-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وصفت الوقائع بالورقة البيضاء لتبديد المال العام.. النيابة تلتمس:

8 سنوات لبدوي وبوضياف في قضية محطة قسنطينة

نوارة باشوش
  • 2043
  • 0
8 سنوات لبدوي وبوضياف في قضية محطة قسنطينة

طالب وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، الأحد، بتسليط أقصى عقوبات في حق المتهمين المتابعين في ملف فساد إنجاز “محطة الطيران” بولاية قسنطينة، إذ التمس توقيع عقوبة 8 سنوات حبسا نافذا في حق كل من الوزير الأول الأسبق نور الدين بدوي والوزير الأسبق للصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف، مع غرامة مالية نافذة قدرها مليون دينار جزائري في حق كل واحد منهما.

والتمس ممثل الحق العام إدانة الوالي السابق لولاية قسنطينة طاهر سكران والأمين العام السابق لنفس الولاية عزيز بن يوسف، بـ5 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية تقدر بمليون دينار جزائري، مع مصادرة جميع الأملاك العقارية والمنقولة والأرصدة البنكية المحجوزة من طرف قاضي التحقيق القطب الاقتصادي والمالي.
فيما تراوحت العقوبات التي طالبت بها النيابة في حق بقية المتهمين بين 5 و3 سنوات حبسا نافذا، مع تغريم الشركات المتهمة بـ3 ملايين دينار لكل واحدة منها.
من جهتها طالبت الخزينة العمومية بتعويضات مالية تقدر بـ3200 مليار سنتيم عن الخسائر التي تكبدتها.
واستهل وكيل الجمهورية مرافعته بالقول: ملف الحال يتابع فيه المتهمون المحالون أمامكم من طرف قاضي التحقيق لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي.. سيدي الرئيس، من دون إعادة سرد الوقائع التي تطرقنا إليها في معرض المناقشات أو من خلال أسئلتكم المحترمة.
وأضاف: “الملف يتعلق بمشروع إنجاز المحطة الجوية بقسنطينة الذي رصد لها في البداية غلاف مالي لها يقدر بـ441 مليون دينار، ليقفز عند انتهاء الأشغال إلى 3155.5 مليون دينار أي بزيادة تقدر بـ615 بالمائة، وهذه الزيادة المعتبرة كانت لأسباب أهمها القرارات الارتجالية للمسؤولين من فئة الولاة بتواطؤ مع مسؤولين في مختلف القطاعات والماثلين أمامكم اليوم”.
ويواصل ممثل الحق العام مرافعته قائلا: سيدي الرئيس، إن هذه الزيادات غير المعقولة أدت قطعا إلى تبديد المال العام وكبدت الخزينة العمومية الملايير من الدينارات، بل الأكثر والأهم من ذلك هو المساس بأهم مبدأ من مبادئ الصفقات العمومية وهو الشفافية والنزاهة.. فالملاحق الإضافية رصدت لها في بعض الأحيان أموال تفوق القيمة الإجمالية للغلاف المالي الذي تم رصده لإنجاز المشروع.
وبلغة شديدة اللهجة، وهو يشير إلى ملف قضية الحال، أكد الوكيل: المحققون سواء على مستوى الضبطية القضائية أو المفتشية العامة للمالية أو قاضي تحقيق القطب جمعوا لنا هذه الأدلة، ولعلكم لاحظتم أن أغلبهم تحجج أثناء المحاكمة بأن إعادة التقييم وتأخر إنجاز المحطة الجوية لقسنطينة راجع لعدم وجود المال الكافي أو ما أسموه الضائقة المالية، لكن في الحقيقة هي مجرد تبريرات للتنصل من المسؤولية، لأن الأمور واضحة وضوح الشمس.. فخلال استجواب المتهمين كنا نسمع في كل مرة ذرائع بالجملة بخصوص إنجاز هذه المحطة الجوية، فتارة إلزامية إضافة الملاحق وتارة أخرى التعديل في القيمة، إلا أن تصريحات أحد المتهمين كشفت أن هناك دراسات أكدت أن القيمة المالية التي تم رصدها عام 1983 كانت لإنجاز مطار كامل، إلا أن المشروع محل المتابعة كان يتعلق بالمحطة الجوية فقط وليس مطارا برمته.
