-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الثورة‭ ‬المصرية‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ .. ‬ماذا‭ ‬تغير؟

الإعلام‭ .. ‬مكاسب‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬الحريات‭ ‬وتخوفات‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬المال‭ ‬

الشروق أونلاين
  • 3117
  • 0
الإعلام‭ .. ‬مكاسب‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬الحريات‭ ‬وتخوفات‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬المال‭ ‬
ح.م

لم تنه الثورة المصرية العام الأول من عمرها حتى أصبحت الاكشاك تفيض بأكثر من 500 صحيفة، و فضاء البث يعج بعشرات القنوات التلفزيوينة والفضائيات التي تسابق رجال اعمال وإعلاميون وأحزاب سياسية وتيارات مختلفة على إطلاقها بحثا عن إسماع صوته أو الدفاع عن مصالحه أو تحقيق مكسب مادي، لكل غرضه، وأفرز ذلك مناخا تعدديا كبيرا تتضارب وتتعارض فيه الرؤى والطروحات ولا يخلو أحيانا مما يسميه البعض هنا “الانفلات الإعلامي”، وجاء ذلك ثمرة لقرار هام اتخذته الحكومة بعد نحو ثلاثة أشهر من سقوط مبارك، تماشيا مع نفس الثورة ومطالبها، حيث أقرت تسهيلات عديدة وكبيرة في مجال إطلاق القنوات الفضائية الخاصة، تتضمن إلغاء الموافقة الأمنية على تأسيس الشركات المالكة للقنوات، وإلغاء قصر التراخيص للقنوات الفضائية على العمل كقنوات متخصصة، وتخفيف القيود ورفعها عن حرية التعبير لمختلف القنوات الفضائية العاملة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الإعلامية‭ ‬الحرة،‭ ‬وإلغاء‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬نفسه‭ ‬

