-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
منزل "ايف سان لوران" بوهران يكشف أسراره بعد نصف قرن

من هنا خرج عملاق الموضة وهكذا ترك في الباهية 30 ألف تصميم

زهية منصر
  • 7615
  • 0
من هنا خرج عملاق الموضة وهكذا ترك في الباهية 30 ألف تصميم

فتح منزل المصمم العالمي “ايف سان لوران” بوهران أبوابه للزوار بعد إعادة ترميمه من طرف رجل الأعمال ومالك فندق” لبيرتي” بوهران السيد محمد عفان.

ويستقبل المنزل الزوار بشكل يومي من السبت إلى الاثنين بمعدل زيارتين في اليوم العاشرة والثالثة بعد الزوال. الزيارات تخضع لحجر مسبق بفندق لبيرتي بشراء تذكرة الزيارة والتي تم تحديدها بـ100 دينار للشخص حيث توجه مداخل وعائدات الزيارات للحفاظ على البيت.

فكرة إعادة ترميم منزل “سان لوران” يقول صاحب المبادرة أنها تعود إلى 25 سنة خلت وقد راودته لعدة أسباب أهمها إبراز دور الجزائر في صناعة المشترك الجميل والايجابي لأنه عادة عندما يبدع من لهم علاقة بهذه الأرض ينسبون للضفة الأخرى بينما لو أحد منهم صدر عنه سلوك مشين مباشرة ينسب لأصوله. فالسيد عفان يقول إنه أراد من خلال مبادرة إعادة ترميم وإحياء ذاكرة ايفن سان لون أعطاء نموذج إيجابي للشباب خاصة للراغبين في اقتحام مجال الموضة والتصميم.

قام محمد عفان باستحداث فضاء في الطابق الثاني من فندق “لبيرتي” الذي يملكه بوهران أطلق عليه فضاء “إيفن سان لوران” يضم خاصة جزءا من مجموعة التصاميم التي أنجزها عملاق الموضة العصرية في وهران عندما كان في 18 من العمر. يقول صاحب المبادرة أن “لوران” ترك ما لا يقل عن 30 ألف تصميم كلها منجزة في وهران تمكن من جمع فقط700 نموذج حصل عليها عن طريق بنوك الصور والمتاحف والمراكز وغيرها وقد استغرقت العملية سنة لإنجاز هذا الفضاء الذي يعطي صورة عن “لوران” أو الجانب الوهراني منه حيث تفتقت موهبته وعبقريته همنا بالباهية.

نجد أيضا في الفضاء الخاص بآثار “لوران” بعض من الصفحات الأولى لمجلات الموضة في تلك الحقبة حيث كانت والدة “ايف سان لوران” مولعة بالموضة في عصرها واكتشف ابنها لاحقا موهبته عبر المجلات التي يتخذها نماذج ورقية لإعادة تصميم ما يجول في خاطره.

الزائر للفضاء المتحفي لـ”ايفن سان لوران” بفندق “لبيرتي”

سيتمكن أيضا من متابعة فيلم وثائقي قصيرة يقدم لمحة عن حياة “لوران” إضافة إلى شريط مماثل يختصر في 13 دقيقة عملية إعادة ترميم البيت التي انطلق في أكتوبر 2021 قبل أن يفح البيت أبوابه للزوار بمناسبة الألعاب المتوسطية.

يقع البيت وسط حي سطورة بوهران (شارع صحراوي براهيم عبد العزيز) وصار مؤخرا مقصدا للسياح والزوار بعد ضل مقفلا لنصف قرن فـ”لوران” لم يعد إليه منذ أن غادره إلى فرسا سنة 1954 وزار المدينة مرة واحدة في تسعينيات القرن الماضي بدعوة صديق طفولة مكث بها ثلاث أيام ولم يعد بعدها أبدا.

بمجرد ما تطأ قدمك بيت “ايفن سان لوران” تسبقك أجواء الأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي حيث حاول أصحاب مبادرة الترميم الحفاظ على عبق وروح الماضي فيه حيث يضم البيت تشكيلة من الصور العائلية تبرز طفولة “لوران” بوهران وعائلته كما تظهر صور المدرسة التي تعلّم فيها “إيف” في المرحلة الابتدائية، عيادة “جون سايون” التي ولد فيها، مدرسة الفنون الجميلة التي درس بها.

يضم البيت صالة كبيرة وغرفتين إضافة إلى زاوية كانت تمل ورشة “لوران” التي أبدع فيها عديد التصاميم قبل أن يغادر إلى باريس في سنة 19 حيث كان أصغر مصمّم موضة في ذلك الوقت ينضم للدار الشهيرة “كريستون ديور” كأصغر مدير فني للدار قبل أن يتولى تسيرها لفترة قبل أن يقرر إطلاق ماركته الخاصة للألبسة والعطور.