وأردف ممثل الحق العام: سيدي الرئيس، لا ننكر أنه وخلال إنجاز هذه المحطة ظهرت إضافات فيها، والدليل أن كل المؤسسات التي أشرفت على إنجاز هذه الأخيرة أجمعت على أن هناك أشغالا إضافية، وصلت إلى استعمال مواد ذات جودة عالية مما رفع من تكلفة الأشغال الأصلية.. إلا أن الشيء المهم في كل هذا هو عدم وجود رقابة وصرف المال العام بطريقة عقلانية وانعدام تكافؤ الفرص، أي بمعنى غياب المنافسة بين المؤسسات وحضور الأفضلية.
الوكيل يلتفت إلى المتهمين، ثم يخاطب رئيس الجلسة قائلا: سيدي الرئيس، كانت هناك ورقة بيضاء زيادة في الملاحق.. إعادة التقييم وزيادة في الأموال وهلم جرا.. لكن ولا مسؤولا تدخل ومنع ذلك، وقال قف هذه فوضى؟
وتطرقت النيابة بالتفاصيل، إلى الأعباء الواقعة على عاتق كل متهم سواء الولاة، طاهر سكران وعبد المالك بوضياف ونور الدين بدوي وبن يوسف عبد العزيز أو بقية المتهمين من مديري التجهيزات وأعضاء لجنة الصفقات وغيرهم.
وقال وكيل الجمهورية عنها إنها تراوحت بين حقائق إعادة تقييم مشروع إنجاز “محطة الطيران” لعدة مرات، مع تمديد الآجال لعدة مرات، وتجاوز القيمة الأصلية للمشروع حدود المعقول، إذ وصلت إلى نسبة 615 بالمائة، واللجوء إلى الملاحق لتبرير تنفيذ أشغال إضافية بمبالغ كبيرة وكذا عدم إقرار الاستلام المؤقت أو النهائي لغالبية الصفقات المنفذة، إلى جانب تحرير أوامر بالخدمة لبدء الأشغال قبل تأشيرة المصادقة على الصفقة أو الملاحق من طرف اللجنة الولائية للصفقات وغيرها من التجاوزات.
وقد واصل قاضي الفرع الثالث للقطب الجزائي الاقتصادي والمالي، الأحد، لليوم الثالث محاكمة الفساد التي طالت “محطة الطيران” بقسنطينة، باستجواب بقية المتهمين المتابعين في الملف.

مارسنا مهامنا وفقا للقانون والصلاحيات المخولة لنا
أنكر مديرو التجهيزات العمومية السابقين لولاية قسنطينة المتابعين في ملف الحال، التهم الموجه إليهم جملة وتفصيلا، وأجمعوا على أنهم مارسوا مهامهم في إطار القانون وما خوله لهم من صلاحيات لا أقل ولا أكثر.
وصرح مدير مديرية السكن والتجهيزات العمومية لولاية قسنطينة في الفترة الممتدة من سنة 2003 إلى غاية سنة 2011 “ق. محمد شريف”، أنه اشتغل مع 3 ولاة هم كل من: طاهر سكران وبوضياف عبد المالك وبدوي نور الدين، وأوضح في رده على أسئلة القاضي بخصوص مشروع انجاز المحطة الجوية الجديدة بقسنطينة، أن هذا الأخير تم تحويله خلال سنة 2002 من مؤسسة تسيير مصالح مطارات قسنطينة إلى الولاية وكان آنذاك المسمى “ع.م” يشغل منصب مدير التجهيزات العمومية”.
وأضاف: عندما توليت المنصب سنة 2003، كان المشروع قد انطلق في أشغاله الكبرى والتي كانت تعترضها أنداك عدة عوائق، منها ضرورة بناء جدار إسمنتي لحماية المحطة، وكذلك تصريف مياه الأمطار التي تصب في موقع المشروع، وعائق ضرورة الحفر الأعمق لوضع أساسات المحطة، ما أدى إلى إضافة طابق تحت أرضي، وكذلك ضرورة إنشاء جناح ثالث ووضع جسر حديدي للتنقل من جناح إلى آخر، وهي العراقيل التي أدت إلى إعادة الدراسة أو تحيينها وكذا إضافات في التكلفة.
وبخصوص الدراسات التي أعدها مكتب الدراسات”SAU”، أشار المتهم إلى أنه يتوجب تحيينها حسب المعطيات الجديدة في المشروع، وكان يتابع فعليا الأشغال إلا أنه كان يشتكي آنذاك من عدم تسديد مستحقاته، وبحضور الوالي بوضياف عبد المالك، اقترح مكتب دراسات أخر هو GART‏ ‏ANNABA، والذي كان ينجز دراسات ويتابع أشغال القاعة الشرفية بنفس الموقع، وأكد أنه خلال إحدى الزيارات المقررة لوزير النقل للمشروع لم يحضر ممثل مكتب GART لوضع المخططات وشرح الأشغال، فقرر توقيف التعامل معه.