وفتح هذا التنوع مجالا واسعا أمام المناقشات الحرة لكل قضايا المجتمع، وأصبح التوجه الغالب إلى تأسيس قنوات فضائية ذات طابع إخباري عام يتناول الشأن السياسي بشكل مكثف، بعد أن كان إطلاق القنوات الفضائية محصورا في الطابع الفني أو الرياضي. فيما اتجهت الفضائيات التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬برامج‭ ‬سياسية‭ ‬عوض‭ ‬برامج‭ ‬المنوعات
ولم يتوقف الأمر عند حدود القنوات القائمة على شخصيات إعلامية او رجال اعمال، وإنما امتد ليشمل التيارات السياسية المختلفة؛ فقد أعلن حزب الوفد عن إطلاق فضائية جديدة “المصري” تكون ناطقة بلسان حال الحزب، وبالفعل بدأ البث التجريبي لها مطلع الشهر الجارى. كما أطلقت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب الحرية والعدالة، فضائية تعبر عن آرائها وتحمل اسم الحزب، فضلا عن فضائية “مصر25” القريبة منهما. والقنوات الدينية مثل “الرحمة” و”الناس” هي لسان حال التيار السلفي المتمثل سياسيا في حزب النور، واصطفت قنوات شبكة “سي بي سي” خلف الأحزاب الليبرالية، فيما أصبح اللون السياسي لعدة قنوات كانت موجودة قبل الثورة، أكثر وضوحا،  مثل قناة الحياة المقربة من حزب الوفد، و”أو تي في” لسان حال الكتلة المصرية التي يقودها رجل الأعمال نجيب ساويرس. وظهرت قنوات أخرى مثل “المصراوية”، و”مصر الحرة‮”‬،‮ ‬و‮”‬الصعيدي‮”‬‭.‬
‮ ‬
تخوفات‭ ‬من‭ ‬سطوة‭ ‬المال‭ ‬
ولا زال هذا الانفجار في المشهد الإعلامي المصري مستمرا رغم حالة الركود التي أصابت السوق الإعلانية في مصر بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إلا أن المستثمرين في القطاع لا يبدو انهم مستعجلون للنجاح، بالرغم من الخسائر الكبيرة التي يتكبدونها، وفي رمضان الماضي رصدت الفضائيات أزيد من 60 مليون دولار لإنتاج وامتلاك حقوق البث الحصرية لمسلسلات وبرامج تلفزيوينة، لكن الإعلانات لم تدر عليهم سوى نصف هذا المبلغ. أما التنافس على نقل مباريات البطولة المصرية لكرة القدم فقد رفع حقوقها إلى نحو 2,5 مليون دولار تدفعها كل قناة‭ ‬لاتحاد‭ ‬الكرة،‭ ‬وقناة‭ ‬النهار‭ ‬لوحدها،‭ ‬التي‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬البارزين‭ ‬كمحمود‭ ‬سعد‭ ‬ومدير‭ ‬مكتب‭ ‬الجزيرة‭ ‬السابق،‭ ‬تجاوزت‮ ‬تكاليف‭ ‬الدعاية‭ ‬والتسويق‭ ‬لها‭ ‬قبل‭ ‬انطلاقها‭ ‬6‮ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬
ويقول نقيب الصحافيين المصريين ممدوح الولي إن بعض القائمين على مؤسسات الإعلام الجديدة يتهمون أنهم لا يريدون أن يكشفوا او يتكلموا عن مصادر التمويل، مع أن ذلك من ابسط مبادئ وقواعد وأهداف الثورة التي تنادي بها كل الفضائيات، وهى الشفافية والمصارحة والمكاشفة، وزاد من تلك الشكوك حديث السفيرة الأمريكية في مصر عن 40 مليون دولار دعمت بها أمريكا منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في مصر بعد ثورة جانفي، فكثير من القنوات الفضائية المصرية الخاصة العاملة مملوكة لرجال اعمال عاشوا ونتفعوا من عصر مبارك وحزبه وأنجاله..
ويخلص‭ ‬ممدوح‭ ‬الولي‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬برغم‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬فإن‭ ‬الطريق‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬طويلا‭ ‬لاكتساب‭ ‬إعلام‭ ‬حر‭ ‬وديمقراطي‭ ‬وتعددي‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬ضغط‭ ‬السياسيين‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭. ‬
‮ ‬
الإعلام‭ ‬الحكومي‭ ‬الخاسر‭ ‬الأكبر‭ ‬
وكان الإعلام الحكومي هو الخاسر الأكبر، بأنواعه التلفزيوني والمكتوب، حيث فقد الكثير من قرائه ومشاهديه، وأصبح يعاني ازمات مالية خانقة بسبب النقص الفادح في مداخيله، بسبب هروب المعلنين إلى الإعلام الخاص، حتى أن مداخيل التلفزيون الحكومي انخفضت بأكثر من 80 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، بسبب نقص الإعلانات، ومن ناحية الاداء لا يزال التلفزيون الرسمى في قفص الاتهام على الرغم من محاولات مسؤوليه الجدد التخلص من صورة الماضي، إلا ان الكثيرين يرون انه لم يستطع حتى الآن انتهاز فرصة الخروج من قيود وسيطرة الحكومة والحزب الوطني عليه، ولا زالت توجه له الاتهامات بقلب الحقائق وكثيرا ما جرى طرد فريق العمل الخاص به من ميدان التحرير. وبدأت تطفو على السطح ملفات الفساد المالي والإداري في مؤسسات الإعلام الحكومي، وأبرزها ملف مدينة الإنتاج الإعلامي التي تنذر بالانهيار التام، وأصبحت أصوات‭ ‬العاملين‭ ‬عالية‭ ‬تحتج‭ ‬على‭ ‬سيطرة‭ ‬7٪‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬بوزارة‭ ‬الإعلام‮ ‬على‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬المكافآت‭ ‬بها‭. ‬
ويواجه الإعلام الحكومي تنافسا متزايدا من الإعلام الخاص، حيث أن تأثير الثورة الكبير في زيادة الوعي السياسي وتسارع وزخم الاحداث فجر حمى التسابق على استقطاب المشاهدين، ووصلت إلى اختيار الزاوية والمكان المناسب لنصب الكاميرات التي تنقل مباشرة الاعتصامات والمظاهرات في ميدان التحرير والنقاط الساخنة الاخرى، وليس غريبا أن تسمع أن القنوات الفضائية الخاصة تدفع يوميا مبلغا يصل إلى 1500 دولار لأصحاب بعض الشقق التي تطل على ميدان التحرير مقابل استخدامها لتكون قاعدة تصوير وبث للأحداث.
وشهد‭ ‬القطاع‮ ‬تنقلات‭ ‬واسعة‭ ‬للإعلاميين‭ ‬من‭ ‬الاعلام‭ ‬الحكومي‭ ‬إلى‭ ‬قنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬تلبس‭ ‬ثوب‭ ‬المعارضة،‭ ‬وووجه‭ ‬ذلك‭ ‬احيانا‭ ‬باتهامات‭ ‬لاذعة‭ ‬لبعضهم‭ ‬بالتحول‭ ‬ومحاولة‭ ‬ركوب‭ ‬موجة‭ ‬الثورة‭.‬
‮ ‬
مؤاخذات‭ ‬مهنية‭  ‬
وتتهم بعض الفضائيات بأنها تساهم في زعزعة الأمن المصري، وإثارة المصادمات بين القوى السياسية المختلفة، وتشيع الفتن بين المسلمين والمسيحيين، غير متقيدة بالضوابط المهنية والأخلاقية. وخلال المعركة الانتخابية الأخيرة لمجلس الشعب، بدأت بعض القنوات الفضائية تروج  بشكل‭ ‬حصري‭ ‬لأحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬ومرشحين‭ ‬بعينهم،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬ومضات‭ ‬إعلانية،‭ ‬تحصل‭ ‬مقابلها‭ ‬على‭ ‬عائد‭ ‬مادي‭ ‬ليس‭ ‬بقليل،‭ ‬ويتجاوز‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬المرشحون‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى‭ ‬المسموح‭ ‬بإنفاقه‭ ‬قانونا‭ ‬على‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية‭.‬
 واشتهرت كثيرا برامج “التوك شو” التي يدير فيها إعلاميون بارزون ندوات نقاشية للأحداث الراهنة،  بالرغم مما يعاب على أصحابها احيانا من الخلط بين دور الإعلامي والسياسي، نظرا لتركيز هذه البرامج على حضور سياسيين وممثلي حركات شباب الثورة. ولم يخل المشهد الإعلامي الجديد من مشاهد مثيرة، لم تكن موجودة قبل الثورة، إذ أن بعض رموز التيار السلفي يشترطون على المذيعات ارتداء الحجاب والبعض يوافق لكنه لا ينظر إلى المذيعة طوال ساعة أو أكثر من عمر البرنامج، ووافقت الإعلامية هالة سرحان على شرط عاصم عبدالماجد من رموز الجماعة الإسلامية بوضع ستار بينها وبينه أثناء إجراء الحوار، أما المذيعة لبني عسل مقدمة برنامج الحياة اليوم فقد اجرت تسجيلا مع الشيخ حافظ سلامة الذي رفض الجلوس معها في نفس الاستوديو لأنها غير محجبة، وجرى التسجيل معه في غرفة ملحقة بالاستوديو وذلك بناء على رغبته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!