الله يجيب الخير
الحكومة شرعت في نقل الرعب إلى المواطنين، في وقت يستسلم فيه “برّ-لمان” للنوم العميق، مثلما تكتفي الأحزاب، الموالية منها والمعارضة، بإطلاق تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، على طريقة تحليلات الخبراء الاقتصاديين الذين يحذرون ولا يقترحون الحلول!
إذا لم يجتمع البرلمان في مثل هذه الظروف المحرجة والمزعجة، فمتى إذن يجتمع يا الخاوة؟.. كان من المفروض أن يستدعى البرلمان “نواب الشعب” إلى جلسة عامة وطارئة، إمّا لـ“مساعدة” الجهاز التنفيذي على اختراع البدائل الاضطرارية، وإمّا للضغط عليه قصد الخروج من عنق الزجاجة بأقلّ الأضرار والتكاليف الناتجة عن أزمة البترول!
لكن، الظاهر أن السادة النواب نائمون، بينما يتفنّن بعض الوزراء في ترويع الجزائريين، فيما يُبدع وزراء آخرون في فنون تغطية الشمس بالغربال، وهذه من دون شك، ليست أفضل “الأسلحة” لمواجهة تداعيات ستكون والعياذ بالله وخيمة على القدرة الشرائية والمداخيل المالية للبلاد والعباد!
ألا تقتضي يا تـُرى مثل هذه الأزمات الطارئة والمباغتة، اجتماعا طارئا للحكومة والبرلمان معا؟ ألا يجب أن تلتقي الأحزاب بمعارضتها وموالاتها؟ ألا ينبغي أن يلتقي هؤلاء وأولئك بالخبراء والمختصين؟ ألا يجب أن يجلس كلّ الفرقاء لاقتراح الحلول والبدائل؟
قد يقول غاضب: “ما حوسوش علينا يامات الرخا.. واليوم كي خلات ولاو يقلبو علينا“.. هو فعلا رقم مؤلم لمعادلة غامضة، لكن هل تـُعالج المحن بمنطق “تخطي راسي؟“، أم الأفضل لكلّ الأطراف وضع الحسابات الشخصية جانبا، واستماع البعض للبعض الآخر بكلّ روّية واحترام؟
فعلا، الحاجة هي أمّ الاختراع، ولأن الحكومات المتعاقبة “ما قراتش للزمان عقوبة“، وهذه مشكلة يُواجهها الكثير من الجزائريين، نجد الآن أنفسنا في مواجهة “تسونامي” مفاجئ، وتجد الحكومة والبرلمان ومعهم الخبراء في مواجهة “الطوفان” بملعقة قهوة، غايتهم جميعا تفادي الغرق!
إن عقلية ضرب الريح بالعصا، والحرث في الماء، والاستقالة من فرض الحلول، أو استقبال البدائل بحوار الطرشان والاستهتار والاحتقار ومنطق “معزة ولو طارت“، هو الذي يتسبّب اليوم في إنتاج الهلع وتنمية الفزع بإعلان تجميد التوظيف والمشاريع وتجفيف منابع التبذير و“الزرد“!
لقد قضينا سنوات طويلة في الاسترخاء والاتكال وتسيير الأحوال بخطة “الدورو ألـّي يجيبو النهار ياكلو الليل“، واليوم من حقّ المذنب والجلاد والضحية والأضحية، أن يخافوا ممّا هو قادم من شدّ وربط للأحزمة، ولسان حال الحكماء والعقلاء يردّد: الله يجيب الخير.. اللهم آمين.