-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثقافة الإسمنت

ثقافة الإسمنت

في سنة 2001.. احتضنت الجزائر المهرجان العالمي للشباب والطلبة، الذي جمع بقايا الشيوعيين والشيوعيات، ودافعت وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي عن المهرجان، واستصغرت ملايين الدولارات التي صرفتها الجزائر على قرابة 4000 شاب وشابة، قدموا من كوبا وكوريا الشمالية وبقية بلاد العالم. وقالت إن الجزائر ستجني في ظرف سنة، عشرات الآلاف من السياح الأجانب.. ومرّت السنوات ولم يزر سائح كوبي أو كوري واحد بلادنا.

وفي سنة 2003.. نشطت الجزائر سنتها في فرنسا، لمدة عام، صرفت فيها، هي ملايين الدولارات، وقال حينها وزير الشؤون الخارجية، عبد العزيز بلخادم، إن الجزائر ستحسّن صورتها في فرنسا، وتنقذ مهاجريها من التبعية الثقافية للآخر.. ومرت السنوات، فلا الصورة تحسنت، إن لم تكن قد ازدادت تشوها في فرنسا، ولا مهاجرونا استرجعوا هويتهم الثقافية، إن لم تكن حالهم قد وصلت مرحلة الميئوس منه.

وفي سنة 2007.. استقبلت الجزائر العاصمة تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، وراهن حينها رئيس الحكومة، أحمد أويحيى، على أن تكون العاصمة بعد انقضاء التظاهرة، عاصمة أبدية للثقافة العربية والأمازيغية.. ومرّت السنوات، ولم تنتج العاصمة مسرحية واحدة أو فيلما سينمائيا واحدا لا بالعربية ولا بالأمازيغية ولا بأي لغة.

وفي سنة 2011.. صرفت الجزائر أكثر من خمسة ملايير دولار على تجميل مدينة تلمسان، منها خمسة آلاف مليار سنتيم في موقعلالة ستي، ضمن مشروع تم تحويله إلى القضاء مؤخرا، لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية، وقال حينها الوالي إن المدينة ستكون الأجمل في العالمين العربي والإسلامي، متناسيا أو جاهلا بأن هذا العالم الإسلامي يضم دبي وكوالالمبور وإسطنبول وغيرها من البلاد الساحرة، التي يحلم كل تلمساني وتلمسانية بزيارتها.. ومرّت السنوات، وطبعا لا أحد بما في ذلك الوالي، صدّق ما قاله وغرقت ولايته بالمال وبالاختلاسات.

والآن على بضعة أيام من انطلاق عاصمة الثقافة العربية 2015 بقسنطينة يكرّر المسؤولون نفس الأسطوانة القديمة وبنفس الأخطاء، التي تكرّرت في كل المهرجانات والتظاهرات التي سنّتها السيدة خليدة تومي، تحت شعار إعطاء صورة ناصعة للجزائر للمحيطين من حولنا، بينما يقوم نفسالقائلينبتسويد صورة الجزائر لدى الجزائريين.

 

لمن لا يعلم، فإن مدينة مونس البلجيكية، تحتضن حاليا، تظاهرة عاصمة الثقافة الأوروبية 2015، وهي بلدة صغيرة لا يزيد تعداد سكانها عن التسعين ألف نسمة، ولا تزيد مساحتها عن المئة وأربعين مترا مربعا، خصتها الدولة البلجيكية بإنجاز أربعة متاحف جديدة، حتى تختزن فيها تراث هاته المدينة التي تأسست في القرن السابع الميلادي فقط، بينما يتحدث محافظ تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية عن برامج الإسمنت والأرصفة والطرقات، وعن الفنانة اللبنانية نانسي عجرم وعن الشماريخ التي ستلهب المال وسماء المدينة، التي بلغت سنها ألفين وخمسمائة سنة، وأنجبت الشيخ ابن باديس ومالك بن نبي ومالك حداد وكاتب ياسين وستة من مجموعة الاثنين والعشرين من مفجري ثورة التحرير، والنتيجة لن تختلف عن نتيجة بقية المهرجانات والتظاهرات؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • بدون اسم

    كم هو جميل أن يناقشك المرء المحترم في أقوالك و لا يرميك جزافا في أفكارك .
    المساحة المنزلية! قد صدقت في كلامك لأنه دال على سقفك المعارفي و الناس يتفاوتون درجات لأن مشكلات الحياة لكل له غوص فيها إذ تحتاج إلى علم يجمع من الكتب أفكار تنشأ نقاش يثار و فوائد تستنتج
    و رحم الله عبد عرف قدره العلمي بأن نفسه لا تستطيع للمواضيع العلمية فهما.كما يوجد قصر مساحته ألف متر لحقل من العلم فهناك كوخ ضيق 1 متر مربع لفكرة ضئيلة مضحلة إنه لا يحزنني عدم قبول الفكرة إنما ألمي قتلها في مهدها ! اللهم نعوذ بك من الجهل

