-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قطاع المحروقات في الجزائر:

سقط الملك .. يحيا الملك

بشير مصيطفى
  • 3830
  • 3
سقط الملك .. يحيا الملك

قال وزيرنا للطاقة والمناجم يوسف يوسفى، في تصريحات لافتة بداية هذا الأسبوع، بأن الجزائر تأخرت كثيرا على سلم الصناعة النفطية وعجزت عن مواكبة الاتجاهات العالمية في ميادين: التكوين، البحث والتطوير، التكنولوجيا والهندسة.

  •  وإلى وقت قريب؛ أي إلى عهد الوزير الأسبق للقطاع، ظلت الجزائر تتغنى بمنجزاتها في مجال السياسة الطاقوية للبلاد وعلى رأسها إنجاز مشروع “ميدغاز” العابر للمتوسط، وتمكن شركة “سوناطراك” من عقود استكشاف في دول أخرى مثل ليبيا، العراق وأمريكا اللاتينية. ولكن أرقاما تسربت مؤخرا أشارت الى تراجع انتاج الجزائر من النفط بنسبة 25 بالمئة منذ 2007، وأن واردات الجزائر من مستلزمات عمل “سوناطراك” لا تناسب أبدا شركة في حجمها، وقد سبق أن أشرنا في مقال سابق إلى أن واردات سوناطراك من “البولونات” وحدها لامست 4 ملايير دولار.
  • فهل هي مقولة “سقط الملك.. يحيا الملك” يرفعها قطاع الطاقة في بلادنا؟ وأين كانت الحكومة والرئاسة مما كان يجري في كواليس الوزارة التي تشكل وحدها عمود الاقتصاد الجزائري المبني على المحروقات؟
  •  نصدر نفطا واحدا ونستورد زيوتا متعددة
  • يقال عن مدينة النفط الجزائرية “حاسي مسعود” إنها أفقر بلدية في أغنى إقليم، ويقال عن مدينة الغاز “حاسي الرمل” إنها أتعس بلدية في واحدة من أوسع ولايات القطر. وأنفقت الدولة على دراسات مدينة حاسي مسعود الجديدة ما أنفقت ولكن يبدو أن المشروع ذهب مع صاحبه كما ذهبت مدينة “بوغزول” الجديدة مع الرؤية السابقة لتهيئة الإقليم. ووصلت السعودية بإنتاجها من النفط الى مستوى 9 ملايين برميل يوميا شهر أوت الفائت، واستثمرت في الصناعة النفطية حتى فاض ميزانها التجاري من البيتروكيمياويات محلية الصنع مع ثاني أكبر دولة اقتصادية في العالم؛ أي الصين، لدرجة التحكيم الدولي بحجة الاغراق وغزو السوق، بينما تراجعت صادرات بلادنا من النفط الى مستوى دولة لا يزيد عدد سكانها عن 7 ملايين نسمة هي ليبيا. وفي نفس الوقت وفي مجال الطاقات المتجددة لا أحد يعلم شيئا عن برنامج الجزائر الاستراتيجي في هذا الصدد خارج المشروعات الجزئية المعنية بإنشاء مصانع الألواح الشمسية وتوربينات الريح، ولولا مشروع الغاز الهجين في حاسي الرمل لظن الرأي العام في الجزائر أن الطاقة الأحفورية هي الخيار الاستراتيجي في اتجاهاتنا المستقبلية وليست الطاقات المتجددة.
  •  ليس جلدا للذات
  • سألت وزير القطاع الأسبق العام 2007 عن آفاق زيارة الرئيس الألماني للجزائر من منظور التعاون بين البلدين في مجال الطاقات المتجددة حيث تعتبر برلين رائدة فيها، فقال بأن الموضوع بالنسبة لنا شبيه بالتفكير في الخيال. وحينها فقط فهمت سر التأخر الجزائري في موضوع التكوين وإطلاق قطب إقليمي لطاقات المستقبل مقارنة بالمغرب مثلا والتي تعمل حاليا على برنامج التنمية الجهوية وإقامة المدن الخالية من الطاقة التقليدية بناء على قانون الطاقات المتجددة في  المغرب، وفهمت أيضا سر التحفظ على مشروع “ديزرتك” لإنارة أوروبا بشمس الصحراء.
