-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

‭ ‬الصحافة‭ ‬والكرة‭ ‬تقتلان‭ ‬أيضا‭!‬

حفيظ دراجي
  • 13985
  • 26
‭  ‬الصحافة‭ ‬والكرة‭ ‬تقتلان‭ ‬أيضا‭!‬

لفت انتباهي عنوان أوردته إحدى اليوميات الوطنية الصادرة هذا الأسبوع، لكني لم أتفاجأ بمضمونه المتعلق بالأساتذة والمعلمين الذين دخلوا “زنقة لهبال” في الجزائر -حسب تعبير الجريدة- بسبب ما يعانونه من أمراض عصبية ونفسية أدت إلى إصابة الكثير منهم بالانهيار العصبي والهذيان والجنون، وأمراض جسمانية أخرى قتلت الكثير منهم جراء الضغوط التي يعانونها من خلال ممارسة أنبل وأجمل المهن التي صارت مصدرا للأرق والمرض والموت المفاجئ، ولم تعد تلك المهنة التي كنا نحلم بممارستها عندما كنا صغارًا!

  •  وإذا كان هذا هو حال المعلم والمربي التي تقع على عاتقه مسؤولية تنشئة الأجيال، وهذا هو حال المثقف والمتعلم، فما بالك بأحوال الطبيب والمهندس والطيار والإداري والشرطي والميكانيكي والبطال وغيرهم؟ وماذا لو بحثنا في أسباب أمراضهم ووفياتهم وتطرقنا إلى مشاكلهم وظروف‭ ‬ممارستهم‭ ‬لمهنهم؟‭ ‬وماذا‭ ‬لو‭ ‬تكلم‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬وكشف‭ ‬للطبيب‭ ‬النفسي‭ ‬عن‭ ‬مكنوناته‭ ‬وما‭ ‬يعانيه‭ ‬مع‭ ‬ذاته‭ ‬ومع‭ ‬من‭ ‬حوله؟
  •   أدرك جيدا أن الموت حق ولن يتأخر أو يتقدم دقيقة واحدة إذا جاء أجله، ولكني بحكم ممارستي لمهنة المتاعب ومتابعتي للعبة المصاعب (كرة القدم)، أكاد أجزم بأن الصحافة والكرة تتسببان لأصحابهما في الكثير من الأمراض، وتقتلان “بالقنطة” أكثر من أي مجال آخر، خاصة عندما أسمع عن الكيفية التي يموت بها الزملاء والوجوه الرياضية، وأسمع عن الإعلاميين والمسيرين والمدربين واللاعبين الذين دخلوا “زنقة لهبال” بسبب الضغوط التي يعيشونها، والهذيان الذي يصيبهم من جراء الإفراط في الاهتمام، ومن كثرة المشاكل والمتاعب والعراقيل، وصعوبة ممارسة‭ ‬اللعبة‭ ‬والمهنة‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬طغت‭ ‬عليه‭ ‬الأنانية‭ ‬والمادة‭ ‬والحقد‭..‬
  •   فهذا يموت من شدة ضغوط المهنة ومتطلباتها وما يحيط بها، وذاك يموت ببطء بسبب ضغوط النتائج والأنصار والمحيط، وإن لم يمت أصابه الجنون بسبب متطلبات ممارسته لهذه المهنة أو تلك، وبسبب قلة الإمكانيات والتفكير المتواصل في كيفية الخلاص من المؤثرات، وبسبب كل هذا الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بالإعلام‭ ‬والكرة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬والمزايا‭ ‬والأطماع‭ ‬والأضواء‭ ‬المسلطة‭ ‬عليهما‭..‬
  •   في الإعلام والصحافة -وأبدأ بنفسي- أقر بأنني كنت قريبا من دخول “زنقة لهبال”، وقريبا من الإصابة بالانهيار العصبي عندما كنت في التلفزيون الجزائري، بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، والمهنية والشخصية، وبسبب صراعنا اليومي مع الذات وعلى كل الجبهات.
  •   واليوم عندما أتمعن في الكيفية التي يموت بها الزملاء الصحافيون والتقنيون بل والإداريون أيضا، وأتمعن في الأمراض المزمنة التي يعانيها زملائي في الصحافة المكتوبة والمسموعة.. أتيقن بأن الصحافة عندنا تقتل أيضا بكيفية رهيبة وغريبة، فأغلب العاملين في القطاع يتخبطون‭ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬صحية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وأخرى‭ ‬نفسية‭ ‬مزمنة‭ ‬وقاتلة،‭ ‬وأغلبهم‭ ‬ضيعوا‭ ‬حياتهم‭ ‬الشخصية‭ ‬والعائلية،‭ ‬وتاهوا‭ ‬وسط‭ ‬عالم‭ ‬مليء‭ ‬بالحب‭ ‬والمتعة‭ ‬والشهرة،‭ ‬وبالكره‭ ‬والحقد‭ ‬والحسد‭..‬
