الرأي

يناير.. بماذا ولماذا؟

عمار يزلي
  • 4372
  • 16
أرشيف

لماذا وكيف، الاحتفال بالناير أو يناير؟ الاحتفال به، ليس لأنه بداية السنة الأمازيغية فقط، لأن ذلك إنما رُسم حديثا بعد أن بقي مطلبا بربريا من الأكاديمية البربرية في فرنسا منذ الثمانينيات. إننا نحتفل به كتقليد موروث عن الأسلاف البربر باعتباره بداية السنة الفلاحية.. لا غير، بدليل أن بعض القبائل الرعوية الأمازيغية لا تعرف يناير ولا تحتفل به، لأنه لا يمثلها فلاحة، فالرعي هو نظامهم الاقتصادي بامتياز.
تقليدٌ وثني روماني وقد يكون ذا أصولٍ فينيقية أيضا، لكون الفينيقيين كانوا يحتفلون بإلهِ الخصب والنماء والماء، بعل ومولوش، خاصة المجتمعات التي تعيش على حضارة الماء والأنهار.. الرومان والفينيقيون كان لهم تأثيرٌ حضاري كبير على بلاد الشمال الإفريقي الأمازيغي، خاصة دولة قرطاجنّة وما يليها من دول متحالفة ومنها دولة سيفاكس في غرب الجزائر (بني صاف رشقون حاليا.. كانت عاصمة سيفاكس.. أي صفاقص). إذن الاحتفال بقي مجرّد طقس فلاحي يعتمد على أكل خليط من كل المأكولات والمنتجات الفلاحية تبرُّكا بالعام الجديد، مع طقوسٍ شفوية. الناير، كان في السابق عادة وعيدا وثنيا، ثم مع الفتح الإسلامي صار مجرَّد طقس ثقافي تاريخي حضاري لا صلة له بالفكر الوثني وإنما شكرا لله على نعمه التي يطلبونها منه وحده فقط. لهذا، فالإسلام لم يحارب مثل هذه الممارسات حتى وإن كانت عيدا أو عادة وثنية سالفا تحوَّلت إلى عيد مسيحي لاحقا في التقويم الغريغوري. للعلم أن الرومان كان عندهم 10 أشهر فقط؛ إذ يبدأ العام من فبراير وينتهي في ديسمبر. وتسمى الشهور على آلهتهم.. مثل مارس، جويلية.. إلخ، أو الشهر السابع سبتمبر، الثامن أكتوبر، التاسع نوفمبر، العاشر ديسمبر.. كان هذا مع يوليوس قيصر الذي أراد أن يقيم تقويما مسيحيا لميلاد المسيح بعد أكثر من 3 قرون على ميلاد المسيح عليه السلام.. وكان من الصعب أن يعرف اليوم الحقيقي لميلاه، فوقع الخطأ إلى اليوم.. واحتفل رومانيا بيوم إله الشمس المصادف لـ25 ديسمبر وصارت بداية السنة في 1 جانفي، اليوم السابع، يوم ختان المسيح عليه السلام حسب الاعتقاد المسيحي. هذا هو التقويم القمري الغريغوري الذي قام به القديس غريغوار مصححا به التقويم القديم ليوليوس قيصر الذي كان يرى أن ميلاد المسيح كان في 11 جانفي. وإلى حد الآن لا أحد يعرف بالضبط تاريخ ميلاد المسيح.
الناير إذن موروثٌ روماني فينيقي قرطاجنّي بربري لبداية السنة الفلاحية القديمة في 11 جانفي بحسب تقويم يوليوس قيصر.
والآن، إنما نحتفل به كظاهرةٍ ثقافية لا دينية، وأعتقد أنه لولا الأكل لما بقي من الناير شيء، فنحن عادة ما نحتفل بالأكل والشرب أكثر ما نحتفل بالمناسبة المجرّدة.
حتى في ديننا، حوّلنا عيد الفطر إلى عيد للأكل.. وهذا قد يُفهم بعد صيام رمضان، لكن الإسراف في الحلويات هو ما لا يُفهم. نفس الشيء في عيد الأضحى، صار عيد لحم، وليس عيد نفقة وصلوات وتزاور وكبش يُقدَّم قربانا إلى الله عن طريق تقديمه صدقة أو جزء منه.. إلا أننا حولناه إلى يوم للشواء والقلي وكل أنواع الرفث البطني. أول جانفي، يوم ختان المسيح؟ هههه يوم السابع.. الأكل على أشدِّه والشرب والفجور والفسوق والعصيان..
أوّل محرّم، بداية السنة الهجرية هي المناسبة الوحيدة الإسلامية وغير الإسلامية التي لا احتفالات أكل وشرب فيها.. مثل عاشوراء.. وهما المناسبتان اللتان لا يهتم أحد بهما.. لأنهما ببساطة ما فيهاش أكل…
هذا في انتظار أن تتحول إلى مناسبة.. قدور.. لا قدر الله.

مقالات ذات صلة