-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وقفة مع فتنة التّشكيك في وقت الإمساك ووقت الإفطار!

سلطان بركاني
  • 4750
  • 10
وقفة مع فتنة التّشكيك في وقت الإمساك ووقت الإفطار!

يروّج بض الشّباب في أيام الشّهر الفضيل لدعوى غريبة؛ مفادها أنّ وقت الإمساك يمتدّ بعد الأذان الثّاني للفجر بنحو نصف ساعة! ووقت الإفطار يتقدّم عن أذان المغرب بنحو 10 دقائق.. ويزداد الطّين بلّة حينما يستدعون الأحاديث التي ترغّب في تأخير السّحور وتعجيل الفطور لتبرير إصرارهم على تناول السَّحور بعد أذان الفجر الثّاني، وتناول الإفطار قبل أذان المغرب بسدس ساعة! هذا فضلا عن مُضيّهم قدما في إذكاء فتنة إعادة صلاة الفجر بعد أدائها مع الجماعة في المسجد!

لو كانت هذه الدّعاوى التي يشتطّ هؤلاء الشّباب المنسوبون إلى الطّائفة “المدخلية” في تبنّيها والدّفاع عنها والتّرويج لها بين أصحاب المستويات المحدودة من الشّباب؛ لو كانت مبنية على شيء من الفقه والنّظر لكان من الإنصاف تمحيصها والنّظر فيها، ومقارعة الحجّة بالحجّة، مع عذر الطّرف الآخر، لكنّها في واقع الأمر دعاوى تُبنى على التعامل مع النّصوص بظاهرية جديدة تعطّل العقول وتزري بها وتزهّد في الفقه وتقرنه بالعقلانية المذمومة التي تحاكم النّصوص إلى الأهواء والأذواق!

الإصرار على أنّ وقت صلاة الفجر -ومعه الإمساك- ووقت أذان المغرب -ومعه الإفطار- يرتبطان بالرؤية البصرية وحدها من دون اعتبار لظروف تلك الرؤية، وموقع النّاظر والعوائق الماثلة أمامه، يجعل أصحاب هذه الدّعوى مثارًا للشّفقة بين العقلاء فضلا عن الفقهاء، ولعلّه يكفي في هذا المقام أن نضرب مثلا واحدا من الواقع، يربك النّزعة الظّاهرية في تحديد وقت الإمساك ووقت الإفطار؛ قرية “وكان” العُمانية التي تقع بين جبال شاهقة؛ حيث تظهر الشّمس من خلف الجبال الشّرقية في حدود السّاعة 11 صباحا، وتختفي خلف الجبال الغربية في حدود 14:30 بعد الظّهر.. فلو أخذنا بدعوى الظّاهرية الجدد أنّ الإمساك يكون عند رؤية ضوء الفجر الصادق بالعين، والإفطار يكون عند غروب قرص الشّمس، بغضّ النّظر عن العوائق!!! فإنّ الإمساك في هذه القرية سيكون في حدود 10 صباحا، أي ساعةً قبل ظهور قرص الشّمس، والإفطار يكون عند 14:30 ظهرا، عند تواري الشّمس عن الأنظار، فيكون عدد ساعات الصيام 4 ساعات ونصف السّاعة! وحتّى لو كنّا أكثر واقعية وإنصافا، وقلنا إنّ الفجر يظهر فوق الجبال في وقت ظهوره في الأفق أي في حدود الـ5 صباحا، فإنّ الإفطار وفق منظور الظّاهرية الجدد سيظلّ في 14:30؛ فيكون عدد ساعات الصيام 9 ساعات ونصف السّاعات، في الوقت الذي يصوم فيه سكّان القرى القريبة من قرية “وكان” والواقعة بعيدا عن الجبال 14 ساعة!.. والحمد لله أنّ أهل القرية لا يلتفتون إلى هذا القول الشاذّ؛ فهم يصومون 14 ساعة تقريبا، حيث الإمساك في حدود 4:26 فجرا، والإفطار في حدود 18:37 مساء.

