-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى لا نخسر في السياسة ما ربحناه قتالا

صالح عوض
  • 4019
  • 0
حتى لا نخسر في السياسة ما ربحناه قتالا

لأول مرة تطلب اسرائيل من “غزة” إيقاف القتال.. فلقد اعتادت ان تحرك طائراتها ودباباتها تقصف وتقتل، ثم تعود وقتما تنهي مهمتها العسكرية والسياسية.. أما هذه المرة فلقد أسرعت اسرائيل وبعد يومي قتال إلى طلب وقف اطلاق النار وألحت في ذلك على الرئيس الأمريكي وعلى المصريين.. ولم يكن هذا الجديد في السلوك الاسرائيلي إلا بعد الاختلال في ميزان الرعب الناتح عن صواريخ فجر5 التي هزت سماء تل ابيب وسواها من اماكن التجمعات الصهيونية في العمق الفلسطيني.. حتى هذه اللحظة نكون قد حققنا انتصارا ميدانيا معنويا مهما للغاية فيما سجل العدو الصهيوني إخفاقات متتالية اهمها فشل القبة الحديدية باهظة التكلفة وتورط القوات الاسرائيلية في عمليات عسكرية ضد المدنيين والمنشآت المدنية، الأمر الذي أفقدها مبررات كثيرة لعدوانها امام الرأي العام الدولي وأطاح بسمعة الجيش الاسرائيلي العسكرية.. وحتى هنا نكون في الجانب الإيجابي.. اما بعد ذلك او بموازاة ذلك، اي على مستوى الأداء السياسي فينبغي ان يرتقي الأداء إلى مستوى الفداء العظيم الذي بذله المقاومون الفلسطينيون..

وعلى هذا الصعيد، يجب الانتباه إلى المناورات الاسرائيلية وبالون الاختبار الذي تصدره بين اللحظة وأختها.. ولعله من الواضح ان اسرائيل لا تعير اهتماما للرأي العام الدولي ولا للهيئات الدولية، ولكنها تعير الاهتمام كله للروح المعنوية للكيان الصهيوني… ومن هنا جاء الحديث عن الاجتياح البري واحتمال انطلاقه من عدمه، واستطاعت اسرائيل ان تحقق من هذا الحديث هدفا تكتيكيا مهما ألا وهو طرح الموضوع للمقايضة وإشغال الوسطاء به، في حين ان اسرائيل لم تقرر بعد مسألة الاجتياح لأسباب خاصة بها ولحسابات ميدانية لم تتضح فيها كل المعادلات والمعطيات الميدانية على جبهة المقاومة الفلسطينية.

ما حصل على الأرض ميدانيا في ساحة القتال يعتبر بلا شك انتصارا كبيرا وليس أقل منه إسناد الضفة الغربية بانتفاضتها العظيمة في وجه المحتلين، حيث طرحت عناصر القضية الأخرى موحدة الهم والهدف.. من هنا يصبح على المفاوض الفلسطيني إدراك المعطيات جميعا المحلية والإقليمية والدولية، وطرح أهداف مرحلية يمكن تحقيقها وتجنب مصائد سياسية يضعها العدو لتفريغ الانتصار الميداني من محتواه، بل لعله يجعله جسرا لهزيمة سياسية كبيرة.

أول نقاط الانتباه في الجانب الفلسطيني ضرورة التعامل مع الموضوع في اطار الوساطات انطلاقا من موقع فلسطيني واحد وتجنب التشتت والتوزع الفلسطيني، وان توضع سلة المطالب الفلسطينية للمجموع الفلسطيني بمعنى إن كان المطلوب ايقاف سياسة الاغتيالات، فيجب ان يشمل ذلك الضفة وغزة وهكذا.. والنقطة الثانية ان يتم الإصرار على ان قطاع غزة جزء من الوطن فلسطين، وهذا لا يعني استمرار الحصار، بل لا بد من رفع الحصار عليه برا وجوا وبحرا..

يجب ان ينتبه الفلسطينيون انهم حرروا قطاع غزة بالدم والتضحيات الكبيرة فلا يدخلوا باب المزايدة ويرفضوا ان يكون القطاع محررا.. ومن الغريب في الأمر ان هناك اناسا يذهبون لإسرائيل لتأكيد احتلالها للقطاع.. يجب ان يتعامل الفلسطينيون مع المعطى الكبير وهو ان قطاع غزة جزء من فلسطين قد تحرر وان يتجهوا الآن لمسألتين مهمتين، الأولى جعله منطلقا وقاعدة انطلاق لاستكمال مشروع التحرير للوطن فلسطين، والثانية ان يحصنوه من خلال المفاوضات والالتزامات والضمانات والتسليح النوعي امام عدوانية الكيان الصهيوني.

أجل، لكي لا تضيع دماء الشهداء هدرا ومعاناة المرابطين هباء ينبغي على الساسة الفلسطينيين ان يكونوات في مستوى الحدث الكبير، وان تتملكهم الرؤية الاستراتيجية الآن وأن لا يغلقوا أبواب الاحتمالات، وأن يتحرروا من الحسابات الحزبية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!