-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كارثة إجتماعية ..جزائريون يعرفون اللحم ولا يعلمون معنى عيد الأضحى

الشروق أونلاين
  • 2345
  • 1
كارثة إجتماعية ..جزائريون يعرفون اللحم  ولا يعلمون معنى عيد الأضحى

من سنة حسنة إلى عادة سيئة، هكذا أراد الكثير من الجزائريين على عكس البعض أن يكون عيد الأضحى، ليبتعد شيئا فشيئا عن الروحانيات ويدخل في قوقعة الملذات، فأول شيء يخطر في بال الواحد منا مع دخول العشر الأوائل من ذي الحجة هو حجم الأضحية وكيفية اقتنائها إلى ذبحها فأكلها، ومن ثم فعوضا أن تكون هذه الأخيرة قربانا يتقرب بها العباد إلى ربهم صارت اليوم وسيلة لإشباع بطونهم لا أكثر و لا أقل.

تقليص معنى العيد في اللحم

فما إن تخرج أيام عيد الفطر، وقبل أن ينقضي شهر شوال حتى يبدأ التفكير في عيد الأضحى أو بالأحرى أضحية العيد، فترى الناس يتلهفون لتقصي أسعار وأثمان الماشية من هنا وهناك، فيصبح الخروف أو “الكبش” حديث العام والخاص، فالعيد هو مرادف لكلمة لحم، فهمّ أغلب الجزائريين بدون مبالغة هو إشباع بطونهم، وهذا ما أكدته الخالة زبيدة التي التقيناها في حسين داي، والتي تقول أنه مع الوقت وتعقد الحياة، ذهبت أيام زمان وراحت معها حلاوة العيد، فأضحى هذا الأخير فرصة للكثيرين ممن يشتهون اللحم ولا يشبعونه، فيقبلون عليه حتى التخمة، ولا يكون عيد بدون لحم، وتضيف قائلة “أبنائي الذين يمثلون جيل اليوم أكاد لا أسمعهم يتبادلون تهاني العيد دون الغوص في أخبار الأضحية من ذبح وسلخ وشحم..”، إلى ذلك ذهب أحمد 31 سنة إلى القول “أنه من أعجب ما يكون هو وضع البعض الحناء على جبين الخروف وكتابة شعارات أنديتهم وأسماء لاعبيهم المفضلين بالطلاء”، ويزيد عن ذلك بقوله وهو غاضب “هناك من لا يضع جبينه إلى القبلة، ويهم على الذبح بدون استذكار الله تعالى“.

ولأن أضحية العيد من المقدسات عندنا، يعهد البعض لاقتراض النقود لشراء  لو خروف صغير، وآخرون يعمدون للشراء بالتقسيط، ويقبل غيرهم في غفلة منهم على التفاخر بالمشاركة في شراء عجل وهاجسهم الوحيد هو كمية اللحم الكبيرة التي تكون من نصيبهم، ويا للأسف، فهذا اللحم نفسه هو الذي قد يسبب فجوة بين الأهل في العيد، وهو حال علي 40 سنة، أب لطفلين والذي هو حاليا مستقل عن أهله في بيته الخاص، حيث قال “سبب خصامي مع أهلي هو عيد الأضحى أو بالأحرى اللحم، ففي كل عام أشتري كبشا ولا يكون لي ولا لزوجتي شيء، سوى ما أكلناه في أيام العيد، وهذا الموضوع أصبح يغضبني عاما بعد عام، حتى كان ما كان وحدثت مشاكل ولم أستطع البقاء في البيت”، أما الخالة سمية وفي نفس الموضوع، فقالت أنها تتشارك مع أبنائها كل سنة في شراء كبش أو كبشين أحيانا، لكن بعد أسبوع فقط لا يبقى منه إلا العظام ويؤخذ كل اللحم إلى الشواء وهنا لا يبقى لي إلا حلين، إما السكوت وتفادي ما لا يحمد عقباه، أو الكلام و الدخول معهم في نزاعات“.

عيد يتحول إلى حفلات شواء!

إذن بحلول عيد الأضحى تتصاعد روائح فيحاء زكية ودخان يعلو المكان معلنا عن انطلاق حفلات الشواء اللامتناهية، ولأنها أحد طقوس العيد التي لا يستطيع الكثير من الجزائريين الاستغناء أو التخلي عنها، فإننا نجد العائلات تتهافت لتوفير الفحم أولا، ثم اختيار أنواع اللحوم الطرية الخالية تقريبا من الشحم، كما أنهم يفضلون أيضا لحم العجل، وفي هذا الإطار كانت لنا دردشة مع بعض المارة أمام محطة الخروبة لنعرف آراءهم في هذا، فمريم 23 سنة، تقول أن جلسات الشواء في الهواء الطلق في بهو بيت جدها هي تقليد سنوي يقومون به، يجمع قرابة 50 شخصا تتخلله أجواء من البهجة التي لا تستطيع نسيانها. ومن جهة أخرى عبر عمي مصطفى عن قلقه من دخان الشواء الذي لا ينجلي نهارا وليلا مع شباب لا ينامون حتى يملأوا بطونهم، فالليل هو غطاء للسهر على الشواء والتسامر مع الأصدقاء وغالبا ما يصحبها قارورات الكحول، دون نسيان تناوبهم على سجائر المخدرات، لينتهي بهم الأمر في الأخير بزيارة المستشفيات من جراء التخمة أو الإفراط في الشراب، وعامة الدخول في معاصي ينغمسون فيها ويدنسون بها مباركة العيد.

