-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لبنان.. لعبة غير متوازنة بين حاضنتين

لبنان.. لعبة غير متوازنة بين حاضنتين

تحديات تحاصر لبنان لم تُبق له منفذا، إيران لن تتخلى بسهولة عن شريطها الحدودي المتوافق مع مخطط “إسرائيل” الذي أبعد جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية المحصنة ضد مساوئ الطائفية أو العنصرية أو الاختراق الخارجي، وأبقى الجنوب كما كان في عهد أنطوان لحد، منفصلا، خارج سيادة الوطن، محكوما بين احتلال إسرائيلي أو إيراني!

لقد فوجئ اللبنانيون بعد انسحاب إسرائيل يوم 25 ماي 2000 أن السلطة الفعلية في الجنوب قد انتقلت من “الجيش اللبناني الحر” إلى فصائل حزب الله، بقيادة حسن نصر الله، الذي سارع في إجراء  تعديلات واسعة على رؤيته لمستقبل لبنان السياسي، وأسس عملية بناء الدولة فيه:

·تخلى عن شعار بناء دولة إسلامية في لبنان، ترتبط بولاية الفقيه في قم، كما كان يعلن في ثمانينات القرن الماضي.

· اندرج لاعبا فاعلا في دولة المحاصصة الطائفية، حتى أصبح منذ انتخابات عام 1996 جزءا من مكونات السلطة اللبنانية، متحكما بمواقعها السيادية الرئاسية والحكومية والبرلمانية والقضائية.

·يلعب أدوارا خارجية في النزاعات المسلحة (العراق، سوريا، اليمن) دون اعتبار للدولة التي يشكل جزءا من مكوناتها.

وقوى لبنان السياسية، المتلونة أو المتقلبة، حسب مواسم المناخ السياسي، وفصوله المضطربة، استهوتها لعبة الانزلاق في سياسة الاصطفاف الإقليمي أو الدولي، فأعداء الأمس، تراهم حلفاء اليوم، لا تعنيهم هوية وطن، أو كرامة وطن ينعم بسيادته، جردوا السياسة من مبادئها، غير مدركين أن السياسة أداة وظيفية في تحقيق الهدف المبدئي.

لا أحد يتبرأ من مسؤولية ما آل إليه الوضع في لبنان، فقواعد اللعبة الرديئة، جعلت منه مرتكزا لمخطط إيراني توسعي يختبئ وراء شعارات، لا تحرك إلا بؤساء العقل والفكر، استبدلت اسم “دولة لبنان الجنوبي” بقيادة العميل أنطوان لحد المقبور”بـولاية” الولي الفقيه.

لا يزال لبنان محاصرا بتحديات داخلية وإقليمية تتعاظم مع تعاظم صراع مصالح القوى، أولى هذه التحديات سيادته المنزوعة، من قبل جهات إقليمية، وتحوّل حزب الله الموالي لإيران، إلى قوة عسكرية، لا يقوى الجيش الوطني على تجاوزها، كسبت حضورا سياسيا شرعيا في مؤسسات الدولة التي تفقد هويتها، مقابل قوى سياسية، كان لها حصة رئاسة حكومة ترى في السعودية حليفا استراتيجيا، بوجود صوري، أمام غياب دورها في الملف السياسي والأمني ورسم أبعاد السياسة الخارجية.

ويتصاعد الاهتمامُ اللبناني بضرورة ضبط كل السلاح في يد الشرعية، ويحدو اللبنانيون الأمل بإمكانية السير في خطوة من هذا النوع، وإن كانت الأوضاع مرتبكة، لكن الأساس إعادة ضبط هذا الملف الذي يجرد سيادة أول دولة عربية نالت استقلالها عام 1945، وانطلقت منها حركة القوميين العرب في مجابهة الاستعمار الأوروبي.

هل سيحقق لبنان ما يريد وهو “غارق” بالسلاح غير الشرعي والذي يقوّض قيام الدولة القوية بسيادتها، وقدرتها على حصر السلاح بيدها؟

لا يجد اللبنانيون جوابا، على هذا السؤال، وقد يرون الأمر مستحيلا، فسلاح حزب الله وكتائبه الموالية إلى إيران، تبرر وجودها بمواجهة مستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي، وقد جاءت قضية القدس لتعزز لدى “حزب الله” موقفه باستمرار الحصول على السلاح وإعلان مواقف تتعارض مع دعوات سياسة النأي بالنفس، إلى حد إعلان، حسن نصر الله إمكان فتح الحدود أمام مئات ألوف المقاتلين لقتال إسرائيل، ويدرك اللبنانيون أن هذه الدعوة تعني السماح لدخول قوات إيرانية إضافية، وميليشيات طائفية، تخضع لما يسمى بـ”الحرس الثوري” الذي يقود عمليات التوغل الطائفي في العمق العربي، عبر شعار تحرير فلسطين، كأداة لتحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية المندثرة.

هذا، هو لبنان الذي أطلق مسار العدّ العكسي للاستحقاق النيابي المقبل الذي سيُجرى في 6 ماي المقبل، انتخابات تشريعية في ظل انعدام الاستقرار والأمن وانفلات السلاح، والأعظم من ذلك استبدال السيادة الوطنية بعمامة “الفقيه” المجدد بقاءه بأغلبية مطلقة أمام خصم لا يملك سوى حضور بروتوكولي مجرد من صلاحيات صياغة قرار!

اللعبة غير متوازنة بين حاضنتين!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • محق

    السلاح المحصور بيد الدولة لدى أغلب الأنظمة العربية لم تجن منه شعوبها إلا قمعها به وتكريس المنطق الدكتاتوري الاستبدادي في التعامل معها.

  • احمد

    اذا كان همك هو السيادة, اخبرنا بالله عليك اي دولة اكثر سيادة لبنان بحزب الله ام الاردن? هل يستطيع الاسرائيليون ان يقتلوا شرطيا لبنانيا على الاراضي اللبنانية دون ان يدفعوا ثمن ذلك? فعلوا ذلك في الاردن بدون اي تردد لانهم يعلمون ان الملك ممثل لعب في مسلسلهم Star Wars ولا خوف عليهم. انا شخصيا من عائلة سنية و افضل الدولة العلمانية على الدولة الدينية ولكن الحق يقال: السنة اثبتوا فشلهم وعجزهم رغم امكانياتهم الهائلة والشيعة رغم تشبثهم بالفكر الديني اظهروا ان لهم خصال.

  • محق

    لبنان قوي بمقاومته مستباح بدونها،والتغني بالقومية العربية والتظاهر بالدفاع عنها أسلوب تجاوزه الزمن وهو المنطق ذاته الذي أزرى بصدام حسين وأغراه بشن حرب ظالمة طاحنة ضد أيران وبدعم خليجي وأمريكي لا محدود والنتيجة في نهاية المطاف تدمير العراق ووقوعه في قبضة الاحتلال.

  • nacer

    هل سيحقق لبنان ما يريد وهو "غارق" بالسلاح غير الشرعي والذي يقوّض قيام الدولة القوية بسيادتها، وقدرتها على حصر السلاح بيدها؟