  • ليس جلدا للذات أن نعدد إخفاقات قطاع الطاقة في بلادنا على الرغم من انجازات الحكومة على سلم الاستثمار في الاستكشاف وترقية حياة العاملين والمهندسين في قواعد الانتاج عبر الجنوب، وجهود الجزائر في اقامة تحالف قوي داخل “الأوبك” للمحافظة على سقف محترم من الحصص يخدم مصلحة جميع أعضاء المنظمة النفطية الكبيرة. ولكن مقارنة بسيطة مع دول شبيهة وشريكة تجعلنا نسجل فرصا كثيرة ضاعت في موضوع تكنولوجيا تسييل الغاز، نقل الغاز المسال، الاستثمار في الناقلات العملاقة، تسعير الغاز دوليا، تملك نقاط التوزيع خارج الحدود، إدارة تكاليف الانتاج، تصنيع القطع والوسائل، انتاج مشتقات النفط، ربط القطاع بالمعاهد المتخصصة في الميكانيك والجيوميكانيك، وأخيرا تأمين أسواق دائمة في حقل شديد المنافسة.
  • الفساد المنظم
  •   زاد مؤخرا الحديث عن الصفقات المشبوهة في قطاع الطاقة ببلادنا وتحولت شركة “سوناطراك” الى مدع حقيقي ضد بعض كوادرها السامية والتي كنا نظن يوما ما أنها الساهرة على تثمين ثروة الجزائر في سبيل الصناعة، وتحولت الملفات الثقيلة الى ساحة للمتاجرة عبر المواقع الالكترونية ووسائل الاعلام الأجنبية التي ما زالت تراهن على التحولات الثورية في كل البلدان العربية، وكان من الأجدى أن يصل المسعى القضائي في المحاسبة الى منتهاه، وأن يعرف الرأي العام الجزائري مبلغ الخسارة المتأتية عن سوء ادارة أهم قطاع اقتصادي ببلادنا على الاطلاق، وأن تجتهد الحكومة في البحث والتطوير ليس في اتجاه ترقية استخدام التكنولوجيا ولكن في ادارة ايرادات القطاع أيضا، خاصة أن التثمين الحقيقي للايرادات يتجاوز صفقات الاستكشاف الى استدناء تكلفة انتاج البرميل الواحد من النفط والمتر المكعب الواحد من الغاز، الى الرفع من انتاجية العاملين في القطاع، الى تقييم مردودية الاستثمار باستشراف الأسعار المستقبلية واتجاهات المنافسة.
  • قال وزير الطاقة في تصريحاته -بداية الأسبوع- كلاما جميلا في هذا السياق، ونأمل أن يظل الكلام الجميل جميلا حتى إذا حل بالقطاع وزير آخر.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • Moubarak

    المشكل أننا مستمرين بل متطورين في ميدان الفساد. لماذا برأيكم؟ الجواب : الذئب لايستطيع أن يتحول من آكل لحوم الى نباتي حتى لو أراد ذلك.

  • بدون اسم

    نتمنا أن تكون وزيرا يالأخ بشير

  • Chaouki

    غاشي بزاف دخل الى السجن في بطحة الله اكبر لا دليل مادي ولا حتى معنوي,غير انو مكانش في المكان المناسب في الوقت المناسب,و كاينا ناس كل الادلة الضرفية و المدية و المعنوية تدينهم بصح و الله محكموانهار حبس,يخي بلاد يخي!!
    نوكلو عليكم ربي برك
    يا شروق هذ الكلام رانا نسمعوا فيه في الشارع و المقاهي فإذا اردتي ان لا تنشريه فهذا شآنك