بإمكان زوار بيت عملاق الموضة في العصر الحديث التنقل بين إرجاء البيت بمرافقة دليل سياحي موسى بن صالح الذي يقدم شروحات وافية عن الدار ومحتوياتها، ويقول المهندس الذي أشرف على مراحل وخطوات إعادة تهيئة المنزل.. يوسف فرنان إن الأثاث الذي يضمه البيت ليس أصلي لكن القائمين على المشروع حاولوا قدر الإمكان إضفاء روح الخمسينات حيث نجد به إضافة إلى الأثاث العتيق صور طفولة وشباب “لوران” وكذا بعض تصاميمه التي أنجزها في وهران منها صور مسرح وهران الذي بدأ من خلاله “لوران” مسيرته كمصمم للأزياء المسرحية منها مسرحية مدام بوفاري. فقد أشرفت أيدي جزائرية على كل مراحل ترميم وإعادة تهيئة البيت وإعطائه أبعاده التاريخية والثقافية.

البيت مفتوح على مدار الأسبوع للزيارة ويمنح أيضا امتياز قضاء ليلة فيه للشخصيات المشهورة والمصممين الراغبين في اكتشاف عوالم “إيف سان لوران”، وخاصة “أزرق وهران” اللون الذي كان يتحدث عنه كثيرا “لوران” ويقال أنه لا وجود له إلا في وهران ولون مزيج بين الأزرق العادي والرمادي الذي يعطي لون خاص جدا.

ويقول صاحب المشروع أن استعادة ذاكرة “إيف سان لوران” في جانبها الوهراني مستمرة حيث يتم ضم أي تصميم أو صورة لها علاقة بالمجموعة إلى الفضاء الموجود بفندق “لبيرتي” أو البيت متى كان ذلك ممكننا.

يعيد ترميم بين “لوران” إلى الواجهة واحد من عباقرة التصميم والموضة في العصر الحديث، حيث ولد “إيف هنري دونات ماثيو لوران” أحد أشهر مصمّمي الأزياء في العصر الحديث بوهران سنة 1936، لعائلة فرنسية أرستقراطية. نشأ في فخمة وسط الخدم، فكان الطفل الملك لدى والدته الأنيقة المولعة بالموضة حيث حصل “إيف” على حياة مليكة بين شقيقتيه.

بدأ الصبي الخجول في رسم وديكورات وبدلات المسرح، والفساتين والقبعات… فشجعه مدير مجلة “فوغ” على تقديم رسومه للمجلة من وقت لآخر في السن الثامنة عشرة غادر وهران مخلفا أزيد من 30 ألف نموذج وتصميم بدأه مبكرا في سنة 12 انتقل إلى باريس حيث درس فن التصميم في غرفة نقابة “هوت كوتور” الفرنسية.

اكتشفه ملك الموضة “كريستيان ديور” فأدخله مشغله، وبعد أقل من ثلاث سنوات على موت ديور تسلم “إيف سان لوران” إدارة الدار فنيا، وفي الحادية والعشرين من عمره بدأ يلبس أهم نجمات هوليوود في ذلك الوقت مثل: إليزابيت تايلور، مارلين دييتريش، مارلين مونرو، آفا غاردنر، ريتا هيوارث… وكل ذلك باسم “ديور”. سنة 1958 تخلى إيف سان لوران عن دار “ديور” وأسس مع شريكه بيار بيرجيه دار إيف سان لوران سنة 1958

اشتهر “اي سان لوران” بتصميمه لأول سترة نسائية أو توكسيدو. الانيقة والتي ماتزال الى اليوم ترافق السيدات في المناسبات الرسمية والراقية ويعتبر “إيف” أول من أطلق خط موضة متكامل يضم العطور ومستحضرات التجميل والاكسوسوارات.

تميزت تصاميم “لوران” بالإبداع والتفرد حيث وصفت بالثورة في عصره أين قام بدمج بين الثقافات في أزياءه، حيث عمل على استلهام تصاميمه من الثقافات الأفريقية والآسيوية ليجدد من روح الموضة الباريسية ويضيف إليها الجرأة التي كانت تنقصها في خمسينيات القرن الماضي.

امتدت جرأت “لوران” أيضا لتشمل تصاميم سترات الهواي التي إبداع كما أخذته الجرأة بعيدا لحد أدخل السمراوات في عروضه كما أدخل صاحبات “النمش” في الوجه بحيث كان يرى فيهن جمال خاص فكانت ثورة “لوران” التي شملت عالم عروض الازياء بكل تفاصيله؟

ارتدت أشهر النجمات من عروضه على غرار كاترين دينوف أميرة موناكو، سلمى حايك، كاري موليجان، كيت وينسلت، وكيم كاردشيان وغيرهن كثيرات.

يعتبر المصمم “إيف سان لوران” أول من كرم قبل وفاته، حيث حصل عام 2007 على وسام جوقة الشرف من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

رحل بعدها بعام واحد2008 عن عمر يناهز 71 عاما بعد إصابته بسرطان في الدماغ ويعود بعد مضي 25 عاما عن رحيله من وهران من خلال زوار بيته الذي يذكر العالم انه من هنا خرج عملاق الموضة ومبدع التصاميم وعبقري عصره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!