تناسي إحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام

ولنا في كل مناسبة دينية حكمة، لكن الناس وغفلة منهم ينقصون من ميزان حسناتهم ليزيدوا لميزان سيئاتهم، فاليوم لا نجد من يتذكر فقيرا أو مسكينا أو أهلا وجيرانا، وذلك من جراء التهاء الناس باللحم والشواء وأكل ما لذ وطاب، يتناسون قيمة الصدقة للجائع المسكين، وفي هذا يقول أمين “في عيد الأضحى لا تجد من يتصدق للمحتاجين إلا من رحم ربي، بل أنهم عندما يأتي المتسولون ليطرقوا أبوابهم، يجدونها موصدة في وجوههم بحجة الخوف منهم“.

بالإضافة إلى ألفة صلة الرحم للمتخاصمين المتعادين المتشتتين، فهناك حسب قول سمير 32 سنة من لا يدركون أهمية هذه المناسبة، متمادين في استمرار خصومتهم ولا يقفون عند هذا اليوم رغم أن هذا الأخير هو بمثابة رحمة وتسامح بين الناس، فأضحية العيد ونية إحياء سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، هي تطبيق لما جاء به ديننا الحنيف وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

فاروق زموري إمام في مسجد سطاوالي “الأضحية ليست للحوم وإنما للتقرب من الله عز و جل

وللغوص أكثر في الموضوع، قررنا التقرب من فاروق زموري إمام مسجد سطاوالي، حيث يقول “المسلمون لهم عيدان، والمغزى من العيدين التوسعة والبهجة والسرور وشكر نعم الله تبارك وتعالى، لأن العيد يأتي بعد شعيرة كبيرة وعظيمة، فعيد الفطر بعد إتمام الصيام، وعيد الأضحى بعد وقفة عرفة، أي بعد ركن كبير من أركان الإسلام وهو الحج، وبالتالي الإنسان لما يستحضر هذه المعاني، أي معاني العبادة والشكر إجلالا لله تعالى ويطبق كل ما جاء في كتابه وسنة رسله، فالأضحية هي إحياء لسنة إبراهيم عليه السلام والنجاة لابنه إسماعيل وإظهار نعمته عليه وحبه لله وإخلاصه له وعلى نعمة الولد، ومن ثم النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين أملحين، أي أن الأضحية ليست للحوم في قوله تعالى “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم” الآية 37 من سورة الحج، فسيدنا إبراهيم لما جاءه الضيوف فما لبث أن جاءهم بعجل حميد، أي قدم لهم أحسن ما عنده، وبالتالي الإنسان لما يكون له ضيف يقدم لهم أحسن ما عنده، وإذا أراد الواحد منا التقرب من الله سبحانه وتعالى فيجب تقديم أحسن ما هو موجود، ولما نقول أحسن الموجود أي حسب دخل الإنسان وحسب المال المتوفر وإمكاناته، وليس العبرة في أن يكلف نفسه أكثر من طاقته ليظهر نفسه بين الناس كما يفعل البعض، فيقول يا أبي آتني بكبش له قرون ليتباهى أمام الآخرين، فقال بعض الفقهاء أنه يجوز الاقتراض بالأضحية إذا كان يستطيع سدادها، أي أن الإنسان الذي لا يملك أموالا وتصله بعد شهر أو شهرين وله موارد مالية يستطيع السداد، فيستطيع أن يقترض أي يشتري ويرجع أموال الناس، والعبرة من الأضحية هي إحياء سنة سيدنا إبراهيم، أي تطبيق شرع الله بأن نتصدق بها للفقراء والمساكين، وكذلك أن نختار أحسنها، فهناك من يقول هذا لا يهم، فالمهم إسالة الدماء، فيأتي بواحدة عرجاء أو ضعيفة أو مريضة وهذا لا يجوز، فمثلا قابيل وهابيل لما قدما قربانا، فالأول لما كان يخاف الله عز وجل قدم أحسن ما عنده، والآخر قدم حفنة صغيرة من القمح فتقبل من الأول، ولم يتقبل من الآخر، فقال عز وجل “إنما يتقبل الله من المتقين” الآية 27 من سورة المائدة، وبالتالي المسلم لا بد أن يضع بين عينيه معنى العبادة في قوله عز وجل “فصلي لربك وانحر”، أي أن الإنسان عندما يذبح لا يذبح من أجل الناس أو يختار شيئا يكون خفيفا للشواء، وإنما العبرة أنه يذبح لله عز وجل من أحسن مما يجد، ومما يستطيع ولا يباهي ولا يغالي، أما إن كانت له نية أخرى فهو لحم قدمه لنفسه، وليس له أجر  لا ثواب“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • mohamedd

    ما هذه الركاكة وكان تلميذ ابتدائي من كتب المقال...لو تبقوا على هذا المستوى و لا واحد سوف يقراء مجلتكم مستقبلا