-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
احتيالٌ وتزوير وجرائم قتل وقطع للأرحام

الإرث يسبّب 70 بالمائة من النزاعات العائلية بالجزائر

الشروق أونلاين
  • 25189
  • 23
الإرث يسبّب 70 بالمائة من النزاعات العائلية بالجزائر
ح.م
سورة النساء - آية 11

في أكثر المناطق التي تتواجد فيها المساجد والزوايا في الجزائر، تحرم المرأة من حقها الشرعي في الميراث، باسم التقاليد والدين، هي معادلة متناقضة، لكنها موجودة في عدد كبير من المناطق التي جعلت ميراث المرأة في خانة المحرّمات والممنوعات غير القابلة للنقاش، مما تسبب في جرائم بشعة وقطع للأرحام، الشاهد الأكبر عليها محاكم الجنايات التي تسجل يوميا قضايا خطيرة تتعلق بالنزاعات العائلية بسبب الميراث، والتي تصل إلى حد القتل والتزوير وشجارات جماعية تستعمل فيها أخطر أنواع الأسلحة البيضاء، ويؤكد مختص في علم الاجتماع أن نحو 70 بالمائة من النزاعات العائلية بالجزائر مرتبطة بالخلافات حول الميراث.

كشفت دراسة جزائرية حديثة أعدّّها المرصد الجزائري للمرأة عن انتشار متزايد لظاهرة حرمان المرأة من الميراث في الكثير من مناطق الوطن، وبالتحديد في المناطق التي تضم أكبر عدد من المساجد والزوايا، والتي تتميز بطابعها الفلاحي، حيث تعرف قيمة الأراضي ارتفاعا وبُعدا تاريخيا يجعلها مقياسا للرفعة والثراء، وبيّنت الدراسة أن المرأة في هذه المناطق يُسمح لها في أحسن الأحوال  بميراث الأموال والذهب، غير أنها تُمنع من ميراث الأراضي والعقار، وهذا بالرغم من تواجد عائلات تملك ثقافة دينية واسعة بحكم جوارها للمساجد والزوايا، ولكن قيمة العقار والأراضي المرتفعة جعلت هذا الأخير محل أطماع الورثة الذكور الذين يتحايلون ويتفقون على حرمان أخواتهم من الميراث، بحجة أن الرجال هم من تعبوا على هذه الأراضي التي لا يُسمح بتقسيمها على”الأصهار”؛ أي أزواج الأخوات ولو تطلب الأمر التزوير وحتى القتل، وفي بعض الأحيان تستعين هذه العائلات بأئمة وشيوخ لإقناع المرأة بأن تتنازل عن حقها في الميراث، بحجة الحفاظ على تماسك العائلة وصلة الأرحام  .

ويستدل هؤلاء الشيوخ بآيات قرآنية تتحدث عن “قوامة الرجل” و”أجر صلة الرحم” في حين يهملون الآيات التي تتحدث عن حق المرأة في التركة، وفي هذا الإطار أكدت رئيسة المرصد السيدة شائعة جعفري في تصريح لـ”الشروق اليومي” أنها شاركت مؤخرا في أول مؤتمر عربي لمناقشة واقع ميراث المرأة في البلدان العربية نظم في الأردن تحت عنوان “مسائل ميراث المرأة في الإسلام”، حيث قدمت المتحدثة التجربة الجزائرية في ميراث المرأة وأبرزت الجانب الإيجابي في الموضوع بذكرها لبعض المناطق في الجزائر التي تحفظ للمرأة حقها في الميراث، حيث يعمد الكثير من الأولياء إلى تقسيم التركة في الحياة على الأبناء من الإناث والذكور، خاصة في المدن الكبرى، وتحدثت أيضا عن طبيعة الكثير من المناطق التي تغتصب حق المرأة في الميراث الذي يعتبر حقا حصريا للرجل.

 

80 بالمائة من الإناث يتنازلن عن الميراث

وبيّنت السيدة شائعة جعفري أن دراستها تضمنت أيضا الكثير من الحالات التي بينت أن 80 بالمائة من النساء يتنازلن عن الميراث حفاظا على صلة الرحم، ورضوخاً لتهديدات الإخوة، وهذا ما يترتب عنه فيما بعد نزاعاتٌ عائلية حادة بسبب الخلافات حول التركة، والتي عادة ما تكون نهايتها المحاكم، كما أن المرأة في الكثير من المناطق تجهل حقها الشرعي في الميراث، مما يجعلها ضحية استغلال سهل من طرف الإخوة، ومع مرور الوقت -تضيف المتحدثة- يكبر الأطفال ويكتشفون حرمان أمهم من الميراث، مما يتسبب في جملة من المشاكل التي تنتهي بقطع صلة الأرحام.