  •   عالم فيه من ينبش في عيوب الغير ونقائصهم، ولا ينظر في المرآة ليشاهد عيوبه ويعالج الأمور بعيدا عن الذاتية والمصلحة.. عالم فيه من يبحث ليل نهار عن الإشهار والأخبار والمادة الإعلامية المثيرة، بعيدا عن المهنية ورقابة الضمير.. عالم فيه من يحب هذه المهنة ويقدرها،‭ ‬ويحترم‭ ‬القارئ‭ ‬والمشاهد‭ ‬والمستمع‭ ‬ويسعى‭ ‬لخدمته‭ ‬وخدمة‭ ‬وطنه،‭ ‬ولا‭ ‬يشعر‭ ‬بالتعب‭ ‬ولا‭ ‬يرتاح‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يدخل‭ ‬‮”‬زنقة‭ ‬لهبال‮”‬‭ ‬أو‭ ‬يغادر‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭..‬
  •   أما في الكرة فإن المال والشهرة، والخيبة والفرحة.. كلها عوامل قتلت البعض، وطرحت البعض الآخر على فراش المرض، فصرنا نسمع عن المسيّر وهو يموت أو يمرض حسرة على الكرة وأحوالها، وبسبب ضغوط البحث عن النتائج ومصادر التمويل، ويموت لأنه يريد الفوز باللقب أو الصعود أو يريد البقاء رئيسا مدى الحياة. كما نسمع عن المدرب يموت أو يدخل “زنقة لهبال” لأنه أخفق في التتويج باللقب أو ضمان البقاء، ولا يتقبل الإقالة.. ويدخل “زنقة لهبال” لأنه يريد أن يكون مدربا وطنيا، ويمرض من شدة “القنطة” والغيرة والحسد لأن زميله صار مدربا وطنيا أو‭ ‬توج‭ ‬باللقب‭.‬
  •  اللاعب بدوره يمرض ويموت لأنه لا يتقبل سنة الحياة، بعدما يجد نفسه بعيدا عن الواجهة ولم يستفد من نجوميته في وقتها، ولم يعد لاعبا دوليا تتهافت عليه الأندية، ولم يفكر في تأمين مستقبله عندما كان يتقاضى الأموال بالملايين، فتجده “يشحت” وظيفة أو منصبا أو مبلغا ماليا‭ ‬ينفقه‭ ‬على‭ ‬أسرته‭.‬
  •   أما المناصر فصار يعاني هو أيضا لأن فريقه خسر المباراة أو نزل إلى الدرجة السفلى، وقد يموت فرحاً أو حسرة أو بسبب حماسه الزائد ومشاجرته مع مناصر آخر، كما قد يمرض بسبب خسارة المنتخب لأنه في نظره يجب أن لا يخسر.
  •   المثل عندنا يقول “تعددت الأسباب والموت واحد”، ولكن في الصحافة والكرة يكثر الأموات والمرضى والسبب واحد.. ينحصر في ضغوط المهنة والممارسة، وعدم قدرتنا على تقبل الأشياء والتعامل مع الفوز والخسارة، وانعدام القناعة والأخلاق.. وحتى إن لم تقتل الصحافة والكرة، فإنهما‭ ‬تقودان‭ ‬إلى‭ ‬‮”‬زنقة‭ ‬لهبال‮”‬،‭ ‬وعندها‭ ‬يكون‭ ‬الموت‭ ‬مرة‭ ‬واحدة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفارق‭ ‬الحياة‭..‬
  •   وما دام كل شيء يؤدي بالمعلم والصحافي والرياضي إلى “زنقة لهبال”، فإن منظومتنا الاجتماعية تعاني خللا يجب الوقوف عنده وإصلاح ما يمكن إصلاحه، لأننا نملك القدرة على ذلك، ولا تنقصنا سوى الرغبة والإرادة وقليل من الأخلاق وكثير من الحب بيننا.. وعندها يموت المعلم والصحافي‭ ‬والرياضي،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬التعليم‭ ‬والصحافة‭ ‬والرياضة‭..‬
  • ‭  ‬
  • ‭  ‬derradjih@gmail‭.‬com‭  ‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
26
  • amel

    baraka allaho fik ou lesanek ynakte la3sela klame chebabe ou swab

  • samir

    salam mirsi jornal chorok ta7ya dzayar viva lvaar

  • عاشق الجزائر

    ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد فالسعاده في تقوى الله سبحانه وتعالى وليس في غيرها وكما قال أخي Djelloul : Deutschland ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا وقانا الله وإياكم الغفله عن ذكر الله (عاشق الجزائر )

