-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

‮”‬شهرة‮” ‬الحرام‮ ‬والزقوم‮!‬

محمد عباس
  • 2399
  • 0
‮”‬شهرة‮” ‬الحرام‮ ‬والزقوم‮!‬

من يستقرئ تاريخنا المعاصر ـ وراهننا بصفة خاصة ـ يكتشف أن في توابع الظاهرة الإستعمارية قديمها وحديثها فبركة “مشاهير وأبطال” – مزيفين في الغالب ـ ثم تسوقهم إلى شعوبهم كما تسوق مهتلف السلع الإستهلاكية

  • وعندما نحاول أن نفهم لماذا أشتهر فلان وعتم على علان، نتبين بكل بساطة أن هذه ‘الشهرة “مرتبطة بخدمة الاستعمار بكيفية أو بأخرى، يصدق ذلك على أشباه السياسيين، كما يصدق على أشباه المثقفين ممن يجمع بينهم الطموح غير المشروع الذي لايستند الى كاريزما ولا إلى الموهبة أو إستعداد طبيعي يصقله الجهد الصادق والقضية الشريفة، والملاحظ أن طلب الشهرة بخدمة الاستعمار سياسيا وثقافيا أصبح نوعا من الموضة في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، نظرا لارتكاسة المر التحرري في العالم من جهة وطفيان الرغبة في الثراء السريع، بدون مردود مناسب من جهة ثانية!
  • على‮ ‬الصعيد‮ ‬السياسي
  • كان العميل “باوداي” بفيتنام في خمسينيات القرن الماضي – ومثل ابن عرفة والڤلاوي بالمغرب – ظاهرة شاذة محكوم عليها بالزوال، مدنسة بعار الخيانة الأبدية، وكان هم الشهيد رمضان عبان في بداية ثورة التحرير المباركة، أن يقطع الطريق أمام إدارة الاحتلال الفرنسي ممثلا في “سوستال” و”لا كوست” بعده كي لا تجد من بين السياسيين الجزائإيين من يقبل بأن يكون “باوداي” ثانيا وقد تمت مراودة كل من فرحات عباس وعبد الرحمان فارس على ذلك، فكان أبلغ رد أن وضع كل منهما نفس في خدمة جبهة التحرير الوطني. لكن الملاحظ أن أمثال باوداي أصبحوا كثيرا أو لم يعودوا يتحرجون من اغتصاب السلطة في بلدانهم على دبابات الإستعمار الأمريكي الأوروبي! وليس غريبا أن يظهر بيننا اليوم في الجزائر من يرشح نفس لمثل هذا الدور، في حالة تدهور الجبهة الداخلية لاقدر الله! إلى درجة إغراء الإستعمار القديم الجديد بالمغاصرة في بلادنا‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮. ‬
  • وعلى الصعيد الثقافي حاولت إدارة الاحتلال ابان الثورة التحريرية إغواء بعض الكتاب الجزائريين، بتبني أكثر الحلول ملاءمة لمصالح فرنسا والمجاهرة بالدعوة إليه، لكنها لم تجد كاتبا واحدا يجرؤ على تعليق الجرس.
  • وقد‮ ‬أشار‮ ‬الشهيد‮ ‬مولود‮ ‬فرعون‮ ‬في‮ ‬يومياته‮ ‬باستخفاف‮ ‬إلى‮ ‬محاولات‮ ‬المكتب‮ ‬الخامس‮ ‬الذي‮ ‬طمع‮ ‬في‮ ‬ترشيحه‮ ‬ميرا‮ ‬بالعاصمة‮!‬لكن‮ ‬ما‮ ‬أكثر‮ ‬أشباه‮ ‬المثقفين‮ ‬في‮ ‬عالمنا‮ ‬العربي‮ ‬الإسلامي‮ ‬الذين‮ ‬يرشحون‮ ‬أنفسهم‮ ‬ـ‮ ‬بثمن‮ ‬بخس‮ ‬ـ‮ ‬لحمل‮ ‬مشعل‮ ‬العمالة‮ ‬الثقافية‮ ‬إقتداء‮ ‬بنبيهم‮ ‬الجديد‮ ‬سلمان‮ ‬رشدي‮!‬
  • هناك من يدمج الروايات والأقاصيص التي لايجد لها من الأبطال والبطلات – خاصة غير اليهود – وكأن عالمنا ضاق بالبطولة والتضحية، وهناك من يتطوع لشتم كل ما يمت إلى الإسلام بصلة من معتقدات ومبادئ وقيم، كل ذلك طمعا في إيجاد دار نشر بأوروبا أو أمريكا تنشر “إبداعاته” وتروج‮ ‬لها‮ ‬حتى‮ ‬ينال‮ ‬قسطا‮ ‬من‮ ‬شهرة‮ ‬مسمومة‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬تبوئه‮ ‬مكانة‮ ‬غير‮ ‬مستحق‮ ‬بين‮ ‬ذويه‮!‬
  • نفس الظاهرة نجدها في السينما والغناء والمسرح ومختلف أشكال الفنون، مادفع دور النشر وتسويق الأفلام والأسطوانات بالغرب عامة إلى إستغلال هذا الانبطاح للمبالغة في اشتراط كل ما يزيد هؤلاء “المبدعين” المزيفين مذلة وهوانا، ويبلغ الاستعداد للعمال والتفنن فيها مستوبات‮ ‬أعلى،‮ ‬لدى‮ ‬أشباه‮ ‬الأدباء‮ ‬الذين‮ ‬يدفعهم‮ ‬الطموح‮ ‬غير‮ ‬المشروع‮ ‬إلى‮ ‬التطلع‮ ‬لنيل‮ ‬جائزة‮ ‬نوبل‮!‬
  • مثل هذه الظاهرة – ظاهرة شتم الذات والأصل طمعا في رضى الاستعمار –  تبدو غريبة في السياق الجزائري على نحو خاص، بالنظر الى موروث النخب من المقاومة، هذا الموروث الذي زاد رصيده بشكل كبير أبان ملحمة التحرر الوطني.
  • وكان‮ ‬من‮ ‬الطبيعي‮ ‬جدا‮ ‬أن‮ ‬ننتظر‮ ‬من‮ ‬نخبنا‮ ‬السياسية‮ ‬والثقافية،‮ ‬لا‮ ‬أن‮ ‬تتشبع‮ ‬فقط‮ ‬بهذا‮ ‬الموروث،‮ ‬بل‮ ‬تساهم‮ ‬في‮ ‬إثرائه‮ ‬سلوكا‮ ‬وإبداعا،‮ ‬وتعبر‮ ‬عنها‮ ‬شعرا‮ ‬ورواية‮ ‬وقصة‮ ‬ومسرحا‮ ‬وسينما‮ ‬إلخ‮.‬
  • لقد عاش شعبنا طوال فترة الإحتلال الفرنسي محنة حقيقية تشكل تجربة إنسانية غنية ونادرة، وقد تجاوز شعبنا هذه المحنة ببطولة فذة وتضحيات جسيمة، ويشكل كل ذلك مصدرا لاينضب للإبداع والإعتزاز بالنفس، وحمل رسالة التحرر السياسي والفكري عبر العالم.
  • ولحسن الحظ أن الذاكرة الجماعية لايمكن أن تخلو من هذا النفس التحرري مهما بلغت درجة الاستعداد للعمالة لدى أشباه السياسين وأشباه المثقفين، من أولئك الطامعين في شهرة السحت والزقوم َ! وأملنا أن يتفطن “الكم الواعي” لمثل هذه الألوان من العمالة، لأنه باختصار أقوم وعيا‮ ‬وأسلم‮ ‬فطرة‮.‬

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!