الجزائر
بعد الحصانة التي وفرها لهم نظام بوتفليقة

120 سنة سجنا.. عقوبة لرموز نظام عمره 30 سنة!

محمد مسلم
  • 12840
  • 26
ح.م

120 سنة سجنا، هي حصيلة محاكمة أبرز رموز مرحلة مدتها ثلاثة عقود من عمر نظام، ظلم العباد وأفسد البلاد.. ومن سوء حظ هؤلاء أن عقوبتهم جاءت في آخر أعمارهم.. ويا لها من نهاية!

لم يكن أحد يتوقع أن ينتهي من كان يسمي نفسه “رب دزاير” إلى هذه النهاية، لأنه لم يكن رجلا عاديا، فالكثير يصفه بأنه “صانع الرؤساء”، بل ليس فقط صانعهم، كونه لعب أدوارا حتى في إنهاء مهام بعضهم، ولعل الجميع يتذكر كيف دفع الرئيس الأسبق، اليامين زروال، وقبله الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، إلى الخروج من نافذة قصر المرادية.

كما لم يكن أحد يتوقع أن ينتهي مصير وزير الدفاع الأسبق، خالد نزار، إلى الهروب لاجئا في أوروبا تطارده عشرون سنة سجنا، وهو الذي لطالما صنع الحدث إعلاميا في كل مرة، مدافعا عن مواقفه وقراراته التي اتخذها في بداية التسعينيات والتي أسقطت البلاد في أوار حرب أتت على الأخضر واليابس.

جاء الجنرال توفيق ومن لف لفه من كبار ضباط حقبة التسعينيات المظلمة، بالرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، ليخرجهم من دوامة الملاحقات القضائية الدولية، التي كانت تتهددهم، ولأجل ذلك دفعوا الرئيس السابق إلى سن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، برأي مراقبين، كي يحصنهم من أية متابعة قضائية بسبب أحداث التسعينيات، غير أن ذلك لم يحل دون انتهائهم إلى ما كان يحرصون على تفاديه.

كل ما خططوا له ذهب جانبا، فأحداث التسعينيات المنسوبة إليهم تم تحصينهم منها، خلال حكم الرئيس السابق، لكنهم لم يتوقعوا أن يسقطوا في مطبات أخرى لم يستطيعوا الخروج منها، بسبب جشعهم وتعطشهم إلى البقاء في السلطة أو بالقرب منها، غير أنهم لم يحسنوا اختيار المكان والزمان، كما لم يقدروا قوة الآخر، اعتقادا منهم بأن الحال سيبقى على حاله، فأسقطهم حراك شعبي رافقته المؤسسة العسكرية وجهرت بحمايته.

الحسابات كثيرا ما تخون أصحابها، فالفريق مدين وفي الوقت الذي كان يتعين عليه الركون إلى الراحة، بعد ما يقارب النصف قرن من المناورات في قلب النظام، وبعد ما أشرف على عقده الثامن، عاد بعد أربع سنوات من إحالته إلى التقاعد إلى مهمته المفضلة، وهي ممارسة لعبة المؤامرات، على حد وصف قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، لتلك اللقاءات المشبوهة، التي أقيمت تحت جنح الظلام بإقامة الدولة، فكانت الخاتمة التي لم يكن يتوقعها.
بدوره شقيق الرئيس السابق ومستشاره الخاص، السعيد بوتفليقة، وبعد عقدين من الزمن قضاهما متقلبا داخل دواليب الدولة، يقود الكثير من إطاراتها بإشارات من سبابته، تحت غطاء مرسوم غير منشور، لم يقتنع بأن مهمته انتهت بمجرد خروج الملايين من الجزائريين إلى الشارع للمطالبة بإنهاء حكم شقيقه، الذي خُدع، كما نقل عنه، بخيانته من قبل من وضع فيهم الثقة..

“السعيد” الذي خاض حربا “غير تقليدية” ضد الجنرال توفيق، انتهت بإقالة الأخير في 2015، عاد إليه في 2019 مهرولا، ومستنجدا به عساه ينقذه من غضب الشارع ومن الدوائر التي كانت تخيفه ممثلة في قيادة الجيش، لكن تلك المصالحة التي لم تكن صادقة لكونها مبنية على مصلحة ضيقة، لم تنفع الاثنين، بل كانت سببا في حتفهما سياسيا..

الـ120 سنة سجنا، التي نطقت بها المحكمة العسكرية بحق المتهمين السبعة، لم تكن إدانة لنظام بوتفليقة الذي بدأ في 1999 فحسب، وإنما إدانة سياسية وجنائية لنظام يمقته غالبية الجزائريين، بدأ في بداية التسعينيات، عندما انقلبت على الدولة، الزمرة التي قادها الجنرال نزار آنذاك، وحاك خيوطها خلف الستار، الجنرال العربي بلخير، ووفر لها التغطية (بكل أشكالها) الجنرال توفيق إلى غاية 30 مارس 2019.

مقالات ذات صلة