-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الاحتفال بالمناسبة يحدث حركية في الشوارع

يناير.. تجديد اجتماعي وانتعاش تجاري

وهيبة سليماني
  • 545
  • 0
يناير.. تجديد اجتماعي وانتعاش تجاري

أعاد الاحتفال برأس السنة الأمازيغية “يناير” المصادف لـ 12 جانفي من كل عام، حيوية وأجواء الفرح الجماعي، وأنعش الحركية التجارية وبعث في الشوارع الجزائرية مظاهر التحضير لعرس كبير تسترجع من خلالها تقاليد وعادات كادت أن تختفي في السنوات الأخيرة في بعض المناطق.

واكتظت يوم الأربعاء، القصابات والمحلات، والمراكز التجارية بالزبائن الذين توافدوا على شراء مستلزمات الاحتفال بـ”يناير”، خاصة بعد تلاشي قيود وباء كورونا، الذي أصبح حدثا من الماضي رغم تسجيل بعض الإصابات بالفيروس.

ومن خلال جولة استطلاعية قادت “الشروق” إلى بعض الأسواق الشعبية والمحلات والمساحات التجارية والمراكز في العاصمة، تبين أن “يناير” يحظى بخصوصية واهتمام منفرد مقارنة برأس السنة الميلادية، حيث استعدت العائلات من خلال شراء اللوازم الخاصة بالأطباق التقليدية، والألبسة والإكسسوارات، وكل ما يعطي طابعا أمازيغيا في البيوت.

ولأن الاحتفال بالسنة الأمازيغية “يناير” بات مناسبة رسمية، فإن المدارس ورياض الأطفال، وأقسام المستشفيات العمومية الخاصة ببعض المرضى بينهم الأطفال ومرضى السرطان، هي الأخرى ساهمت بشكل كبير في انتعاش التجارة الموسمية، وسوق الألبسة، حيث سارع الأولياء إلى اختيار أنسب الملابس لأبنائهم وأجملها.

ورغم أنّ أسعار اللّحوم البيضاء عرفت زيادة طفيفة مقارنة بالأيام الماضية، وذلك لزيادة الطلب، إلاّ أنّ احتفالات يناير حتمت على الكثير من العائلات الجزائرية الإقبال على شرائها، مع العلم أن البعض يفضل شراء “ديكة” حيّة وذلك كتقليد متعارف عليه في بعض المناطق.

وشهدت أسواق الخضر والفواكه هي الأخرى توافدا كبيرا للزبائن تحسبا ل”يناير”، حيث عرفت بعض الخضروات مثل “الكوسة” و”اللفت” ارتفاعا محسوسا في الأسعار، وانتهز بعض التجار، رغم قانون المضاربة فرصة المناسبة لرفع السعر تحججا بزيادة الطلب.

الملابس والمكسّرات والفواكه الجافة.. فرصة للتسويق

وحسب الاستطلاع الذي قامت به “الشروق” في منطقة حسين داي والقبة، والحراش، فإن بيع المكسرات والفواكه الجافة شهد اهتماما وإقبالا منقطع النظير يعطيك انطباعا بأنّك على أبواب شهر رمضان، حيث علّقت سيدة كانت تشتري “الزبيب” واللوز من محل بحسين داي، قائلة “إن يناير لديه مكانة اجتماعية في عائلتنا، وهو يعيد الروابط بين أفرادها، وأنا اعتز بهذه المناسبة ولا يهمني ما أخسر من مال، خاصة أنها فرصة لتعويض ما عانيناه مع الحجر الصحي ووباء كورونا الملعون”.

وعبّر الكثير من تجار المكسّرات والفواكه الجافة عن سعادتهم بعودة الحركية التجارية إلى محلاتهم تزامنا مع هذه المناسبة، خاصة حسبهم أن غلاء مثل هذه المواد لا يشجع على شرائها يوميا من طرف الجزائريين، وإن “يناير” يدفع الكثير منهم لشراء ما يعرف بخليط المكسرات والحلوة والشكولاطة.

وفي محلات الألبسة التقليدية خاصة ذات الطابع الأمازيغي” الشاوي، القبائلي، والمزابي، والصحراوي”، وحتى في ورشات الخياطة الرجالية والنسوية، أقبلت عائلات لاقتناء انسب الملابس وخاصة للأطفال احتفالا بسنة امازيغية جديدة دون قيود كورونا، وأيضا للمشاركة في احتفالات عبر مؤسسات تربوية ومستشفيات وبعض المراكز الثقافية والشبابية.

يناير تجديد اجتماعي

ويأتي هذه السنة احتفال يناير مغايرا تماما، حيث أكدت الباحثة في علم الاجتماع ثريا التيجاني، أنّ المناسبة أبرزت الروح الجماعية، وربطت وجدانيا العلاقات بين أفراد المجتمع، وجهات من الوطن، كما تبين حسبها، أن الحركية التجارية الغير عادية في الشوارع وانتعاش مختلف السلع سواء الغذائية أو الاستهلاكية وحتى الكماليات، ومواد التزيين والملابس، والإكسسوارات، ساهم في بعض الفرح والسعادة سواء عند التجار أو عند الزبائن وحتى المتجولين.

وقالت التيجاني، إنّ يناير لسنة 2023، تجديد اجتماعي يتناسب مع الجزائر الجديدة، حيث يمهد لمجتمع متساوي، فالتضامن والاحتفالات الجماعية في مؤسسات رسمية، وتربوية وثقافية، يرسخ لعادات وتقاليد تقوي الهوية الجزائرية، وتميزها عن باقي الدول العربية والإسلامية، كما يؤكد على استمرار خصوصياتنا وعدم زوالها في ظل انفتاح الاقتصادي والتكنولوجي والتطورات السريعة الحاصلة في زمن الرقمية.

وأوضحت الباحثة في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الدكتورة ثريا التيجاني، أن يناير ثقافة وعادات عايشها أجدادنا ورغم اختلاف الآراء والمواقف تجاه هذه المناسبة، إلا أنّ الاحتفال بها له فائدة اجتماعية وتجارية، قد تعيد الروابط وتقضي على الجهوية، وتبعث نشاطا ثقافيا من خلالها يمكن التعريف بتقاليد لبعض المناطق لم نكن نسمع بها، كما أنها اجتماعيا تشجع على عرض الأطباق التقليدية وألبسة، والصناعات والحرف التقليدية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!