وأضافت جعفري أن الجزائر تعد أفضل حالا من الكثير من البلدان العربية في قضية ميراث المرأة على غرار تونس ومصر والأردن، حيث تشهد المرأة حرمانا منقطع النظير من حقها في الميراث باستعمال القوة، بالمقابل تُعطى المرأة أكثر من حقها في البلدان العربية التي تعتمد على المذهب الشيعي، إذ يتساوى الرجل والمرأة في الميراث وهذا ما يعتبر مخالفا للإسلام.

 

أيام دراسية وحملة وطنية

أكدت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة تنظيمَها لحملة وطنية تستهدف القرى والمداشر وحتى بعض المدن في مختلف ولايات الوطن، لتمكين المرأة من حقها الشرعي في الميراث بتنظيم أيام دراسية وموائد مستديرة بمشاركة محامين وأئمة وجمعيات نسوية، ستكون مهمتها التقرب من النساء وإطلاعهن على حقهن الشرعي والقانوني في الميراث، وأضافت أن الذهنية التقليدية في المناطق التي تعتبر ميراث المرأة “عيباً” وممنوعاً يجب أن تتغير لأن الإسلام منح للمرأة حقها الكامل في الميراث الذي يختلف حسب وضعية المرأة التي ترث في بعض الأحيان نصف ما يرثه الرجل وفي أحيان أخرى ترث مثل الرجل إذا كانت البنت الوحيدة للرجل المتوفى، وأضافت أن المرأة تمنع من الميراث في حالات ثلاثة: إذا تسببت في جريمة قتل وإذا كان أبوها أجنبيا غير مسلم أو إذا ارتدّت هي عن الإسلام.

 

من أغرب قضايا الميراث في المحاكم

أربعة أشقاء”يقتلون” أختهم بالتزوير من أجل الميراث

إنتشرت قضايا الصراع حول الميراث داخل العائلات الجزائرية، وداخل أروقة المحاكم وتكاد تشكل غالبية القضايا المعالجة، خاصة وأنه ينجر عنها تهم التزوير واستعمال المزور في الوثائق، الإدلاء بإقرارات كاذبة، الضرب والشتم والسب بين الورثة، وحتى القتل البشع، ودائما تكون النساء أولى الضحايا.

القضايا في هذا السياق كثيرة، ارتأينا أن نستعرض أهمها، خاصة تلك التي عالجتها محكمة جنايات العاصمة.

نبدأ قصصنا بحكاية أربعة أشقاء من العاصمة منهم امرأة، والذين ورثوا شقة ومحلات من والدهم المتوفـى، لكن الذكور الثلاثة خططوا للاستيلاء على ميراث شقيقتهم الوحيدة، ولم يجدوا من سبيل لذلك إلا تزوير الوثائق والإدعاء بأن الأخت متوفاة! حيث عمد أحد الإخوة إلى كتابة إقرار بخط يده يؤكد فيه وفاة شقيقته واستخرجوا شهادة حالة عائلية مزورة، وأخذوا الورقة إلى الموثق، الأخير باشر مهمته وقام بتوزيع الإرث على الإخوة الثلاثة فقط، السيدة وعندما علمت بالأمر رفعت شكوى ضد الفاعلين ليحالوا جميعا رفقة الموثق على محكمة جنايات العاصمة عن تهمة التزوير واستعمال المزور، في محررات رسمية، والغريب أن المتهمين صرحوا أمام القاضية بأن أختهم “ما تستاهلش الورث” لأنه حسب تبريرهم هم من كان يعمل بالمحل، وفي الأخير طلبوا منها أن تصفح عنهم.