هؤلاء الظّاهرية الجدد، حتّى وهم يشتطّون في الوقوف عند ظواهر النّصوص، كثيرا ما يتعاملون معها بانتقائية عجيبة، فيحشدون ما يظنّونه يخدم دعاواهم ويغضّون الطّرف عمّا يهدمها، بل قد تجدهم يتعاملون مع عبارات النصّ الواحد بانتقائية، فيأخذون طرفا منها ويتركون أطرافا أخرى، فتراهم –مثلا- يركّزون في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المشهور “إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِم”، يركّزون على شرط “وغربت الشّمس”، ويتغاضون عن الشّرطين الآخرين: “أقبل اللّيل من هاهنا، وأدبر النّهار من هاهنا”؛ فليست العبرة بغروب الشّمس فقط، إنّما بتحقّق الشّروط الثّلاثة: إقبال اللّيل من جهة المشرق، وإدبار النّهار من جهة المغرب، وغروب الشّمس، وهذه الشّروط الثلاثة تجعل النّاظر يحسب حسابه للعوائق التي تحول بينه وبين الشّمس ولارتفاع تلك العوائق عن الأفق.. وما قيل عن وقت المغرب يقال –كذلك- عن وقت الفجر، مضافا إليه أنّ رصد الفجر بالعين يحتاج إلى مراعاة الظّروف المحيطة بالنّاظر، حيث يشترط ألا يكون المكان مضاء بالأضواء الاصطناعية التي تؤثّر في رؤية العين، ويشترط أيضا أن تكون جهة المشرق صاحية خالية من الغبار والضّباب والأضواء الأخرى.

إنّ القلب ليحزن حقيقة لحال هؤلاء الشّباب المصرّين على إثارة الفتن وتشكيك النّاس في صلاتهم وصيامهم، وعلى الإزراء بدين الله في زمن تطوّرت فيه وسائل الرّصد، وأضحى الاعتماد على التقدير والتقويم أكثر من ضروري لحلّ الإشكالات التي تواجه المسلمين في مختلف الدول والقارات.. ولو تريّثوا قليلا لوجدوا في النّصوص الشّرعية ما يُستأنس به للأخذ بالتّقدير والحساب؛ فقد جاء –مثلا- في الحديث الذي أخبر فيه النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- عن زمن الدجّال، أنّ الصّحابة حينما سألوه: وما لبثه (أي الدجّال) في الأرض؟ قال: “أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة (كأسبوع)، وسائر أيامه كأيامكم”، وحين سألوا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة أ تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال “لا. اقدروا له قدره”.. فإذا كانت الشّمس تبقى في السّماء ما قدره سنة، فلا يكفي المسلمين أن يكتفوا بانتظار شروق الشّمس وزوالها وغروبها ليقيموا صلواتهم، بل الواجب عليهم أن يقدروا للصّلوات وقتها ويصلّوا في ذلك اليوم صلوات سنة كاملة.. وهكذا إذا وُجد المسلم في مكان يتأخّر فيه شروق الشّمس ويتقدّم غروبها بسبب العوائق، فإنّه يلجأ إلى التقدير والحساب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • واحد برك

    الى tadaz يا أخي هذا ليس شأني او شأنك حتى تقول لا تتدخل فيه بل هذا دين. والدين ليس بشأني او شأنك بل هو شرعة ومنهاج نتتبعه لنصل الى مرضاة الله ورحمته وجناته. شرعه الله لنا فلا يحق لي او لك او لاي احد ان يرى فيه برأيه ويقول هذا شأني.

  • واحد برك

    الى حوحو نحن جهال والله غالب كما نقول بالعامية. ولكنك ترى بانك لست بجاهل مثلنا. ممم جميل فماذا فعلت بعلمك الساطع يا نابغة زمانه؟ ما هو ميدان تخصصك؟ ماذا ابتكرت ماذا اخترعت ماذا وجدت بعلمك ما لم نجده نحن بجهلنا يا ترى؟ اتحفنا!

  • tadaz tabraz

    لو كان كل منا يفتي لذاته لانتهت كل هذه المشاكل والصراعات والمشاحنات دفعة واحدة . والنتيجة : لا أنت تتدخل في شؤوني ولا انا أحشر أنفي في شؤونك ... ساهل ماهل . والكل حر والكل يعيش بسلام وكمأنينة .

  • حوحو الجزائر

    15 قرنا ولا يزال المسلمين يتناطحون حول كيفية الصلاة : بتربيع الأيدي أو باطلاقها .. بتجميع الرجلين أو تفرقتهما.. ولا زالوا يتعاركون على طريقة الوضوء ومن أين نبدأ . ولا زالوا يتناقشون : حول السحور قبل الفجر ب14 أو ب 15 دقيقة ... الخ انه جهل لا جهل بعد بل انه الجهل الأبدي .