  • بدون اسم

    140 متر مربع = مساحة منزل

  • نورالدين الجزائري

    الأطلال ! فتزيد آثار تداعيات الهزيمة و الثقافة المنحطة ليفقد المواطن حتى إحترام نفسه ليتحول إلى جسد قابع و روح طارت و غابت في غابة تعلوها أشجار الزقوم كأنها رؤوس شياطين مرعبة مخيفة و غير مثمرة! أما مسألة كيف ننهض بثقافتنا هو موضوع يحتاج لهزة عنيفة جدا في الأدمغة إن كانت قابلية للهز لا أدري؟ نحتاج للصمت و هو بداية الحكمة ثم الإصغاء.. و لا يوجد حلا سحريا أو ناموسا جامعا.. إنها ثقافة مغيبة لبناء سرح من الياقوت يرى كالقمر و وجهه على صفحات البحر لا نفق داكن بنيّ بقصور في الرؤية ظنت لا وجود إلا للظلام

  • نورالدين الجزائري

    معرض للكتب طبعت قبل 10 قرون و المجتمع يصدر للعالم آخر صرخة للهاتف النقال ! لبنة من الماص تكمل أختها لبناء شامخ صامد ، و العكس في الثقافة المهزومة المهزوزة التي تشكل الفساد المحسوبية الرشاوي التعسف الإجتماعي و الخيانة ! فنتحصل على ماء يتسرب و يتسبب في اللاشعور بالمسؤولية ، نفقد الإبداع و نهرول خلف شهرة زائفة خادعة بجوائز مسومة طاعته اياها في أرحامها ! و ثقافة المرء هي التي تحدد سلوكه. و في ظل هذا الإعصار المدمر بدون أن نفهم أو ندرك أو نحاول معرفة السبب الذي آلت إليه أحوالنا، و لكن البكاء فقط على

  • نورالدين الجزائري

    مسيّر حكيم للمرافق، حتى الراعي لو يجهل مبادئ الرعيّ لأكلت الذئاب أغنامه ! و أي بلد في الكون نجس نبض الحياة الإقتصادية في أي ميدان إلا و نجد سقف معاريفي متباين متساوي عادل و ينمو بدرجة متباينة : تعليم رياضة سياسة قدرة شرائية أمن و هلم و جر! الثقافة التي هي كم من المعرفة يتحصل عليها بنو آدم كيف كانت النوعية إنتصاري أو إنهزامي يشبه الماء إذا تطفق ينتشر يتسارع و يتوغل في كل الجهات و أدركها ، كوريا ج كمثال يستحيل أن نجد فيها ضعف في مرفق الرياضة قوة في المستوى العلمي ، هشاشة في السياسة تطور في الصناعة

  • نورالدين الجزائري

    و التبرير لها التي بها يبدأ الموت السريري و يثقل جريان الدم و عباقة الدماغ في فك الأفكار ! فلا يستغرب تماما ما قامت و ستقوم به من كارثة تبديد و تبذير للمال و طامة روبي نانسي .. إنها لا تستطيع هذه الوزارة أن تتحرك إلا تحت مطية الثقافة السائدة في البلاد التي هي : تدني منظومة القيم العادات التقاليد و غياب مقاصد الدين ، فتتفشى سلوكيات اجتماعية بين الأفراد في كل المستويات كعدم تحمل المسؤولية اللامبالات التي تعتبر فيروس يهتك في جسم الأمة ... و لكن مَن هو المتسبب في هذا ؟ لماذا الدول تفكر تتعب في إيجاد

  • نورالدين الجزائري

    إنها و الله لثقافات الإنحطاط و الهزيمة !
    ليس ما هو أخطر في الحياة من الثقافة بكل ما تعنيه من وعيّ معارف و قيّم، و ليس ما هو أدهى إذا لم نصل لإدراك جوهرها ، و الهزيمة أننا بدون ثقافة ! هل الإنحطاط و الهزيمة يقتصر فقط على ثقافة جهاز من دواليب التسيير أم الإنحطاط يمتد ليشمل كل الحياة الإجتماعية للعباد ؟ هل قرية صغيرة أدركت و وعيّت و استنصرت لثقافة الحضارات لمفردها خارج عن ثقافة البلد الأم في كل المجالات ؟. إن وزارة الثقافة هي لبنة من طين لنفق مظلم فيه قابلية الأمر الواقع و أريحية (حب) عيش الهزيمة