعانون فيه قبل هذا الحادث تهميشا جماعيا، لا فرق فيه بين مواطن ومواطن إلا بالصبر ودرجة التقرب من الله والرضا بقضائه وقدره.. هو مولانا، فنعم المولى ونعم النصير!

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • adolas

    صدقت الف كلمة صدق الموت موعد دون اعداد كل فيه سواسية لا للشكارة ةلا للبقارة حظوظ لا لعهدة ولا لاعادة لا للاختيار ولا للشعب كلمة فيه موعد لا جدال كل فار رغم انه متاح للجميع في ملاقاة سيد القرار شكرا لهذه الكلمات التي ترحع الروح الي بدنها بعدما هجرته سخطا منه ومن تذمره من الخلق