ومتى الفوز 10 – صفر؟
كانت فرصة ذهبية لا تعوض لمنتخب الخضر لرفع رصيده من الأهداف إلى رقم قياسي تاريخي في تصفيات كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم والوصول إلى رقمين متجاورين من الأهداف (عشرة أهداف أو أكثر).
إذا لم يفز منتخب الجزائر المدجج بالنجوم المحترفين أصحاب الأسماء الشهيرة والمهارات العالية والخبرات الكبيرة بعشرة أهداف نظيفة على منتخب سيشيل المتواضع جدا.. فمتى يفوز؟
أربعة أهداف نظيفة فقط هي حصيلة فوز الخضر على السيشل في افتتاح مبارياتهم في تصفيات الأمم الإفريقية المقبلة 2017 في الغابون.. وهي المباراة الدولية الأولى بينهما في تاريخ كرة القدم.
المنتخب الجزائري قدم مباراة هادئة خالية من الضغط في مواجهة منافس محدود الإمكانات يدافع بأغلب لاعبيه ولا يملك القدرة على بناء هجمة واحدة ناضجة ولا يمتلك المقدرة على هز شباك الخضر حتى لو امتدت المباراة لعشرين شوطا.
الغريب أن الخضر أدركوا من الدقيقة الثانية فقط أن منافسهم مترهل ومهزوز ومرتبك وكثير الأخطاء.. وأن قليلا من الضغط العالي والجدية والاندفاع وتكثيف الهجوم سيمنح أصحاب الملعب فوزا عريضا غير مسبوق.. ولكن سليماني وسوداني وزملاءهما اكتفوا بضمان الفوز والنقاط الثلاث وعدد محدود من الأهداف لا يزيد عن ثلاثة فقط عبر تسعين دقيقة.. وجاء الهدف الرابع بتوقيع بن طالب ليغلف الفوز في الوقت بدل الضائع الذي أضافه الحكم الموريتاني.
الدقيقة الثانية من المباراة لها تأثير كبير على وجهة نظري في اللقاء ونتيجته.. لأن جملة الأخطاء التي حدثت من مدافعي السيشل سواء من تمركز خاطئ أم تحرك ساذج أم غفلة للرقابة أم عجز عن تنظيف منطقة جزائهم وما تبع تلك الأمور من فشل لحارس مرماهم جعلني متفائلا بنتيجة ضخمة لم أرها أو أسمع بها من قبل للخضر.. كنت أنتظر عشرة أهداف على الأقل وتساءلت: “هل يمكن للخضر تحقيق رقم عالمي فى كرة القدم.. أو رقم قياسي لأكبر فوز في تاريخ التصفيات الإفريقية على أقل تقدير؟“.. ولكن خيالي الجامح عاد إلى أرض الواقع عندما مر من الشوط الأول نصف الوقت تقريبا دون أن يسجل سليماني أو سوداني أي هدف بعد أن ضاعت منهما ومن زملائهما أسهل الفرص برعونة وعدم مبالاة.
الشاهد في هذه المباراة السهلة ونتيجتها المخيبة لآمالي العريضة.. وهو ما يعود أيضا إلى خسارة منتخب الجزائر في نهائيات كأس الأمم الإفريقية الأخيرة 2015 في غينيا الاستوائية وخروجه من ربع النهائي.. هو أن لاعبي المنتخب الجزائري حاليا مع المدرب الفرنسي غوركوف أقل حماسة واندفاعا ومسؤولية وجدية وتركيزا منهم أنفسهم مع المدرب السابق خليلوزيتش سواء في تصفيات أم نهائيات كأس العالم الأخيرة 2014 في البرازيل.
ربما يكون الفارق واضحا أن كأس العالم مسابقة أكبر وأهم.. أو أن اللعب في النهائيات له طابع خاص يفرض على الجميع الجدية والاجتهاد.. ولكن المؤكد أن المدرب البوسني السابق كان بارعا في شحن همم لاعبيه وإشعال محركاتهم وزيادة قدراتهم التنافسية بينهم وبين بعضهم في المران لضمان أماكنهم في الفريق خلال المباريات.. وبالطبع وصل الأداء وارتفعت المسؤولية إلى القمة من كل لاعبي الخضر مع خليلوزيتش.
ولعل الأمر يحتاج الآن تدخلا مباشرا وسريعا من محمد روراوة، رئيس الفاف، لتعيين أحد الأخصائيين البارعين في الإعداد النفسي الرياضي لشحن اللاعبين بشكل أفضل قبل مبارياتهم المقبلة.
في النهاية، أوجه التحية إلى المنتخب التونسي الذي لا يمتلك من اللاعبين عددا مماثلا من محترفي الخضر.. ولا يمتلك من الموهوبين مثلما يمتلك منتخب الجزائر.. ولا يمتلك من الاستقرار الجماهيري والإداري في الأعوام الخمسة الأخيرة مثلما تمتلك الكرة الجزائرية.. ومع ذلك لم يدخر وسعا في إمطار شباك منتخب جيبوتي (وهو أقدم وأقوى من منتخب السيشل بكل تأكيد) بثمانية أهداف في نفس التصفيات.
وعلى نفس المنوال لم يرحم منتخبا غانا العريق والرأس الأخضر حديث العهد بالانضمام إلى الفيفا والكاف ضيفيهما منتخب موريشيوس ومنتخب ساوتومي وبرينسيب وهز كل منهما شباك منافسه بسبعة أهداف في نفس تصفيات الأمم الإفريقية.