-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أخلِصوا في السّر قبل العلن

أخلِصوا في السّر قبل العلن

جميعنا نُريد إصلاح حال بلدنا وتحقيق طموحه إلى أن يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة، وكلَّما لاح بريق أمل في الإصلاح إلا وتَمسَّكنا به بدافع حب الوطن والغيرة عليه والبحث عن أفضل السبل للعيش فيه أفضل من أي شعب آخر. وهذا مُمكنٌ بكافة المقاييس.. نمتلك جميع شروط النهضة والتقدُّم التي تفتقر إليها الكثير من الشعوب والأمم، لا تنقصنا الكفاءات ولا الخبرات ولا القدرة على العمل والابتكار.. فقط هو أمر واحد ينقصنا: الإخلاص في القول والعمل.

إلى أيِّ درجة هذا المسؤول أو ذاك هو مخلص في قوله وعمله؟ إلى أي مدى هو بعيد عن الفساد ليحارب الفساد؟ إلى أي درجة هو ضد الجهوية والحبسوبية ليحاربهما؟ إلى أي درجة هو كفء وقدير لكي يختار الاكفاء والقادرين؟ إلى أي درجة هو متمسك بالقيم والأخلاق السامية لكي يحارب الرذيلة والانحطاط الخلقي؟

يبدو لي أنها أسئلة وجيهة ينبغي أن نُغربِل بها أي قول وأي فعل صادر من أي مسؤول كان قبل أن نَبني عليه آمالا كبيرة أو أحلاما نريد تحقيقها؟

كم من خيبة أمل أُصبنا بها قبل اليوم؟ كم مِن وعود تبخرت في السّماء؟ وكم مِن أحلام لم تتحقق؟ 

أغلب الجزائريين إن لم أقل جميعاً، لديهم تجربة مع الوعود الكاذبة وخيبات الأمل، ليس على المستويات العامة فحسب إنما من الواقع اليومي الذي يعيشون، وهم يبحثون عن سكن أو عمل أو ثقة في هذا أو ذاك… ولا أظن أن خيبة أمل جديدة أو وعوداً كاذبة جديدة ستعود علينا بالخير. لذا، فإنَّ كل ما نرجوه أن يَصدُق المتكلِّمون، ويفي الواعدون بوعودهم، ذلك أنه لم يبق للناس مزيدٌ من القدرة على تحمُّل وعودٍ كاذبة جديدة أو خيبات أمل جديدة، والأفضل لهؤلاء أن يصمتوا حتى يُغيِّروا، وأن يَسبَق الفعلُ لديهم القولَ والتصريح والتَّمني…

صحيحٌ أن العاطفة مازالت تحكمنا في أكثر من موقف، وأننا أحيانا نتطلع إلى المسؤول الكامل الخالي من العيوب، الذي غالبا ما يكون من صنع خيالنا، ولكن هذا لا يمنع أن يكون بيننا رجالٌ ونساء يمتلكون الشروط الضرورية للقيام بعملية إصلاح حقيقية، لا ننتظر منهم أن يكونوا معصومين من الخطإ، ولا ننتظر منهم أن يكونوا ملائكة بلا نقائص، ولا ننتظر منهم أن يَجمَعوا بين كافة الخصال التي يتمناها كلٌّ مِنَّا، فذلك على الأقل في من نرى من الناس حولنا من قبيل طلب المستحيل، ولكن ننتظر منهم أمرا واحدا: أن يُخلصوا في العمل وأن يكون ذلك في السر قبل العلن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!