أما بخصوص مسألة إعادة التقييم المالي، قال المتهم: كانت تنطلق من رئيس مكتب المتابعة ومصالحه بمعية أعضاء خلية المتابعة ومكتب الدراسات والذين يعدون بطاقة تقنية تحتوي على الأشغال الإضافية والتكميلية، وعلى الأشغال الجديدة التي لم تنطلق، ويتم تقويم تلك الأشغال ماليا أيضا، وتلك البطاقة التقنية يتم عرضها على مديرية التخطيط، كما يتم إعداد تقرير حول سبب طلب إعادة التقييم ويتم عرضها على الوالي، ثم منه إلى وزارة المالية والتي قد توافق على التقييم الجديد للمشروع وأحيانا يستدعي الأمر التحكيم على مستوى وزارة المالية.
وفي رده على سؤال القاضي بخصوص سبب تأخير انجاز المشروع، أرجع المتهم ذلك إلى عدم توفير الغلاف المالي في حينه وبمبلغ كاف لإنجازه، كما أنه لم يتم توقيع غرامات تأخيرية على المتعاملين بسبب ضعف الغلاف المالي للمشروع، وتم الأمر بوضع المتهم تحت نظام الرقابة.
من جانبه، أكد المتهم “ط.ع” مدير مديرية التجهيزات لولاية قسنطينة للفترة الممتدة من جويلية 2011 إلى غاية نهاية جوان 2014، وعند تنصيبه على رأس مديرية التجهيز على الولاية، كلفه الوالي آنذاك بدوي نور الدين بضرورة تسليم المشروع قبل نهاية سنة 2011، وهو ما عمل به فعليا وآنذاك كانت الأشغال في نهايتها على مستوى مختلف الأصعدة ولم يتبق منها إلا القليل ولم يعلن عن أية صفقة للأشغال، بل كانت فترته مخصصة نوعا ما للتجهيزات المتمثلة في النظام المضاد للحرائق، نظام الصوتيات والإعلام الآلي وشبكته، وكذا معدات معالجة الأمتعة ومعالجة ركوب وتسجيل المسافرين واللافتات الإشهارية.
المتهم ينفجر بالبكاء، والقاضي يطلب منه أن يرتاح، لكنه أصر على مواصلة تصريحاته قائلا: أما بخصوص إعادة التقييم المالي للمشروع في فترتي طلبت مرة وحيدة إعادة تقييم مالي فيما يخص التجهيزات، كون الظرف المالي المخصص للتجهيزات لم يتم إعادة تقييمه منذ تسجيل المشروع وإلى غاية 2012، إذ أنه بعد إطلاق مناقصتي التجهيزات وفتح العروض المتعلقة بها وتقييمها، تم إعداد طلب بإعادة التقييم المالي للمشروع، وبعد الموافقة من طرف وزارة المالية تم عرض الملف على لجنة الصفقات الولائية للمصادقة، وفعلا تم تسليم المشروع بتاريخ 14 جوان 2013 وكانت هنالك بعض التحفظات من طرف مؤسسة تسيير مصالح مطارات قسنطينة وتم رفعها جميعها.
وبالمقابل فإن مدير التجهيزات بولاية قسنطينة في الفترة الممتدة من 2014 إلى 2016، شدد على أنه لم تكن تربطه بمشروع إنجاز المحطة الجوية أية علاقة، وحتى بعد تعيينه كمدير المديرية التجهيزات كان المشروع قد تم تسليمه بما يقارب 13 شهرا قبل، كما أنه وأثناء شغله منصب مهندس دولة بمديرية التجهيزات لم يمثل المديرية ضمن أي قطاع ولم يمثلها في أية لجنة ولم يكن عضوا ضمن خلية متابعة الأشغال ولا عضوا ضمن لجان فتح الأظرفة أو تقييم العروض ولم يحضر أي اجتماع ولم يساهم إطلاقا في أية لجان أو أشغال متعلقة بمشروع انجاز المحطة الجديدة بمطار قسنطينة.
وسأله القاضي: عندما دخل المطار حيز الخدمة هل كانت هناك تحفظات؟ ليرد عليه المتهم: نعم سدي الرئيس، هناك بعض التحفظات وتم رفعها.. فقط سيدي الرئيس، أنا أود أن أوضح نقطة وهي أنني لم أعمل في عهد الولاة سكران وبوضياف وبدوي.

