-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

100 يوم من الكفاح لتصحيح خطأ كلمة واحدة

100 يوم من الكفاح لتصحيح خطأ كلمة واحدة

الذين يتعاملون مع الكيان الصهيوني بِنِيَّة التسوية العادلة للقضية الفلسطينية يُكرِّرون خطأً يتعلق بكلمة واحدة مرتين: في الأولى عندما  فهموا من القرار رقم 242 المتعلق بالانسحاب من الأراضي المحتلة سنة 1967، أنه يعني كل (الأراضي)..

في حين كان الأمريكان والصهاينة يقصدون من العبارة الانجليزية From arab territories  (أراضٍ) فقط بحذف “ال” من كلمة “الأراضي” من النص الإنجليزي الذي هو الرسمي، لِتصبح دلالة المعنى أيّ جزء من الأراضي ولو كيلومترا واحدا.. وهكذا ظلت الدبلوماسية العربية والفلسطينية تُطالب بتطبيق القرار 242 وكأنه نصر، ولم يلتفت إليها الصهاينة ولا الأمريكان ولا الغرب، ولم ينسحب الجيشُ الصهيوني سوى من أراضي مصر المحتلة أي سيناء… والكل يعلم أيّ ثمن دفعته مصر بعد حرب أكتوبر 1973: الاعتراف بالكيان وتطبيع العلاقات رسميا معه وإلى اليوم… أما بقية الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية فلا حديث عنها.. وبقيت الكلمة (أراضٍ) بدون ـ ال ـ التعريفية هي الرسمية!

أما في المرة الثانية فقد بنى العرب والفلسطينيون  فهمهم لحل الدولتين ـ الشائع اليوم ـ على أساس المعنى الخاطئ للكلمة ذاتها من دون (ال، التعريفية)، أي إقامة دولة فلسطينية على أيٍّ من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 بعاصمتها القدس الشرقية… في حين بقي أكثر الصهاينة قَبولا لفكرة حل الدولتين، فَهْمَه للكلمة بنفس الطريقة: الأراضي التي ستقوم عليها السلطة الفلسطينية المنزوعة السلاح (وليس الدولة الفلسطينية) بالمعنى الحقيقي إنما ستكون (أراضٍ) هي غزة وأقل من 12% من الضفة الغربية ومساحة صغيرة قرب القدس في منطقة “أبو ديس” ربما تكون عاصمة رمزية لهذه السلطة وليس أبدا (الأراضي). هذا سقف التنازل الصهيوني، أكثر منه يُعدُّ تهديدا وجوديا وينبغي عدم التفكير فيه أساسا..أما الفريق المتطرِّف الحاكم بقيادة نتنياهو فحتى هذه لا يعترف بها.. لا (أراضٍ) ولا (الأراضي)، فلسطين كلها يهودية من النهر إلى البحر… بل يطمع أن يزيد…

وهكذا أصبح الفرق بين لغتنا ولغتهم، محاولةً مِنَّا لخداع النفس بأن الحل آتٍ كما نريد، وإيهامها بنصر لن يتحقق في الواقع، وإيهام العالم بأن لدى العرب حلا للمسألة الفلسطينية لا يقبله الطرفُ الآخر.. وإدراكًا منهم لطبيعة الوهم العربي بأن هناك تَخليا عن القضية مع محاولة للإبقاء على بعض ماء الوجه، لتسكين الآلام والأوجاع.. لذلك تجد الصهاينة مُطمئنين للتعامل مع مَن اقتربوا منهم، واثقين بأن الآخرين قادمون إليهم الواحد تلوى الآخر.. وكانت هذه طريقَ التطبيع في السنوات الأخيرة وأوشكت أن توصلهم إلى مرادهم… لولا الطوفان…

جاءت معركة طوفان الأقصى وأعادت طرح القضية من أساسها: مادمنا لم نستعد حقنا بالدبلوماسية والقانون الدولي كما نفهمه بتصحيح الكلمة، سنستعيده بقوة السلاح ونُصحِّحها. وهكذا كان السابع من أكتوبر إعلانا عن بداية مرحلة أخرى بفكر أكثر وضوحا وأهداف أكثر تحديدا:

نعم للفلسطينيين أرضُهم وبلدهم، ليس فقط في غزة إنما في الضفة الغربية والشمال والجنوب، بل وفي كل فلسطين… كل (الأراضي).

وفَهِمَ جيدا قادةُ الكيان هذه اللغة ومعنى هذا التصحيح، لذلك شنُّوا حربا غير مسبوقة على القطاع، كل أهدافها المعلنة ثانوية، أما الهدف الحقيقي غير المعلن فهو: القضاء على أيِّ محاولة لاسترداد (الأراضي) المحتلة وليس (أراضٍ) فقط، بل تحريرها بالقوة. وهو الرهان اليوم في غزة، وإلى حد الآن مازال أبطال المقاومة صامدين، ومازال الاحتلال يدفع الثمن يوميا ويترنّح ويتردّد رغم الخراب الكبير الذي تركته طائراته وآلياته في قصفها الهمجي لكل شيء.. وبلا شك وكما تقول قوانين ثورات الشعوب دائما سيحقق أصحابُ الحق النصر الأكيد على أعدائهم برغم اختلال التوازن العسكري بينهما، وبرغم كل أشكال الحصار والتحالف الدولي ضدهم.. لقد اقتربت هذه الحرب الظالمة من يومها المائة، ومازال المحتلّ يسعى لتحقيق بعض أهدافه، إلا أنه كلما التفت يمينا أو شمالا ووجد الخراب الذي تركه، وظن أنه حقق أهدافه، خرج من بين الأنقاض من يرفع سلاحه ويقول له: مازلتُ هنا أقاوم وسترحل إن اليوم أو غدا من (الأراضي) كلّها وليس من (أراضٍ).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!