مالك بن نبي يخاطب كريم بلقاسم والضباط ويكشف العملاء
صدر في الأيام الأخيرة بمناسبة المعرض الدولي للكتاب مؤلف جديد عن دار “عالم الأفكار” تضمن محاضرتين ورسالتين هامتين لمالك بن نبي رحمه الله لم تُنشر جميعها من قبل، ترجمها إلى اللغة العربية ترجمة ممتازة الأستاذ محمد بغداد باي تحت عنوان (في الحضارة والأيديولوجيا ـ نصوص غير معروفة).
المحاضرة الأولى ألقاها المفكر الجزائري في ثانوية عمارة رشيد بالعاصمة في افتتاح الملتقى الدولي للفكر الإسلامي يوم 25 ديسمبر 1968. أما المحاضرة الثانية فقد ألقاها بمدينة باتنة سنة 1972 أمام طلبة المدرسة العسكرية للأسلحة المدرعة. في حين كانت الرسالة الأولى موجهة منه إلى السيد كريم بلقاسم وزير الشؤون الخارجية للحكومة الجزائرية المؤقتة بالقاهرة، أما الثانية فهي موجهة إلى جمعية “إسلام” العاملة بالأردن ومن خلالها إلى ألان دالاس أول مدير مدني لجهاز المخابرات الأمريكية ما بين 1953 ـ 1961.
لفتت انتباهي في هذا الكتاب 4 أمور:
ـ الأول: أنه كشف لنا أننا مازلنا لم نتمكن من جمع كافة التراث الفكري لهذا المفكر الجزائري الفذ، وكأننا طوينا جبهة الصراع الفكري أو انتصرنا فيها، بل كشف أننا لم نقم باستكمال ترجمة جميع إنتاجه إلى اللغة العربية بدليل أن الجزأين الثالث والرابع من مذكراته أي “الكاتب” Lécrivain و”الدفاتر” les carnets مازالا غير معربين لحد الآن.
ـ الثاني: أن مالك بن نبي لم يكن فقط يخاطب المجتمع المدني، بل كان يخص الطلبة الضباط في المدارس العسكرية بتحاليله الوافية عن الصراع الفكري وضرورة الانتباه إلى أن التلاعب بالأفكار يمكنه أن يحقق أهدافا ليس في مقدور القوة الفيزيائية (العسكرية) تحقيقها. وأنه استمر حتى قُبيل وفاته، حيث تحدث عن “التخطيط والأيديولوجيا” في 23 جانفي 1973 أمام الدفعة الثامنة من الضباط بالأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشر شال.
ـ الثالث: أن الرسالة الموجهة إلى البطل التاريخي كريم بلقاسم لم تتضمن لوما أو عتابا أو طلبا محددا لشخصه إنما كانت توضيحا يخدم الإستراتيجية الإعلامية للثورة مما يجسد الدور الحقيقي للمثقف في الثورة.
ـ الرابع: أن الخطاب الذي وجهه إلى جمعية “إسلام” بالأردن ومن خلالها إلى “دالاس” أبرزت شجاعته الكبيرة في كشف مخططات العملاء مثل هذه الجمعيات التي تعمل لصالح مخابرات أجنبية لاستمالة المثقفين وصناع الفكر في إطار السيطرة على الشعوب. (ينشر الكتاب وثائق سرية تكشف بعض أعضائها)…
أربعة أسباب أظنها كافية لنعيد قراءة هذا الكتاب ونتذكر أن ذكرى وفاة ابن نبي قد مرت منذ أسبوع وربما لم ننتبه لها قط.