-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يا أمة ضَحِكَت منها الأمم

يا أمة ضَحِكَت منها الأمم

قال الشاعر أبو الطيب المتنبي ساخطاً على جزء من الأمة أو عليها كلها:

أغاية الدِّين أن تُحْفُوا شَوَارِبَكُم         يا أمة ضحكت من جهلها الأمم

أبو الطيب المتنبي عاش ما بين سنتي 303 و354 للهجرة، وها هي الأمة التي ضحكت من جهلها الأمم تدخل العام 1444 للهجرة. فهل نحن أحسن من عهد المتنبي؟

إن كنا أحسن من عهد المتنبي هنَّأْنَا أنفسنا بالعام الجديد، وإن كانت حالنا أسوأ أو كحال عهد المتنبي نَذَرْنَا للرحمن صومًا.. ودعونا الله -عز وجل- أن يعيننا على تغيير ما بأنفسنا لنغير التاريخ كما قال أستاذنا مالك ابن نبي.

يبدو لي أن عهدنا أسوأ، ذلك أن المتنبي حصر علتنا التي أضحكت علينا الأمم في علة واحدة، هي علة الجهل، سواء أراد بالجهل الأمية، أو أراد ما عناه الشاعر الجاهلي في قوله:

أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ علينا    فنجهل فوق جهل الجاهلين

ويبدُو لي -كرَّة أخرى- أنه يقصد الجهلين معا، ومعهما علل لا يعلمها إلا عَلَّام الغيوب.

لا أحب أن “أضيِّق” على الأخ العزيز سليم قلالة «مساحة أمله»؛ بل أدعو الله -عز وجل- أن يُوَسِّعَ مساحة هذا الأمل الذي يراه الأخ سليم قريبا، وأراه بعيدا… لما أرى من هذه العلل التي تحيط بالأمة من المحيط إلى المحيط، وتكاد تخنق أنفاسها فتسقط جثة يتعاورها الوحوش الآدمية.

كيف أتفاءل وقد صرنا “أسوأ أمة” بعدما كنَّا “خير أمة”؟ كيف آمُلُ، والأمل لا يثمر إلا بالعمل، وترك العمل عند بعضنا هو “السُّنَّة”!  كان سلفُنَا يُفْتَنُ في كل عام مرة أو مرتين، فإذا نحن نُفْتَنُ في كل يوم عشرات المرات، وكل فِتْنَةٍ أَفْتَنُ من أختها.. ولا نستعين بالله على وَأْدِهَا ودَفْنِهَا، وإنما نستعين بفتنة أخرى يوحي بها شيطان من الإنس أو الجان… ويزيدها اشتعالًا والتهابا قلة الرجال، وتبذير الأموال، والتبعات الثقال.

كان لنا جرحٌ واحد في فلسطين مع عدو سافر، فإذا في كل شبر من أرضنا جروحٌ، ولا آسٍ لها، ويزيد تلك الجروح نَزْفًا أنها من فعل “إخوة”.. يكيد بعضهم لبعض، ويتآمر بعضهم على بعض، ويتربص بعضهم ببعض، ويستنصر بعضهم على بعض بعدوِّهم جميعا.

إننا فقراء ونحن أغنياء، وضعفاء ونحن أقوياء، وكنا أخِلَّاء فصرنا أعداءً.. كانت أمتنا تصنع التاريخ بسيوف رجالها، وتسجّله بأقلام حكمائها، فصار شاعرُها يتساءل:

أمتي، هل لك بين الأمم        منبرٌ للسيف أو للقلم؟

كنا نُجَيِّشُ الجيوش لنجدة حُرَّةٍ مسَّهَا عِلْجٌ رُوميٌّ، صاحت «وامعتصماه»، فصارت آذانُنا في صَمَمٍ ولم تكن لنا نخوة المعتصم وصرخات عَذَارَانَا تصكّ آذاننا.

لا نيأس من رحمة الله، ولا نَقْنَطُ، ولا خروج لنا مما نحن فيه إلا بإحياء خُلُقَيْ الهجرة النبوية الشريفة وهما تضحية المهاجرين وإيثار الأنصار، فنعود سيرتنا الأولى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • KOFO

    اللهم ردنا الى ردا جميلا.