قضية أخرى عالجتها ذات المحكمة، حيث أن ثلاث شقيقات وشقيقا لهن ورثوا محليْن عن الوالد، وحتى يتحايل الشقيق على شقيقاته، طلب منهن إمضاء وثيقة تسمح له باستغلال المحل الفارغ لممارسة نشاط تجاري، واصطحبهن إلى الموثق، لكنهن اكتشفن بعد فترة أن الوثيقة التي وقعن عليها متعلقة بتنازلهن عن الميراث للشقيق ! فرفعن شكوى ضد المتهم والموثق، والأخير أنكر ما نسب إليه، وزعم أن شقيقاته فعلا تنازلن له عن الميراث.

 

زوجات الأب أكثر ضحايا التركة

تعتبر زوجات الأب من أكثر ضحايا التركة بالجزائر، حيث يرفض الأولاد الذكور للمتوفي مقاسمة الإرث مع امرأة يعتبرونها غريبة عنهم، خاصة إذا أنجبت أولادا، فتجدهم وبمجرد وفاة الوالد، يكيدون المكائد لإخراج زوجته صفر اليدين.

هو حال سيدة من ولاية عين الدفلى، حيث تزوجت برجل غني لديه ثلاثة أولاد ذكور متزوجين، ولأن الأخير مات إثر سكتة قلبية، اتفق الثلاثة على طردها من الفيلا ليلة وفاة زوجها رغم أن لديها صبيا كان في عامه الأول، ومنعوها من إخراج حتى ثيابها وذهبها بحجة أن والدهم هو من اشتراه لها، وقام الثلاثة بتقسيم الإرث بينهم بطريقة غريبة، فواحد أخذ الفيلا، والآخران تقاسما المحلين التّجاريّين، وشقيقهم الرضيع تركوه مشردا دون السؤال عنه، ولأن الفتاة من عائلة فقيرة تقطن في الريف وليس لديها من يدافع عنها، استمرت على هذه الحال سنوات، حيث كانت تؤمّن قوت ابنها عن طريق التنظيف في المنازل وحتى التسول، لكن سيدة عملت لديها منظفة هي من شجعتها على رفع قضية للعدالة، وساندتها حتى نالت نصيبها.

ولا يقتصر امتثال المتهمين في مثل هذه القضايا على تهم التزوير فقط بل يتعدّاه إلى تهم الضرب المتبادل والسب، وتصل إلى غاية القتل، وتكثر جرائم القتل بسبب الميراث في منطقة القبائل، حيث يتصارع الأشقاء خاصة على القطع الأرضية، ويمنعون زوج الأخت من العمل بأرضهم، حتى ولو استدعى الأمر قتله.

 

مثقفون وإطارات يحرمون أخواتهم من الميراث

الغريب أن غالبية الأشقاء المستولين على ميراث شقيقاتهم وحسبما اكتشفناه أثناء جلسات المحاكمة، تجدهم أشخاصا مثقفين ويشغلون مناصب مهمة، لكن عندما يصل الأمر إلى تقاسم الأموال تجدهم يخططون ويكيدون المكائد لشقيقاتهم وحجتهم في ذلك أن أموال والدهم يجب أن لا يتمتع بها الصهر (زوج الأخت).

وقد عالجت المحكمة في هذا المجال قضية أب يملك ثروة واسعة من ولاية ميلة توفي منذ حوالي 5 أشهر، ترك أراضي، عقارات، محلات وسيارات، لكن الأبناء الذكور رفضوا منح شقيقاتهم الإناث نصيبهن، وهو ما جعلهن  يلجأن للجنة الصلح المتكونة من أقاربهم المتقدمين في السن وإمام مسجد، في محاولة منهم لإيجاد حل ودي للمشكلة، وبعد عدة تدخلات، قرر الأبناء منح شقيقاتهم مبلغ 80 مليون سنتيم رغم أن نصيب الواحدة يتجاوز 2 مليار سنتيم، ومع ذلك اكتفت البنات بالمبلغ الممنوح، مخافة أن يُحرمن حتى من هذا المبلغ البسيط.

أما في ولاية جيجل، فقد فضل أفراد العائلة الإبقاء على الميراث داخل حدود العائلة وعدم تقسيمه حتى بعد وفاة الوالد، فالثروة التي تكون عادة أراضي ومحلات ملك للجد الأول وأبنائه ويتم توارثها جيلا بعد جيل كملكية عامة يعمل فيها الجميع ويستفيدون منها، وقد اهتدوا إلى حل التزاوج فيما بينهم أي أن أبناء العائلة الواحدة يتزوجون من قريباتهم إجباريا حتى لا تقع الثروة في يد الغريب ولا يحق للبنت أن تطالب بنصيبها بل تستفيد منه في إطار الجماعة، ولازالت هذه العادة منتشرة بينهم حتى بعد استقرارهم في المدن. 

