-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

75 ثانية بين قوة أمريكا وردّ اليمن!

75 ثانية بين قوة أمريكا وردّ اليمن!

لا مجال للمقارنة بين الولايات المتحدة الأمريكية واليمن من جميع النواحي، قوة عظمى بأساطيلها وبوارجها واقتصادها وثروتها العالمية، وبلد مازال يُقاوم الحرب المفروضة عليه منذ أكثر من عقد من الزمن.. ومع ذلك، فإن هذا البلد المقاوم أصبح سلاحه لا يحتاج أكثر من 75 ثانية لضرب أهدافٍ أمريكية أو صهيونية في البحر. صرّح بذلك يوم الاثنين، قائدُ الأسطول الخامس الأمريكي تشارلز برادفورد كوبر، وأضاف أن قواته لا تمتلك سوى 9 أو 15 ثانية للرد! أي في غالب الأحيان لا تستطيع اعتراض الصاروخ المُوجَّه ضدها إذا ما اقترب من الهدف، وهي المرة الأولى التي تكون فيها قواته في مثل هذه الوضعية أمام  صواريخ بالسيتية مُوجَّهة ضد أهداف بحرية.

هذه الحقيقة ينبغي أن لا ننظر إليها على أساس أنها نوعٌ من الخيال، أو التفكير المفرط في التفاؤل، أو بلا دلالةٍ مستقبلية، إنما علينا النظر إليها كمُعطى جديد في طبيعة الصراع الذي يجري اليوم بين الضعفاء والأقوياء في هذا العالم المتوحش. ينبغي وضعُها ضمن منظور كيفية تعامل القوى الصغرى مع التكنولوجيا المُتقدِّمة وتطويعها لِصالحها، ضمن الآفاق الرحبة التي أصبحت المعرفة التقنية تُمكِّن منها الضعفاء لتقليص الفجوة بينهم والأقوياء، في نطاق الدفاع عن النفس في عالم طغى فيه الأقوياء على الضعفاء بشكل غير مسبوق.

لقد بات واضحا، مِمَّا يحدث في غزة واليمن من صمود أمام أقوى جيوش في العالم، وأرقى تكنولوجيا حربية مستخدَمة بكامل عناصرها لإخضاع الآخرين، أن هناك إمكانية لِلصُّمود من خلال تقليص هذه الهوة التكنولوجية بالاجتهاد والعمل والسعي إلى الاستفادة من المصادر المفتوحة للمعرفة.. بلا شك، أن الغرب يعمل بكل الوسائل لاحتكار هذه التكنولوجيا ومنع الدول والجهات الأخرى غير الدول من الحصول عليها، وآخرها أن برلمان الاتحاد الأوروبي سَنَّ في الأسبوع الماضي قوانين تمنع الصين من الحصول على آلات صناعة رقائق السيليكون الأكثر تقدّما، وصَوَّت بأغلبية ساحقة  لصالح الفحص الإلزامي للاستثمارات الصينية في “الأصول الأوروبية الحيوية مثل الموانئ وشبكات النقل”. وفي هذا الإطار، كتبت جريدة “الفايننشال تايمز” يوم 21 جانفي، أن الاتحاد الأوروبي يخشى من وقوع شركاته الأكثر حساسية في أيادي قوى منافسة أو في الأيدي الخطأ بما في ذلك الصين، وقال فالديس دومبروفسكيس، مفوِّض التجارة في الاتحاد الأوروبي في تصريحه على هامش منتدى “دافوس” للصحيفة ذاتها: “إنهم يواجهون مشهدا جيوسياسيا أكثر تصادما مما كانوا يواجهونه قبل بضع سنوات أو عقود مَضَت…” (وكالة قنا للأنباء)، بما يعني مزيدا من احتكار التكنولوجيا، ومزيدا من منع تسريب أسرارها حتى لا تُصبح أداة في كسر الهيمنة ومَنع بقاء سيطرة الغرب على بقية العالم بكافة الوسائل..

وهو الجانب الخفيّ في الحرب الظالمة المُسلَّطة على إخواننا في غزة، إنهم يسعون إلى هزيمة المقاومة بالوسائل كافّة، حتى لا يكون نصرُها عنوان مرحلة جديدة في الصمود أمام العدوان الغربي والهيمنة الغربية التي تفاقمت في العقود الأخيرة… وحتى لا تُعطي الأمل لأشكال أخرى من المقاومة في العراق واليمن وسوريا ولبنان في الانتصار في ميدان المعركة ورد العدوان بما يناسبه عبر وسائل وأدوات تحمل من التكنولوجيا والمعرفة ما تحمل في دقة إصابتها والأثر الذي تتركه.. مثلما باتت تفعله صواريخ المقاومة اليمنية والعراقية، وهي الدلالة القوية لِرَمزية الثواني القليلة التي أصبحت تتقلص يوما بعد يوما أمام الأمريكيين لاعتراض أساليب الدفاع اليمنية، كما أنها إشارة قوية حاملة للمستقبل، ورسالة ذات مغزى لكل شعوب العالم المستضعَف التي تريد التخلص من هيمنة القوى الأجنبية المستقوية بسلاحها وبوارجها..

إنها رسالة تقول بإمكانية الدفاع عن النفس من الآن فصاعدا، إن لم يكن على الطريقة الفلسطينية فعلى الطريقة اليمنية أو العراقية.. وما هي إلا ثوان بقيت بحساب عمر الشعوب لتصحيح المعادلة الظالمة التي فرضها الغربُ على البشرية منذ عقود بل منذ قرون من الزمن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!