“يشكور” فنان أبهر “كلينتون” فوجد نفسه مسجونا في محلّ منذ 27 سنة؟!

من رحم المعاناة خرج الفنان جيلالي يشكور ابن مدينة خميستي في ولاية تيسمسيلت، حيث يحاول استثمار قدرته الإبداعية لسد النقص المادي الذي تعاني منه عائلته رغم الظروف الصعبة التي يعيشها وانعدام الفرص، وكثرة العوائق التي لم يستطع معها أن يستشرف آفاقا بعيدة.
في أحد الأحياء الشعبية بمدينة خميستي الهادئة، تنام عدسة الفنان جيلالي يشكور الذي يرحب بنا في ورشته المتواضعة بعد 25 سنة أمضاها في التصوير الفوتوغرافي يلتقط بعدسته كل ما تكتنزه الطبيعة من سحر وجمال، وله مشاركات عديدة في مختلف الصالونات الوطنية كما له حضور قوي بأعماله المميزة التي انتزع خلالها العشرات من الجوائز والميداليات تكريما لأعماله التي يميزها الإحساس الدافئ بسر الوجود. هذا الفنان الذي كثيرا ما كان كأفضل مصور في العديد من مشاركاته في مختلف ولايات الوطن يقول: لم تكن أعمالي أفضل من الآخرين بل مختلفة عن أعمالهم كما أن البساطة التي تطبع أعماله الفنية هي السر الكامن وراء تميزه.. فنان تعددت مواهبه وبرع وأتقن أكثر من فن فشمل التصوير الفوتوغرافي والنقش على المعادن كما خاض مجال الفن التشكيلي؛ حيث احترف هذا الفن وأبدع فيه، تمثل الصورة كل شيء في حياته فوراء كل صورة حكاية تستحق أن تروي عن أيام خلت؛ العديد من أعماله الفنية المتميزة التي تعكس عشقه اللا محدود للطبيعة وصلت إلى وزراء ورؤساء دول انطلاقا من عبد العزيز بوتفليقة، وصولا إلى البيت الأبيض في عهد الرئيس بيل كلينتون، لتعلّق على جدرانه.
لكل صورة قصة ولكل قصة جائزة وبها يجمع الفنان أحاسيسه وأحلامه لينجز لوحة فنية غاية في الروعة والجمال، ولها دلالات ومعان تحكي واقع الجزائر قبل وبعد العشرية السوداء.
كما أن لفلسطين المحتلة جزءا من مخيلة هذا الفنان، فجسدت أنامله أروع الأعمال المنحوتة على الخشب تقدم واقع فلسطين المرير والموقف العربي المخزي تجاه القضية الفلسطينية.
من جهة أخرى، تعيش عائلة الفنان المتكونة من ثلاثة أفراد في وضع نفسي سيئ وانهيار تام ويائس إلى حد كبير، نتيجة معاناتها الطويلة التي امتدت إلى 27 سنة في غرفة واحدة هي في الحقيقة عبارة عن محل تجاري تقل مساحته عن 14م2 فهو يجمع بين ساعة النوم والطبخ والغسل والاستحمام ومختلف الاستخدامات، حيث يفترشون الأرض وسط الأغراض والأواني ويشاركون والدهم في النوم فيضطر في أغلب الأحيان إلى الغياب لأسابيع عن هذا القبر الضيق أو الوجه الآخر من جهنم على حدّ قوله.
الطفلة الوحيدة معوقة وتشكو من ضيق في التنفس ناتج عن الرطوبة المنتشرة في زوايا الغرفة البعيدة عن الشمس والتهوية، ذلك بات يمثل هاجسا يلقي بظلاله السلبية على الحياة الزوجية واستمرارها يقول الفنان التشكيلي يشكور، الذي ناشد السلطات تمكينه من مسكن يحفظ كرامة عائلته.
ع. تباق