ويجد كثير من الموثقين أنفسهم ضحايا الصراع حول الإرث، فباعتبارهم يستقبلون الورثة الذين يأتوهم بوثائق مختلفة، كما أنه ليس من مهامه التأكد من صحة الوثائق فتجده يباشر إجراءات تقسيم التركة، ليتفاجأ باستدعاء يصله من العدالة حول تورطه في التزوير، لكن بعضا من الموثقين يتورطون عمدا في هذه الأفعال، فيزوّرون عن سبق إصرار وترصد، ولهم نصيب في العملية وجرائمهم تكون مضاعفة أمام العدالة على اعتبار أنهم يمثلون هيبة الدولة.

 

طبقاً للمادة 363 من قانون العقوبات

3 سنوات حبساً لمن يحرم المرأة من الميراث

أكد حقوقيون جزائريون أن  قانون العقوبات في المادة 363 ينص على: “أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات، الشريك في الميراث أو المدعي الذي استولى بطريقة الغش على كامل الإرث، أو جزء منه قبل اقتسامه، وتكون عقوبات صارمة ضد مرتكبي الجرائم والتجاوزات غير القانونية.

وأضافوا أن القانون واضح في مسألة الميراث ويستمد مواده من الشريعة الإسلامية والتي لا تفرِّق بين المرأة ولا الرجل ولكل واحد منهما نصيبه الشرعي معتبرين بأن أي تزوير أو إدلاء كاذب بخصوص نصيب المرأة يعاقب عليه القانون في مواده الجزائية. وفي هذا السياق يقول المحامي عدلي فريد بأن القانون الوضعي في الجزائر يستمد نصوصه من الشريعة الإسلامية والتي فصلت وحددت المواريث في سورة” النساء”، أما فيما يخص بعض التجاوزات في حرمان المرأة من نصيبها الشرعي من الميراث في بعض المناطق بحجة “العادات والتقاليد”، فهذا كله باطل قانوناً، باعتبار أن المرأة لو طالبت بحقها سيكون القانونُ لصالحها.

من جانبه، أكد المحامي وأستاذ الحقوق بكلية بن عكنون بهلولي إبراهيم، بأن مسألة توريث المرأة واضحة من الناحية القانونية والتي جاء بها قانون الأسرة لسنة 1984 والمعدل في 2005، حيث تم أخذ مسألة الميراث مئة بالمئة من الشريعة الإسلامية، وأضاف بأنه لا تزال هناك بعض التصرفات من قبل عائلات تحرم بناتها من الميراث ونصيبهن الشرعي، لكن القانون واضح في هذه المسألة حيث يمنح الميراثَ للورثة الشرعيين عن طريق عقد الفريضة، وبعد تقديم شهادة نقل الملكية يتم تعيين خبير لإجراء القسمة والتي يطبق فيها النصيب الشرعي لكل فرد سواء رجل أو امرأة، وأكد المحامي بهلولي أن الكثير من المشاكل التي تعاني منها الأسر الجزائرية تكون بسبب الميراث، وأن التلاعب غالبا ما يكون في الفريضة حيث يتم إقصاء البنات منها عن طريق التزوير.

وأضاف أن قانون العقوبات يعاقب على جرم الاستيلاء على التركة سواء إذا تم حرمان الوريث رجل أو امرأة من حقهما، واعتبر أن هناك مناطقَ تحكمها الأعراف والتقاليد وتحرم المرأة من نصيبها، وتجدها ترضخ للأمر الواقع ولا تفكر في المطالبة بحقها، خاصة أن تلك المناطق  تكون فيها المعتقدات أقوى من القانون.

