-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يصلون في جنيف.. ويؤذنون في مالطا

يصلون في جنيف.. ويؤذنون في مالطا

عجبت لأمر الإنسان الغربي فأمره كله شر وسلوكه كله ضر، وعجبت أكثر للإنسان السويسري الذي يلتهم المال والغلة، ويكفر بالعشير والملة. فبنوك سويسرا تعج بأموال المسلمين، بمختلف العملات، فتعود بالنفع على كل ميادين حياة السويسريين والسويسريات. ودواليب التنمية فيها دائرة، ليلا نهارا، بفضل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وما تمطره عليها ألوان شتى من العملات.

  • وترفع سويسرا، سياسيا شعار الديمقراطية في التسيير، والحيادية في التعامل دوليا مع الغير، فإذا قام المواطن المسلم، أو المستثمر المنعم، بحق أداء شعائره، في وطن الإقامة، والجهر بالصوت في الصلاة، وفي الإمامة، جوبه بالرفض والمنع، باسم المحافظة على الديمقراطية وحق المواطن السويسري في السلامة.
  • ويحدث هذا، في فضاء ترتفع فيه مآذن الكنائس والبيع وصارخة بالنواقيس والأجراس معكرة لصفو هدوء الناس، كاتمة للأنفاس… ولو أن الأمر اقتصر على إصدار قوانين جائرة من أية سلطة محلية، لقلنا إنها أيد خفيه لا تريد الخير للدولة السويسرية، لكن، وقد أشرك المواطن السويسري في اتخاذ قرار منع المنارات في مساجد المسلمين وصادق بالأغلبية على حرمان المصلين من رفع مئذنة لمجرد أنها رمز لفئة من المتدينين المؤمنين برب العالمين، فذلك ما لم نجد له تبريرا في قوانين حقوق الناس أجمعين.
  • فأن ينظم استفتاء لمنع حق ثابت بالقوانين السماوية والوضعية، فإن أقل ما يوصف به هذا الاستفتاء أن الجواب فيه صحيح والسؤال خطأ، فقد عهدنا الاستفتاء ينظم حول قضايا كبرى، كتعديل الدستور أو منع استقبال الأموال المشبوهة من سماسرة الشعوب، وتجار الأسلحة، والمخدرات والرقيق  الأبياض، من طلوع الشمس إلى الغروب.
  • أما أن يطلب من المواطن في سويسرا بأن يدلي برأيه في حق ثابت لمواطن ـ مثله ـ في جواز أداء مشاعره، وحقه في بناء منارات مساجده، فإن مجرد السؤال اعتداء على حق المواطنة وخروج بالبلد السويسري، من حيادية تشريعه وتحطيم مبدإ المعايشة بين الطوائف والمساكنة. ثمّ تعالوا نسأل هذا المواطن المستفتى الذي رفض بأغلبية مبدأ ارتفاع المنارة ما هو الأذى الذي يلحق الإنسان أو المكان من هذه البناية؟ هل المنارات صواريخ يمكن أي تنفجر ذات يوم في سماء سويسرا؟ وهل ستبنى بالديناميت والمتفجرات فتمثل خطرا على البلد المسالم؟ معاذ الله إنه لا ذنب لهذه المنارات إلا أنها رمز من رموز المسلمين المستثمرين في البنوك السويسرية. ولا عيب فيها إلا أنها قد تقوم ذات يوم بتوعية الإنسان المسلم المستثمر بالبحث عن مصادرا لأموال المودوعة في البنوك.  
  • ومساءلة هؤلاء المستثمرين عن أسباب كنزها في بنوك أجنبية وحرمان شعوب بأسرها من أبسط حقوقها في العيش والسكن والعمل ألم يكلف المواطن السويسيري نفسه عناء السؤال ما السر في طرح موضوع كهذا للإستفتاء وهو ليس من أولويات البلد؟ وهل من باب جزاء الاحسان بالإحسان أن نكافئ اليد التي امتدت لنا بالمال أن نقطع عنها صالح الأعمال؟ ولنفترض أن أصحاب هذه الأموال صحى ضميرهم ذات يوم فأملى عليهم سحبها وتوجيهها إلى بلد آخر لا يضمر عداء للمسلمين ولا يجاهر بمقاومة رموز المتدينين الموحدين كيف سيكون مصير البنوك المتنامية كالفطريات؟ وماذا سيؤول إليه أمر مئات الآلاف من موظفيها وبالتالي المعنيين من أسرها وساكنيها؟ فهل سيتحقق الحلم ويصحوا أصحاب الأموال المودوعة على صرخات أصوات الاستفتاء المرفوعة فيعيدوا الأموال إلى نصابها والأموال المشبوهة إلى أصحابها
