ربات بيوت يلقين بأطفالهن في أحضان المربيات ليتفرغن للمسلسلات
الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق، ومنه تتجلى لنا الغاية المنشودة لمنع الكثيرات من الخروج إلى العمل، فنجد معظم الجزائريين يجمعون على أن الدور الأسمى للمرأة داخل المجتمع هو الإنجاب ورعاية الأطفال ومنحهم تربية سليمة، إلا أن شريحة واسعة من الجزائريات اليوم، ورغم مكوثهن بالبيت، بتن يتملصن من هذه المسؤولية، ويلقينها على عاتق الروضات ودور الحضانة.
أمهات يرهنّ نفسية أطفالهن بساعات نوم إضافية
مشهد أصبح مألوفا، وحينما ألفناه صار عاديا، أن يخرج الرجل في صباحه الباكر باتجاه عمله فيحط بالحضانة ليستودع خادمات على طفله الذي ربما لا يقضي معه في اليوم أكثر من ذلك المشوار القصير، أو قد تعتاد على ملاحظة أم تستيقظ من النوم لتصطحب أبناءها إلى الروضة وتعود لتغط في النوم من جديد، وتستيقظ مرتاحة البال، كونها اعتقدت بفكرة أن المربيات في الحضانة بإمكانهن منحهم التربية والتعليم معا، وتجهل أن الطفل بفطرته دائم البحث على المواقف التي تشبع حب استطلاعه لبيئته، وهذا ما تعجز عن خلقه العاملات بالروضة وأغلبهن من المراهقات والشابات اللواتي تركن دراستهن للتو واتخذن من رعاية الصغار مهنة، حيث تحذر الأخصائية في علم النفس التربوي هجيرة مداح من إهمال تربية الطفل، بمجرد ضمه إلى مثل هذه المؤسسات المختصة التي تركز على الربح المادي أكثر من حرصها على التنشئة النفسية والاجتماعية للصغار، وتنبه إلى خطورة الأمر لما له من تداعيات نفسية تنعكس بالسلب على العلاقات الاجتماعية الطبيعة، فتوكيل أم ثانية على الطفل يقضي معها ما يفوق نصف نهاره يولد بداخله عواطفا اتجاهها وقد يتحول الأمر إلى نفوره من أمه وأسرته وتقليل احترامه لهم، لذلك تنصح الأخصائية جميع الأمهات وخاصة الماكثات بالبيوت بأن يتفرغن لرعاية نفسية أبنائهن، وحمايتهم من إمكانية مخالطة عقد نفسية كانفصام الشخصية الناتج عن عدم مراعاة المربيات للفروق الفردية بينه وبين نظرائه في الحضانة والمعاملة الخاصة التي يحظى بها بالمنزل.
لا تنشغلي.. كوني أول من يخط على صفحته البيضاء
مع أن الروضة مؤسسة تربوية اجتماعية من المفترض أن توفر عوامل النمو والمناخ المشابه لمناخ الأسرة، تبقى لهذه الأخيرة خصوصيتها ومسؤوليتها في تلقين الطفل تربية وعادات وقيما اجتماعية معينة، ليس بوسع المربية أن تمنحه إياها، بالرغم من هذا تخاطر بعض الأمهات وإن لم تكن لهن ارتباطات مهنية بالزج بأطفالهن الرضع في عالم مغلق طوال اليوم، ليخلو لها الجو من الصراخ والطلبات المتكررة، لقضاء التزاماتها المنزلية دون عراقيل، وربما الخروج في مشاوير أو حضور البرامج الترفيهية والمسلسلات التركية دون انقطاع، وهو ما يدق حوله الأخصائيون ناقوس الخطر. حيث يؤكد الباحث في علم الاجتماع لرمش نور الدين، أن ظواهر كثيرة تفشت في المجتمع بسبب البيئة المنحلة التي ينشأ عليها الطفل في الروضة، باعتبار أن الأمهات اللواتي يضعن أطفالهن تحت تصرف مربيات يأتمنهن على تربتهم وتهذيبهم، إلا أن الوضع ليس على هذا الحال بالكثير من الحضانات أين يتعلم الأطفال ما ليس من شأنهم عكس ما تأمل الأمهات، اللواتي يكتشفن أنه من الأفضل لهن لو رتبن أولوياتهن وقضين وقتا أكبر في تربية الصغار بدل تركهم يكبرون وفق أفكار ومبادئ المربيات، بل إن بعضهن يكتشفن مؤخرا أن الألفاظ والسلوكات العنيفة التي تظهر على أبنائهن سببها تعنيف المربيات لهم.. جهيدة أم رتاج من الحراش، تشتكي من تصرفات ابنتها ذات الأربع سنوات: “منذ أدخلتها الروضة طمعا في تعلمها الآيات الحروف والكتابة، باتت تتلفظ بكلمات بذيئة، وتعنف أخاها الأصغر، وتخبرني أن المعلمة تفعل هذا مع الأطفال الصغار كي يلزموا الهدوء.. إنها تطالبني “بالمكياج” وتعبث بأدوات الزينة خاصتي، لتقلد معلمتها التي “تتمكيج” أمام الصغيرات طوال الوقت..”.