أعضاء لجنة الصفقات يتنصلون من المسؤولية
أنكر المدير السابق للأشغال العمومية لولاية قسنطينة في الفترة الممتدة من 2003 إلى 2012، التهم الموجه إليه جملة وتفصيلا.
وقال خلال استجوابه من طرف القاضي، بخصوص مشروع إنجاز محطة الجوية بقسنطينة، أنه عندما تم تعيينه عضوا بلجنة الصفقات الولائية، كان مقررا لـ 5 ملفات وهي كالتالي: الملف الأول يتعلق بالملحق رقم 1 للصفقة المبرمة مع مؤسسة “GECO” وأبديت عدة ملاحظات، أما الملف الثاني فيتعلق بالصفقة المبرمة مع مؤسسة “SARL – ACA”، وأنا اقترحت قبول الملف دون تحفظات، ثم الملف رقم 3 فهو يتعلق بصفقة دراسة حصة جدار الستار لمدرج الطائرات، وبعد رفع التحفظات من طرف الجهة المتعاقدة وافقت اللجنة على الملف.
وتابع المتهم: وبخصوص الملف رقم 4، فهو يتعلق بالصفقة المبرمة مع مؤسسة “ل”، أين اقترحت فيها قبول الملف بتحفظات، وبعد تبرير صاحب المشروع بتقرير مكتوب تم قبوله من طرف اللجنة المشرفة على الملف، في حين أن الملف رقم 5 والأخير، يتعلق بدراسة ملحق غلق للصفقة المبرمة مع مؤسسة “م” الخاصة بحصة جدار الستار جهة مدرج الطائرات، والتي اقترحت قبول الملف أيضا، لكن مع تحفظات، أما باقي الملفات سيدي الرئيس فقد كنت مجرد عضو فقط ضمن لجنة الصفقات.
القاضي يسأل المتهم: هل كانت هناك تدخلات خارجية في هذا الملف؟ ليرد عليه قائلا: لا أبدا سيدي الرئيس، لم أتلق أي تدخلات أو أوامر من أي جهة بل الأمور كلها تمت بشفافية مع احترام الإجراءات القانونية.
من جهتهم أجمع أعضاء لجنة الصفقات الولائية المتابعين في ملف الحال، على أنهم لم يرتكبوا أي فعل إجرامي، وأنهم احترموا جميع الإجراءات التي ينص عليها قانون الصفقات العمومية، وأن مهامهم تتمثل في إبداء الرأي وليس لهم أي سلطة لاتخاذ القرارات.
أعضاء اللجنة وخلال استجوابهم من طرف القاضي، تطرقوا بالتفاصيل إلى التشكيلة والتركيبة والمهام الخاص بلجنة الصفقات الولائية وهي كالتالي: أعضاء لجنة الصفقات الولائية تتكون من 11 عضوا وهذا حسب مراسيم 2022 و2010 ، وتتكون هذه اللجنة من 3 أعضاء منتخبين والبقية ينتمون للولاية والمصالح المالية ويرأسها الوالي أو ممثل عنه وهو الأمين العام.
وحسبه، فمشاريع الصفقات أو الملاحق لما تصل إلى اللجنة يقوم الرئيس بتعيين أحد الأعضاء كـ “مقرر” في الملف، ويقوم بدراسة تحليلية وإعطاء رأيه سواء إيجابيا أو سلبيا، ثم بعد ذلك يعرض للمداولة أمام أعضاء اللجنة الـ 11 ويتخذ القرار بالأغلبية وفي حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس وهذا القرار يسمى “التأشيرة”، التي يقوم بإمضائها الأمين العام للولاية.
وعند فسح القاضي المجال لهيئة الدفاع للتدخل، سأل المحامي عبد الله هبول أحد أعضاء اللجنة قائلا: هل تمت متابعة جميع من شغل العضوية في هذه اللجنة منذ سنة 2002 إلى غاية 2013، وشاركوا في أعمال لجنة الصفقات الولائية وأعطت قرارها سواء بالموافقة أو الرفض؟، فرد المتهم قائلا: في الفترة المعنية بقضية الحال أي من 2002 إلى 2013، تداول على عضوية اللجنة حوالي 50 عضوا من بينهم 3 أمناء عامون، إلا أنه تم متابعة أمين عام واحد، بينما 10 من أعضاء اللجنة وافتهم المنية والبقية لم يتم ملاحقتهم في القضية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!