الرأي

“‬دعوشة‮” ‬بالإكراه

رشيد ولد بوسيافة
  • 2678
  • 2

عشرات الأسئلة الغامضة تثار حول عملية اختطاف الرّعية الفرنسي‮ “‬بايرفي‮ ‬غوردال‮” ‬بجبال تيزي‮ ‬وزو،‮ ‬وأولها علاقة هذا الاختطاف والشريط الذي‮ ‬بث على مواقع الانترنت بالأشرطة التي‮ ‬اشتهر بها التنظيم الإرهابي‮ ‬الذي‮ ‬يطلق على نفسه الدولة الإسلامية في‮ ‬العراق والشام‮.‬

هذا‮ “‬السّائح‮” ‬الفرنسي‮ ‬اختار زيارة إحدى أسخن المناطق في‮ ‬الجزائر في‮ ‬ظرف دولي‮ ‬حرج‮ ‬يتم بتشكّل التحالف الدولي‮ ‬لمقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية في‮ ‬العراق والشام،‮ ‬وفي‮ ‬سبيل ذلك خالف القواعد الأمنية المفروضة على تنقل الأجانب في‮ ‬الجزائر،‮ ‬واعترف بذلك في‮ ‬حسابه على الفسيبوك وهو الحساب الذي‮ ‬اختفى بطريقة مثيرة تشتم منها رائحة العمل الاستخباراتي‮.‬

ثم ما هذا التهويل الإعلامي‮ ‬العالمي‮ ‬الذي‮ ‬يريد‮ “‬دعوشة‮” ‬بقايا بقايا الإرهابيين في‮ ‬الجزائر بعد أن نجحت البلاد في‮ ‬التصدي‮ ‬للإرهاب والتّطرف،‮ ‬لتدشّن عمليه‮ ‬غوردال مرحلة جديدة تعتمد على الصدى الإعلامي‮ ‬للعمليات التي‮ ‬يقوم بها الإرهابيون بأهداف عدة على رأسها إيجاد مبررات التدخل الأجنبي،‮ ‬وذلك أمر بعيد المنال،‮ ‬لأن الجزائر ليست العراق أو سوريا‮.‬

وعلى الرغم من الاختلالات السياسية الاقتصادية في‮ ‬الجزائر،‮ ‬وإخفاق السلطة في‮ ‬إدماج كل الجميع في‮ ‬مشروعها السياسي،‮ ‬إلا أن الجزائريين متحدون على رفض الإرهاب والتطرف،‮ ‬ومجمعون على محاربته ومحاصرته،‮ ‬وعليه فإن محاولات خلق كيان اسمه داعش أو فصيل مسلح تابع له لا‮ ‬يمكن أن تنجح أو تنتشر‮.‬

من الواضح أن القوى الغربية تريد جر الجزائر إلى التحالف الدولي‮ ‬الجديد لمحاربة تنظيم داعش من وراء هذه العملية المشبوهة التي‮ ‬جاءت بعد تأكيد الجزائر لموقفها الرافض للتّدخل خارج الحدود،‮ ‬خاصة في‮ ‬ليبيا،‮ ‬أين تورّطت فرنسا هناك حتى النخاع عندما ساندت الفصائل المحسوبة على حفتر ضد باقي‮ ‬الفصائل المسلحة‮.‬

لذلك،‮ ‬فإنّ‮ ‬ثبات الجزائر على هذا الموقف هو عين الصواب في‮ ‬المرحلة الراهنة،‮ ‬وليس ذلك بالأمر الصعب،‮ ‬لأن البلاد سبق لها مواجهة أزمات أخطر بكثير من اختطاف رعية فرنسي،‮ ‬خصوصا إذا وضعنا هذا الحادث في‮ ‬سياقه الدولي‮ ‬الرامي‮ ‬إلى إحراج الجزائر وإقحامها في‮ ‬حرب بعيدة عنها جغرافيا‮.‬

لقد صاغت الجزائر استراتيجيتها في‮ ‬مكافحة الإرهاب،‮ ‬وهي‮ ‬استراتيجية لها جانب أمني‮ ‬وجانب سياسي‮ ‬وجانب فكري‮ ‬وديني،‮ ‬وما‮ ‬يفعله التّحالف الدولي‮ ‬ضد تنظيم داعش هو استراتيجية أمنية بحتة تستهدف الإبقاء على تنظيم داعش كتهديد دائم في‮ ‬المنطقة العربية،‮ ‬وهو ما‮ ‬يتيح وجود‮ ‬غربي‮ ‬دائم لرعاية مصالحه في‮ ‬المنطقة،‮ ‬لذلك لا‮ ‬يمكن للجزائر أن تكون ضمن هذا التّحالف بشكله الحالي‮…‬

مقالات ذات صلة