-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

2022.. بروز الجزائر والقادم أفضل

2022.. بروز الجزائر والقادم أفضل

ودّع الجزائريون عامهم المنصرم بمكاسب ثمينة على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية والإستراتيجية، لتحدوهم آمال عريضة في تحقيق المزيد من الأحلام المشروعة في 2023 وهم يستقبلونها بمؤشرات جد ايجابية ترشّحهم للتقدم أكثر على طريق الريادة الإقليمية.

ليس مثل هذا الكلام مجرد أحكام لرفع المعنويات الشعبيّة، بل هو ما تشهد به النتائج الميدانية والوقائع العمليّة، حيث وضْع الجزائر اليوم وطنيا وخارجيّا يشهد لها بالقدرة على تجاوز جائحة كورونا، التي هزت العالم، بأخفّ الأضرار، واقتحام مرحلة الإصلاح والإنعاش الاقتصادي في ظروف معقدة، لكن الإرادة السياسية القويّة والرؤية الواضحة والبرنامج الدقيق جعلها تحقق رهانات رئيسة ضمن الالتزامات الانتخابيّة لرئيس الجمهورية في فترة قياسيّة، برغم كل العوائق الموضوعيّة الموروثة عن تراكم سنوات طويلة من الفساد وترهّل الدولة وأخرى مصطنعة من جيوب المافيا الماليّة التي مارست احتكار مقدرات البلد لمصالحها الخاصّة حتى تغوّلت على السلطة العامة.

لسنا هنا بصدد سرد منجزات السنة الثالثة للرئيس تبون والتي تصادف نهاية 2022، لكن التقييم العامّ يثبت بروز الجزائر في عهده كقوّة إقليمية لها قراراتها السياديّة ومواقفها الخارجية وتحالفاتها الجيوسياسية ومبادراتها العربيّة المتنوعة، كما فرضت نفسها شريكا نديّا على الضفة الأوروبية لا يقبل المساس بمصالحه الحيوية في المنطقة، فضلا على أنها صارت محجّ زعماء دول القارّة العجوز بحثًا عن توطيد علاقات إستراتيجية معها، ليس فقط لأجل تأمين حاجياتها الطاقويّة، بل تقديرا لآفاقها الاقتصادية ضمن توقعات استشرافيّة بإعادة تموقعها القويّ في الفضاء الإقليمي، بناء على متابعة مسار الإصلاحات الشاملة ومؤشرات الاستقرار السياسي والإمكانات المادية الطبيعية والمالية والعسكرية والثروة البشرية الهائلة التي تزخر بها بلادنا.

وبما أن بروز الدولة ضمن المجتمع الدولي ليس سوى امتداد تلقائي وطبيعي لقوتها الداخليّة، فإنّ الجزائر حققت أيضا على الصعيد الداخلي تقدّما كبيرا في قطاعات أساسية على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولعلّ أهمها تفعيل الحركيّة الاستثمارية والصناعية بمنظومة قانونية فعالة وفق شهادة الخبراء، ناهيك عن تحرير المشاريع العالقة منذ حراك 2019، ومُباشرة أخرى في صناعات هامة مثل السيارات، مع تحقيق صادرات قياسية خارج المحروقات في حدود 7 مليارات دولار، وتخصيص مِنح معتبرة للبطالين لأول مرة في إطار التأهيل المهني، إضافة إلى الزيادات المتعاقبة في الأجور.

 مقابل ذلك، تمكنت الدولة من بسط سلطتها العامة ضد السلوكيات المنتهكة للقانون ولحقوق المواطنين، بتعزيز المنظومة التشريعية العقابيّة وملاحقة صارمة لممارسات الفساد التي نخرت الخزينة العمومية واسترجاع عوائده المقدرة بـ20 مليار دولار حتى الآن، في انتظار استكمال الإنابات ونتائج التعاون القضائي الدولي.

وإذا كانت عائدات المحروقات (50 مليار دولار) تعود إلى معطيات السوق الدوليّة، فإنه لا إنكار لجهود القطاع الطاقوي في تقوية شركة سوناطراك وتعزيز القدرات النفطية والغازية للجزائر، عبر سلسلة متوالية من الاكتشافات الحديثة التي رفعتها إلى مصفّ الريادة العربية والإفريقية خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يفتح أمامها آفاقا واعدة، مسنودة بموارد شبيهة في قطاع المعادن، خاصة في ظل الرغبة الملحّة للرئيس تبون في تثمين كافّة الثروات الطبيعية ومضاعفة التصدير الغازي مائة بالمائة في 2023.

مع كل هذه المؤشرات الإيجابية، فإنه لا يمكن القول إن الجزائر حققت كل ما تصبو إليه، لكنها تمكنت الآن من تثبيت قاعدة الانطلاق لتكون 2023 سنة الإقلاع الاقتصادي، برفع الإنتاج الوطني الصناعي والفلاحي وترقية الصادرات ومحاصرة التضخم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!