يا بلا أجيني..!
حالة التزاحم وعدم التراحم، وظاهرة الطوابير و”التطباع”، تؤكد إلى ما لا نهاية، إمّا أن “الوعي” تراجع، وإمّا أن درجة الاستهتار ارتفعت، وإمّا أن الناس اعتقدوا بأن كورونا انتهت، ولذلك خرجوا فرادى وجماعات إلى الأسواق والمحلات، وتخلوا فجأة عن التدابير الوقائية، ومنهم من ظنّ بأن الأمور عادت إلى نصابها، وهو ما دفع الأطباء إلى إطلاق صافرات الإنذار من موجة ثانية لفيروس “كوفيد 19” لا قدّر الله!
قديما قالوا “المحرم يروح مع المجرم”، والحال، أن الكثير من المستهترين والمغامرين، أفسدوا الأمور على الملتزمين بالإجراءات الاحترازية، وهو ما قد يؤدي إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه خلال الأيام الأولى من رمضان، إلى تشديد الرقابة و”القمع” ضد التجار والزبائن معا، من خلال إعادة تعليق بعض الأنشطة التي اختلقت الفوضى وتسبّبت في تهديد الصحة العمومية!
تخفيف تدابير الحجر الصحي ورفع القيود عن عدد من الأنشطة التجارية “الضرورية”، جاء ليخدم التاجر والزبون معا، ويحافظ على الأرزاق ويحرّك عجلة الاقتصاد، لكن الظاهر أن البعض من هؤلاء وأولئك، لا يريدون “تصديق” بأن كورونا هو قضية حياة أو موت، ومازالوا يتعاملون مع الوضع، بمنطق “تخطي راسي”، وعندما تصل إلى “راسو”، يكون الوقت قد فات!
المسألة لا تخص هذا أو ذاك، لا تخصّ الحكومة دون الشعب، ولا الشعب دون الحكومة، لا تخصّ وزيرا أو مديرا أو فقيرا أو غفيرا، لا تخصّ قوّيا دون ضعيف، ولا شاميا دون بغدادي.. إنها تخصّ الجميع، والوباء لا يفرّق بين فئة دون غيرها، كما أنه لا يرحم كبيرا ولا صغيرا، وبالتالي، لا داعي لهذا اللعب والتلاعب و”الجياحة” التي ستنشر أكثر الجائحة!
منذ البداية، كان الخطاب واضحا ومفهوما: الكرة في مرمى المواطن.. فالقرارات الاستباقية التي اتخذتها الدولة، وكلّ الإمكانيات المسخّرة، وفرض الحجر الصحي وحظر التجوال، وغلق المساجد وتعليق الصلاة، وتأجيل التظاهرات الرياضية والاقتصادية والملتقيات وحتى الأعراس تمّ تأجيلها بسبب الوباء، كلّ ذلك، لا يُمكنه أن يحقّق المُراد، ما لم يكن المواطن هو الفاعل الرئيسي في إنجاح كلّ المساعي الهادفة إلى قطع دابر كورونا!
كلّ المؤشرات والتحذيرات والشواهد والوقائع الميدانية، تؤكد أن بعض التجار وبعض المواطنين، وللأسف هذا البعض أصبح “كثيرا”، خرقوا النظام الصحي الاستثنائي، وضربوا بنصائح الأطباء، وتمرّدوا على تدابير مواجهة الوباء، ولذلك، لا غرابة لو “عدنا إلى نقطة الصفر” والعياذ بالله، أو تراجعت الحكومة عن إجراءات التخفيف، وأعادت غلق المواقع التي تحوّلت أو تكاد تتحوّل إلى “بؤر” حقيقية لهذه كورونا اللعينة التي يتعاطى معها المستهترون بحكمة “يا بلا أجيني وإلاّ أنجيك”!