 

الحبوس” حيلة أخرى لحرمان المرأة من الميراث

يرى المحامي بهلولي بخصوص “عقد الحبوس” الذي يمنح للذكور حق الانتفاع من الأرض ويحرم النساء من ذلك، بأنه عبارة عن حرمان غير مباشر للمرأة من حقها في الميراث، خاصة أن هذا العقد، اي “الحبوس” يكون في المناطق الريفية والنائية حيث يفضل الأب أن يحرر هذا العقد في حياته ويوصي بما لديه من أراض لأبنائه الذكور في شكل “حبس” أي يحق له الانتفاع من خيرات هذه الأرض، ولا يبيعها وبهذا تحافظ العائلة على أرضها والتي تبقى ملكا للأبناء، ولا تذهب لغيرهم بحكم أنها لا تباع، ولكن هناك من يذكر في “عقد الحبوس” الأبناء الذكور دون البنات وإذا انقرض نسلهم من الذكور تذهب الأرض لملكية الأوقاف.  

وفي هذا السياق يقول الأستاذ بهلولي بأن هذا العقد يعتبر تحايلا باسم القانون لحرمان المرأة من نصيبها الشرعي، واعتبر أن هذه العقود “الحبوس” جاءت نتيجة العادات والتقاليد البالية السائدة في المناطق الريفية جيث يحصر الآباء دوما على أن لا تذهب أراضيهم للغريب أي زوج البنت ولذا يتم تحرير “عقد الحبس” حتى لا تحرم المرأة بشكل مباشر من التركة، لكن بطريقة غير مباشرة تتخلى عن حقها بسبب “عقد الحبس” والذي بموجبه تبقى الأرض ملكا ينتفع به الرجال دون النساء وممنوع بيعه، والمشكل كله أن النساء في هذه المجتمعات يتقبلن “عقد الحبوس” ولا يعارضن هذا العقد  باعتبار أن هذا يعتبر خروجاً عن العادات والتقاليد.

 

الإسلام يحرّم الاستيلاء على ميراث المرأة

 أكد الشيخ نسيم بوعافية إمام مسجد فرجيوة بولاية ميلة، أن الميراث حق شرعي للمرأة وقد دل على وجوبه نصوص قرآنية كثيرة كقوله تعالى: “وللرجال نصيب مما ترك الوالدان وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا” النساء 7. وقوله أيضا: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين” النساء 11. غير أن الكثير من العائلات لازالت تحرم بناتها من حقهن الشرعي باستعمال طرق وأساليب مختلفة منها جعل الأرض “حبوساً” للأولاد الذكور فقط دون الإناث المتزوجات جيلا بعد جيل، ومن حق الأنثى غير المتزوجة أو المطلقة الاستفادة منها أيضا، بغية جعل الأرض حكرا على أفراد العائلة دون غيرهم وعدم السماح لرجل أجنبي بالدخول إلى العائلة.

أما الأسلوب الثاني، وهو الأكثر شيوعا، فهو الحرمان الضمني؛ فمباشرة بعد وفاة الأب يحرم الأبناءُ الذكور أخواتهم الإناث من الميراث، فتضطر الأنثى للرضوخ وعدم المطالبة بحقها حتى لا تتعرض للإهانة والمقاطعة من قبل أفراد عائلتها. وأوضح الشيخ بوعافية أن السلوك الذي تنتهجه هذه العائلات حرام وغير جائز، فالإنسان مستخلف في المال والله يورِّث من يشاء، فنصيبها حفظته لها الشريعة الإسلامية، ويحدث أحيانا في بعض الحالات المحددة شرعا أن يكون نصيبها يفوق نصيب الرجل، مضيفا أن هذه العادة منتشرة في القرى حيث يكون الميراث قطعة أرضية، إلا أن الظاهرة تجاوزت الأراضي وانتقلت للعقارات والسيارات أيضا.

 

حنطابلي: للميراث بعدٌ تاريخي مرتبط بالأرض

اعتبر الأستاذ يوسف حنطابلي، مختص في علم الاجتماع بجامعة البليدة، أن للميراث بُعداً تاريخياً مرتبطاً بالأرض والانتماء الأبوي الذي يمثل السلطة ويملك كافة الصلاحيات في امتلاكها وتوارثها، ففي المجتمعات التقليدية كانت الأرض هي الملكية الوحيدة وتعتبر شرفَ العائلة واسمها، لذا كانت المرأة تحرم من حقها في ميراث الأرض لكي لا يسمح لرجل غريب بالدخول إلى العائلة وامتلاك أرضها.

