-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بين “متيجة” وبوقزول!

بين “متيجة” وبوقزول!

بعيدا عن الجانب المشرق في مشاريع السكن الجديدة، التي أسهمت في حل أزمة السكن ومكّنت العائلات الجزائرية من الاستقرار في سكنات محترمة بعد أن حرموا منها لعقود، فإنّ المتجول في العاصمة والمناطق القريبة منها في البليدة وتيبازة وبومرداس يقف على مأساة حقيقية وجريمة في حق الطبيعة أمام صمت وتواطؤ الجميع.

مئات الهكتارات من حقول البرتقال والتّفاح والخوخ وكل أنواع الخضروات تم اقتلاعها وحرقها وتجريفها وإقامة أحياء سكنية سميت تجاوزا “أحياء خضراء”، بينما هي في الواقع محتشدات سكنية لا اخضرار فيها أقيمت على مربعات فلاحية تعد من أخصب الأراضي !

أحد سكان بوينان، وهي أكبر منطقة متضررة من غزو الإستمنت المسلح يقول “إنّه لن ينسى ذلك اليوم الذي كانوا يجرّفون فيه أشجار البرتقال المثمرة، بينما كانت ملامح التّعجب والاستغراب بادية على العاملين في الشّركات الصينية والتّركية وغيرها… وهم ينظرون إلى ذلك المشهد الغريب بإزالة الأشجار المثمرة وتعويضها بالإسمنت المسلح”..

حدث ذلك، ولا يزال يحدث إلى الآن، ولا أحد حرّك ساكنا أو احتج على المسؤولين الذين وافقوا على هذه الجريمة في حق أمننا الغذائي، وقد يأتي يوما يختفي فيه البساط الأخضر تماما من سهل متيجة إذا لم تتوقف هذه المجزرة المستمرة في حق الطبيعة.

والسّؤال المطروح: هل ضاقت الجزائر شرقا وغربا وجنوبا ليختار المسؤولون هذه البقعة الضيقة لإقامة المشاريع السّكنية؟ ألم يكن عليهم على الأقل التّحول جنوبا ببعض الكيلومترات واختيار أراض أقل خصوبة لإقامة المشاريع السكنية عليها؟ ولماذا هذا السكوت المطبق على العاصمة الجديدة ببوغزول الممتدة على سهول واسعة غير خصبة أو أقل خصوبة مقارنة مع المناطق الساحلية، ألم يكن من الأولى تجسيد هذه المشروع الحلم وفك الخناق عن العاصمة وفتح متنفس جديد عبر إقامة أقطاب صناعية وتجارية لتجنب الكارثة التي وقعت في العاصمة وضواحيها؟

لماذا نقف جميعا مكتوفي الأيدي أمام هذا التّخريب المتواصل للمقدرات الفلاحية، في ظل ما نعيشه من أزمات غذائية وفي ظلّ فاتورة الغذاء التي تأخذ حصّة الأسد من مداخيل الجزائر؟ وهل ستكون منطقة متيجة صالحة للعيش مستقبلا إذا خربنا ثرواتها الفلاحية بأيدينا وحولناها إلى عمارات وأبنية وطرق؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!