2010؟!
البعض يخطط للاحتفال بليلة رأس السنة اليوم، وآخرون يفكرون في رغيف الخبز غدا، لا فرق بين هؤلاء وأولئك، فكلهم يبحثون عن مكان تحت الشمس، باسم المواطنة المفقودة والكرامة المسلوبة والهوية الضائعة، وكلهم سيبادل الآخر التهاني بالعام الجديد، رغم الإحساس الدفين بأنه لا جديد فيه ولا هم يحزنون؟!
-
-
عام 2010، سيحل علينا خلال ساعات، برهانات مختلفة وأخرى مستمرة، ولاشك أن حصاد 2009 كان مفتوحا على كثير من الأحداث التي يضخمها البعض ويختزلها الآخرون، يطبّل لها أفراد ويلعنها البقية، تندم على مُضيها جماعات وتستعيذ منها جماعات مختلفة. لا أحد بوسعه أن يوحد آراء الناس، ولا أحد بمقدوره ممارسة الوصاية على الذاكرة، فقط الرياضة والكرة، كانت القاسم المشترك بيننا كجزائريين في عام انتظرناه، جيلا بأكمله؟!
-
الكرة، أو الجلد المنفوخ، كانت شعار ما مضى وستبقى شعار ما هو آت، كما أنّ شخصية العام في 2009 وما سيليها بعد ساعات، تأرجحت بين سعدان وعنتر يحيى والماجيك بوقرة، فهؤلاء أزاحوا السياسيين وقضوا على الفنانين والمثقفين، وحطموا مخططات المصريين، فكانت فائدة الرياضة والكرة والانتصارات، عربية شاملة وليس فقط محلية؟!
-
عام 2009 لم يكن عام العهدة الثالثة وانتصار الكرة والمهرجان الإفريقي وحسب، بل إنه كان أيضا عام الحراڤة وارتفاع الجريمة ونسبة المنتحرين وامتداد الفساد داخل أجهزة الدولة، وانقراض الطبقة السياسية وتراجع النضال النقابي، وانتشار الأغنية الرديئة ومهرجانات الهف الثقافي، وعام التضييق على أصحاب الدخل الضعيف، ووقف قروض السيارات ورفع أسعار المواد الأساسية؟!
-
في 2009، لم نسترجع عبد المؤمن خليفة ولا الأموال المهربة، وواصلنا إغلاق المجال السمعي البصري مفضلين أن نمارس التعددية فيه وفقا لنظرية النعجة دوللي، أو الحاج موسى وموسى الحاج، لا فرق في ذلك بين القناة الثالثة ولا الأرضية ولا كنال ألجيري؟!
-
أما في العام الجديد، فلا نتوقع إلا المزيد من الأمراض والعلل الحكومية والتخبط في قضايا الفساد والاستنجاد بالكرة مُنقذا وحيدا، ولا شك أن وزير الصحة سيردد علينا مثلما قال في 2009، كلاما لا جديد فيه ولا جدية، عن أنفلونزا الخنازير، والتلقيحات والأخطار الناجمة عنها، وعن مخابر كندا والغرب ومن شفي هناك ومن يموت هنا، وسيواصل وزير التربية إصلاحاته التي لا يفهمها أحد، حتى النقابات المستقلة الماضية نحو عام جديد بدون اعتراف من السلطة ولا عرفان من القاعدة، والأمر ذاته بالنسبة لباقي الوزارات؟!
-
المواطنون ليسوا في حاجة إلى تغيير السنة، بأخرى فقط، بل هم يحتاجون أيضا إلى تغيير في السياسات والبرامج والأشخاص والعقليات، وهو ما لم يمكنه أن يتحقق، مع مسؤولين، يتمسكون بالفشل الاستراتيجي، من المير إلى الوزير، ولا يبدلون عن ذلك تبديلا؟!
-
ومع ذلك، فإنه لا يمكننا أن نُقصي الأمل من أجندة الجزائريين، في رؤية حكم راشد حقيقي، وفي توقيف كل مظاهر الفشل، والانتحارات، واحتواء جميع أشكال الفساد، وإنقاذ الجزائريين قبل فرارهم جميعا برا وبحرا وجوا، ولعل في وميض كرة القدم، شيء من ذلك الأمل المفتوح وفي ضمان حق مشروع بالتطلع إلى غد لا يشبه الأمس، كلّ الأمس؟!.