”بوشكارة” 2012!
قديما، كانت الأمهات والجدّات تحذرن أطفالهن من “بوشكارة”، أو الشخص الشرير الذي يأتي ليلا من أجل اختطاف الصغار وترهيبهم إن لم يناموا باكرا، أما في الوقت الحالي، فقد عاد “بوشكارة” مجددا للمشهد الجزائري، ولكنه أصبح نائبا في البرلمان!
بوشكارة 2012 يتمنى أيضا لو نام ليله ثم استيقظ ليجد نفسه وزيرا، خصوصا أنه رجل أعمال أو “بيزنس مان” محترم، مقرّب من السلطة وله نفوذ واسع، ويركب أرقى السيارات ويقيم في أفخم الفيلات، ومشاريعه لا تعد ولا تحصى داخل البلاد وخارجها!
البعض سيقول: بوشكارة هو بوشكارة، لم يتغير طبعه، حتى وإن تبدّل سلوكه، فهو الشرير في قصص الأمهات وحكايات الجدّات، واليوم هو الشرير الذي تحميه الدولة وتوفر له كامل الحقوق التي تجعله سوبر “بوشكارة”، فوق رؤوس جميع المواطنين الزوالية والخائفين منه ومن سلطته!
“بوشكارة” الذي تجده في كل الأحزاب، عاد مجددا في حرب الانتخابات الأخيرة، وكان حاضرا في المؤتمر الذي أحبطه خصوم موسى تواتي في الأفانا، حيث قال هؤلاء أن تواتي يحب “الشكارة”، واعتمدها معيارا أساسيا للترشيح، هم لم ينزعجوا حين دفعوا له الملايير مقابل ذلك، لكنهم منزعجون جدا بعد وصولهم قبة البرلمان، فجأة، تذكروا أن ما منحوه لزعيمهم رشوة، يحاسبهم الله عليها يوم القيامة!
ما يحدث داخل بعض الأحزاب السياسية تتعفف عن ممارسته أقذر العصابات والمافيا وجماعات اللصوص وقطّاع الطرق!
وما يفعله عدد من السياسيين والمتحزبين في الجزائر من بيع للشرف بمناسبة أو بدونها، تتعفف عن ممارسته أيضا أقدم العاهرات وأرخصهن ثمنا، وأكثرهن خبرة في بيع الهوى وممارسة أقدم مهنة في التاريخ!
“بوشكارة” في حكايات الجدّات شخص مسكين، مواطن مسلوب المواطنة، لا نعرف له وجها ولا اسما ولا عنوانا، لكن “بوشكارة” في الجزائر، شخص لئيم يتصدّر جميع المشاهد، ويتواجد في كل الزردات والولائم، تجده في البرلمان وفي الحكومة وفي ملاعب الكرة، والندوات الشعرية، في الإعلام وداخل جمعيات الدفاع عن النساء والرجال، وحتى بين أنصاف النساء وأرباع الرجال، تجده في الملتقيات الفلاحية ومؤتمرات التكنولوجيا، يتحدث بإسهاب عن الحداثة ولا يتردد في الدفاع عن الأصالة، يُشبعك كلاما عن ضرورة صون الديمقراطية وحفظ الحريات الفردية والجماعية، لكنه يتحالف سرا وجهرا مع عتاة الدكتاتورية، يوزّع قفة رمضان من أموال الزوالية، ثم يمعن في تشغليهم واستعبادهم بأجور متدنية، يتبرع بأموال طائلة لأطفال غزة نفاقا وكذبا، في الوقت الذي يموت فيه أطفال البيت الفوضوي الذي يجاوره جوعا ومرضا ولا يجدون منقذا ولا منجدا…
بوشكارة 2012، سيرفع قضية مستعجلة ضد جميع الجدّات لأنهن ساهمن في تضليل الرأي العام، وإفساد صورته في الحكايات وأبرزنه شخصا شريرا لا يأتي سوى للأطفال قبل النوم، فـ”بوشكارة” الحالي يأتينا في عز النهار ويطاردنا حتى في الأحلام صغارا وكبارا!!