  • لقد سئمنا ـ والله ـ تصرفات الانسان الغربي العنصري المتعصب الذي عودنا على تفجير كبته العنصري المتعصب في تبني الهجوم على المسلمين لأنهم أضعف ناصرا من حكامهم وأغنيائهم وسياسيهم فقد عودنا الغرب على شن حملات الفضائح على المسلمين فصولا ومشاهد متتالية. كلما انتهى فصل أو مشهد عوض بمشهد أو فصل أخر فبعدما خبت أضواء مسرحية “آيات شيطانية” لسلمان رشدي في بريطانيا فجرت فصول الرسوم الاثني عشرة من صحفيي الدنمارك، حتى إذا خفت وهيجها بعد التيّ والنيّ جاءت فتنة الحجاب في فرنسا فشغلت ولا تزال تشغل بال المسلمين والمسلمات في بلد الحرية والأخوة والمساواة.
  • وبينما الناس لا يزالون مفتونين بآثار منع الحجاب في المؤسسات الرسمية وحتى الدينية، ها هي الفتنة تطل علينا برأسها من البلد المحايد سويسرا، والله أعلم، بفصول المسرحية الإسلاموفوبية التي تحاك مشاهدها الآن، والتي ستكون بديلا للمنارات السويسرية.
  • فهل هان المسلمون على أنفسهم وعلى الناس، إلى الحد الذي أصبح يتجرأ عليهم فيه كل ناهب وكل ناعق؟ أما آن لعلماء المسلمين، وحكامهم وأغنيائهم ومواطنيهم الشرفاء أن يهبوا في وثبة مضرية أو نجدة معتصمية، فيتحصنوا بالوعي وهو عاصمهم، وبالاتحاد وهو جامعهم، وبالتصدي وهو قاسمهم المشترك الأعظم؟ 
  • أما آن لنخبنا المسلمة أن تقوم في شكل رجل واحد فتضع الخطة الاستراتيجية المسالمة لنصرة دين الله وحماية اتباعه من الذل والهوان الذين هم فيه؟
  • ثم إن على الغرب أن يدرك أن لصبر المسلمين حدود، وأن المصالح التي تغدق عليه من بلدان المسلمين يمكن أن تصطدم في يوم من الأيام بسدود وبنود فتحول جنة الغرب إلى جحيم وبحبوحة عيشه إلى سقيم.
  • وإني لأعجب من غرب يتبجح بالمستوى الثقافي ولا يملك الوعي الكافي بمخاطر ما تجلبه له سياسة العداء للمسلمين حتى لينطبق عليه قول الشاعر العراقي معروف الرصافي:
  • عجبت لقوم يخضعون لدولة
  • يسوسهم في الموبقات عميدها
  • وأعجب من ذا أنهم يرهبونها
  • وأموالها منهم ومنهم جنودها
  • لقد طفح الكيل وفاض السيل فويل ثم ويل ثم ويل؟؟؟ وما ذا بقي على مسلمي سويسرا أن يفعلوه، بعد أن منعوا صوت الأذان؟
  • بقي عليهم أن يستعيدوا المثل القديم ليستأنسوا به وهو أن يصلوا في جنيف وأن يؤذنوا في مالطا.
  • فالصلاة في جنيف بدون أذان لم يعد لها معنى والأذان في مالطا بدون صلاة لا معنى له، وهكذا ضاع المسلمون بين سويسرا ومالطا.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ا. يعيشى

    للكاتب: انت تتكلم عن سويسرا و كانها دار اسلام! ثم انك تجهل ان السويسريون يستفتون في الامور الكبيرة والصغيرة! و انتبه لكونك جعلت من رفع الماذن امر صغير! هل تعتقد ان اموال المسلمين في سويسرا هي عصب الاقتصاد عندهم!? على المسلمين الانتباه الى متى تجوز لهم الهجرة ومتى تجب ومتى تحرم. ثم ما مدى الدعم الاسلامي للاقليات المسلمة. امر عجيب ان تنبه السويسريين الى خطورة الامر بعد ان صدر القانون! اين الحملة المضادة قبل الاستفتاء!? تعرف كيف تبكي على الاطلال كما انك تحسن استعمال السجع! لنكن علميين و موضعيين. مع احترامي للكم.