  • واحد برك

    السلام عليكم يا كاتب المقال اتق الله. تعلم افضل مني ان استدلالك بمثالين يعتبران حالة خاصة. واما الحكم الذي يقول به هؤلاء الشباب فهو الظاهر من كلام رسول الله عليه السلام فان اردت ان تقيده وتفعل فيه عقلك القاصر فليس لك ذلك الا بدليل شرعي من كتاب الله او حديث رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم انت تقول هم مدخلية وهل الشيخ الألباني ومن سبقه مثلا مداخلة؟ كيف ذلك والشيخ توفي رحمه الله وهذا المدخلي كان مجرد طالب علم آنذاك! ثم هم قالو بكلام من حديث رسول الله عليه السلام ولهم فيه أئمة سبقوهم قالو بذلك. وانت هل لك من كلام الله ورسوله ماترجع اليه في هذا؟ من هو إمامك من اهل العلم الذي ترجع اليه في هذا؟ دليلك عقلك؟ الله اكبر هداني الله واياك.

  • ناصر

    يرجى من الشباب أن يخرجوا ساعة قبل الاذن ويصور لنا الفجر الصادق حتى يتبين لنا وللجميع الخيط الابيض من الأسود.من الفجر

  • خ.الياس

    السلام عليكم. سؤال: هل تأكدتم من صحة أو خطأ ما يقولون. هل ترصدتم شروق الشمس و غروبها مثلا على الشاطئ حيث لا يوجد أي عائق. فرضا أنهم مخطؤون. فهل أخطأ علماء الفلك الذين قالوا بمثل هذا القول. خير الكلام ما قَلّ و دَلّ، و السلام عليكم

  • كلمة حق،

    انا شخصيا لم الاحظ شخصا يفطر قبل اذان المغرب و لا شخصا يقطر بعد اذان الفجر. و مادخل ماتسميه بالطّائفة “المدخلية”، هل افتى الشيخ ربيع بالفطر قبل الاذن او بعد اذان الفجر.

  • يوسف

    كل من يتكلم بالكتاب والسنة تسمونه مدخلي جامي مرجئة...... في ملتقى دولي بالكويت منذ سنوات تم التأكيد أن الجزائريون يصلون الفجر قبل أوانه،هذا الخبر قرأته على صفحات هذه الجريدة. أخي عليك باستخدام نظرك إلى الأفق وقت الأذان و بعده بحوالي ربع ساعة لترى متى يتبين لك الخيط الأبيض من الأسود، أنصحك باتباع الحق و الدفاع عنه بدل التحزب. لماذا لاتتكلم عن المسلسلات و برامج اللهو و.......لصرف الناس عن اغتنام فضل هذا الشهر الفضيل. لكن لا غرابة من جماعة الاخوان هذا منهجهم

  • بابور اللوح

    والمفيد في تقصير الحديث بالدليل القاطع من الكتاب أي القراآن والسنة أي الأحاديث الصحيحة كان اوجب حتي يتبين للجميع الحقيقة الكاملة ولكن نحن في زمن التراهات فمن هب ودب يفتي ومن هب ودب يخرج علي القوم بداعي انه عالم في الدين والكثير من هؤلاء لا يقوي علي إعراب جملة واحدة من القران وخلاصة القول لم اجد في هذا المقال ولا حديث يسكت وللأبد من يريد إيقاع المجتمع في فتنة أ حاولتم مراجعة ولو كتاب قيم لأحاديث الرسول عليه افضل الصلاة والسلام؟ وإختيار واحد يلزم السكوت نهائيا امن يشكك ؟ لا بالطبع لانه لم يتسني لكاتب المقال البحث الجيد والوقت اللازم لذلك الأمر أي اكتب حتي يعلم أنك كاتب مقال و الحل لا حل الفتوي لأهلها ولا يجب الخوض فيها لمن يجهل دينه ولم يدر س الشريعة ويجتهد ويكد ويطالع لأعوام عديدة و لسنوات مديدة من هب ودب يكتب قص ولصق لمقال الأستاذ الشيخ : أحمد الجمَّال الحموي وكان لكم ان تذكر السيد وان تلزموا المبتدعة بحديث حتي يعلم الجميع ان وقت الإفطار اذان المغرب ووقت الإمساك اذان الفجر الصادق ولكن لمن تنادي في وزارة الشؤون الدينية الكل صائم ونائم الله المستعان في أمة محمد صلي الله عليه وسلم