  • سليم

    على الدولة تنظيم مهنتا التعليم والصحافة ووضع قوانين تحمي ممارسيها

  • salim

    شكرا على تعليقك هذا فأنت في الصواب وفقك الله وأعانك وشكرا للجميع

  • mohammed

    صدق المولى عز وجل "قل متو لابغيظكم" وما أكثر الحاسدين والحاقدين في هذا الزمن

  • ملوك

    ربي يحفظك حفيظ
    على هذا الكلام

  • soumia

    والله عندك الحق يا خويا حفيظ

  • عماد

    *********** و للكعبة رب يحميها *****

    *** و للجزائر رجالها ***** تهلان دا الهضبات هل يتحلحل * شكرا حفيظ .

  • الشيطى

    ومن رضى بغير الاسلام عزا ازلة اللة وهذا هو حالنا جميعا وانا اؤيد صاحب التعليق رقم4من يمضى عمرة يركض وراء السراب فلابد لة ان ينهار وتختل موازينة لكن عزة الاسلام هى الحقيقة المطلقة ولابديل عنها لرفعة شاننا وعلو هممنا ودائما ندعو (اللهم لاتجعل الدنيا اكبر همنا)ولاتحكم فينا من لايخافك فينا ولايرحمنا وحفظك اللة وايانا من الفتن ماظهر منها وما بطن وامتنا مازالت بخير طالما يتولى امورنا خيارنا وتقوانا ولابد ان نتقى اللة فى اعمالنا وتربية اولادنا فى السر والعلانية

  • بدون اسم

    monsieur hafidh je suis pas d acoord avec vous, en premier c pas seulement les journalistes et les enseignants qui souffre dans ce pays , c tout les algeriens devienent fous , wallah on ai fatigue de ce system au contraire c le football qui nous distraire un peu et le choc et le stress de foot ca dure pas comme bcp de choses qui nous laisse sans aucun valeur , en tout cas merci hafid

  • rawla

    merci hafid

  • soumis

    quoi faire des fois on a besoin de pleurer pour se sentir degager de nos engoises moi se que je fais et sa me reussis

  • نعيمة

    يسلم تفكيرك ويارب ناس تفهم واش قلت

  • طارق

    3andk al hak.

  • fatiha

    mreciy

  • بدون اسم

    merci hafid

  • بدون اسم

    oui monsieur hafid l algerie a dieu

  • awicha

    عندك كلّ الحق فيما قلته و الحمد للّه يوجد من يحسّ بحالة الموطن الجزائري ا

  • mokhtar

    wallahi alah ya3tik saha ya hafid

  • roma wela ntouma

    merci de la part de mes sourirs khouya hafid nta li sobtha hada sh'hel nhawass 3liha

  • على ممتاز على

    الله يفتح عليك بالخير يا أستاذ حفيظ - وقاك الله زنقة لهبال

  • العــــــــــــــــــــــــــــــــز عـز الديـــــــــــــــــــــــــن

    آ حفيظ ... آ حفيظ ... آحفيظ !!!

    وتعظم في عين الصغير صغارها
    وتصغر في عين العظيم العظائم

    يا سي حفيظ دراجي شأن الكرة صغير ولكن عندما صغرت هممنا نفخوه لنا بالأوهام فسحروا أعيننا حتى رأيناه أكبر من حجمه ومنحناه ما لا يستحق من ثمين وقتنا وعظيم جهدنا ووفير أموالنا طمعا في سراب يخدعنا مرة تلو أخرى.
    ومن يمضي عمره راكضا وراء السراب لا بد وأن ينهار.

  • fathi

    الايمان بالله + ذكر الله + الارادة + تغير نمط الحياة + النظرة الايجابية في الحياة = الراحة النفسية والطمأنية

  • reda

    ما شاء الله

  • Djelloul

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ألسبب هو ((ومن يعرض عن ذكري فان له معيشة ذنكى))

    من أراد أن يسعد في الدارين عليه بكتاب الله و سنة رسوله في بيته في طريقه في عمله ..........

    الله أعلي و أعلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته