الرأي

05 مسائل نتفق بشأنها.. لِمَ لا البقية؟

محمد سليم قلالة
  • 991
  • 7
ح.م

بكل تأكيد، هناك مسائل مازال الجزائريون غير متفقين بشأنها، إلا أن ما هو مُتَّفَق عليه بينهم لتجاوز الأزمة الراهنة أكبر مما نتصور، وبإمكانه أن يُبشِّر بتطورات إيجابية في القريب العاجل إذا ما خَلُصَت النوايا وارتفع الوعي إلى مستوى المصالح العليا للوطن، وابتعد الكل عن النظر إلى الأزمة من الزاوية الفرعية للأشخاص، ونُظر إليها من الزاوية الكلية للمنظومات والبُنى المختلفة المحلية والدولية.

توجد في تقديري 05 مسائل جوهرية على الأقل هناك اتفاقٌ بشأنها:

 ـ المسألة الأولى:  هي رفض التدخل الأجنبي من أي جهة كانت، بما للجزائري من حساسية مُفرطة تجاه تدخل الأجانب في شأنه الداخلي.

ـ المسألة الثانية: الاتفاق على أنه  ليست هناك إمكانية لبناء نظام سياسي جديد دون المرور بمرحلة انتقالية يُغَيَّرُ فيها الدستورُ والقوانين… الاختلاف باقٍ فقط في مسألة: هل تكون قبل انتخاب رئيس جديد أم بعد ذلك؟ وهي نقطة يمكن أن تُنَاقش في ظل رأي خبراء جزائريين مُحايدين، في إدارة الأزمات والعلاقات الدولية مشهود لهم بالكفاءة والوطنية سواء داخل الوطن أم من جاليتنا في المهجر، يُبيِّنون موضوعيا للأطراف المَعنية الدرجة التي وصلت إليها الأزمة الحالية (المخاطر، التهديدات، الفرص)، وتداعيات كل خيار من خيارات الانتقال البعدي أو القبلي لمواجهتها، دون أي حساسية أو مكابرة.

ـ المسألة الثالثة: عدم إجراء الانتخابات القادمة في ظل الحكومة الحالية واعتبار رحيلها شرطا أساسيا لإجراء أي انتخابات.

ـ المسألة الرابعة: ضرورة إنشاء سلطة وطنية مُحايدة ومُتفَّق بشأنها للإشراف على أي انتخابات قادمة تكون سيّدة وفوق جميع السلطات، لا تقتصر مهمة هذه الهيئة على الرقابة إنما على متابعة كل مسار العملية الانتخابية من تحيين القوائم إلى غاية إعلان النتائج.

ـ المسألة الخامسة: إطلاق سراح  كافة معتقلي الحراك وعلى رأسهم الأب المجاهد لخضر بورقعة.

أتصور أن هذه المسائل الخمس المُتفَق بشأنها كافية لأن تجعلنا نرى حل الأزمة أقرب مما نتصور، بل نرى أنه من التشاؤم المُفرط، أو من أساليب تغليط الرأي العام عَمدا، التهويل بأننا نسير نحو طريق مسدود، وأنه لا أمل في  الخروج منتصرين من هذه الأزمة التي ألمّت بنا.

لذا، بدل من أن نستمرّ في الترويج للنقاط التي مازالت محل خلاف بين الجزائريين، وبدل النفخ فيها من قِبل البعض لتأليب هذا على هذا، وخلق الأحقاد الوهمية، والبحث في كل صغيرة وكبيرة من شأنها أن تُفَرِّق، علينا أن نعكس مجرى التفكير لدينا، أي أن ننطلق من مقدمات صحيحة أساسها ما اتفقنا بشأنه ولتكن النقطة الأولى لنتقدم خطوة خطوة نحو باقي النقاط، وأن نبتعد كل البعد عن الانطلاق من مقدمات خاطئة أساسها ما اختلفنا بشأنه، التي تؤدي بفعل مُتغير الزمن إلى تَحَوُّل أكثر المبادئ المشتَرَكة بيننا إلى بؤر للعداء (الإسلام، الوطنية، التاريخ…). وهذا ما يسعى البعض لإقحامنا فيه إذا لم نتفطن جميعا إلى مكر الماكرين والمتربصين بهذا البلد الذين لا تهمهم، في واقع الأمر، لا سلطته ولا شعبه، لا فقراؤه ولا أغنياؤه، لا شبابه ولا شيوخه، الكل عندهم سواء وإِنْ أفنوا بعضهم البعض، بل ذلك هو الهدف ليتفرغوا إلى تحقيق مصالحهم ونهب خيرات هذا البلد.

وهي نقطة الاتفاق الأولى التي ينبغي أن نَنطلق منها لإدارة الأزمة الحالية.. أليس كذلك؟

مقالات ذات صلة