أما الواقع المعاصر فيرى الأستاذ حنطابلي، أن هناك بعض المناطق لازالت سائدة فيها هذه المفاهيم والتصورات لارتباطها بالموروث الرمزي ولذا يحرص الرجال على امتلاكها وإبقائها كملكية خاصة بالرجال دون النساء اللواتي يُمنح لهن ميراثٌ آخر يتناسب مع طبيعتهن كحلي ومجوهرات الأم المصنوعة من الذهب، ليختم المختص تصريحاته بالتأكيد أن 70 بالمئة من المشاكل العائلية مرتبطة بالميراث.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
23
  • محمد

    الحل الحقيقي لهذه المشكلة هو تدخل امام المسجد في خطبة الجمعة ان يبين تحريم تأخير قسمة الميراث..... عندما ابتعد الامام على واقع الناس اصبح دوره سلبي.

  • كواشي عباس

    سؤال: الاب ترك ارث من العقارات( اراضي زراعية وبناءات) ومعها وصية الحبوس كما ترك اربعة ابناء منهم 2 ذكور و2 اناث توفوا كلهم وتلاكوا الاولاد لكل واحد منهم ..هل هذا العقار يقسم على الاحفاد طبقا للفرائض’؟

  • نرجس

    الدنيا طويلة وانشاء الله ربي وكيلهم غير قولي اللهم اني فوضت امري اليك

  • ام

    بسم الله والصلاة على رسول الله انا امراة متزوجة ولى اولاد والحمذ لله حرمت من الميراث من طرف اخوتى الدكور مع اننى البنت الوحيدة اخى الكبير زور فى الوثائق عيب عليا ندفع خويا للقضاء ولكننى اشهد كل من قرا هدا التعليق واشهد الله وملائكته ما رانيش سامحتله حسبي الله ونعم الوكيل الى يوم الدين حتى الدار ما عنديش رانى كارية

  • بدون اسم

    وعلاه اللي ورث الاراضي والملايير رايح يخلد ولا يديهم معاه مصيرو يروح لهيه ويحمل كل شبر مقتطع من سبع أرضين ... واللي ما داش حقوا هنا يديه لهيه وما الحياة الدنيا إلا سفر لا ندري متى يستقر بنا القرار ونحس كأنها يوم أو بعض يوم ، والإنسان ما ياخذ غير فعلوا.

  • ب-ع

    نحن ثلاثت بنات لنا ارض ملكية وارض عروشية خوتناوبني عمنا محبوش ايقسمو هذا الارض والوثائق لبحوزتنا هي -بطاقة التصريح بمحل القامة.الامر رقم 73/71 المؤرخ في 8 نوفمبر 1971 والمتضمن الثورة الزراعية المهم هذا الوثائق ديناهم للكداستر والدائرة قلولنا الوثائق لمعاكم ماتو مع الرئيس الراحل هواري بومدين

  • بدون اسم

    هي بلاد القبائل وخاف يذكرها والله أعلم.

  • جزائرية

    انا بابا كيمات الله يرحمو خلالي الهم و الميزيرية بصح ضرك الحمد لله قريت و اخدمت و اشريت ابارتمو (شقة) في كارتيي رزيدونسيل و سيارة جميلة ..اخدمو و اخليكم مالميراث راهي ليهم
    جزائرية مقيمة في الجزائر هههههههههههههههههه يا مقيم في اسبانيا الله يهديك

  • بدون اسم

    علاه ؟؟

  • مصطفى

    صحيح الميراث نعمة أنعمها الله على عباده وفي الجزائر بقي نقمة على أغلب العائلات مما أدى إلى التشتت والعداوة وقطع الرحم وكل هدا سببه الطمع والجشع والإبتعاد على الدين والشريعة.وهناك مشكلا آخر تعاني منه عائلات كثيرة وهو الإعتداء على أملاك الغير والإستلاء عليها بالقوة والتزوير والزور وخاصة الأراضي.وأنا واحد من الضحايا جماعة إستولت على أرض بإستعمال القوة والتهديد والوعيد .وهي ملكية وموثقة وقسموها في مابينهم وشتكيت وشتكيت ولا من مجيب وهدا في مدينة مغنية

  • ندرومي

    السلام عليكم
    هذه الظاهرة لا تلصق برجال الدين والمساجد والزوايا بل بالعقلية المتخلفة عند بعض فئات الشعب الجزائري؛ وبالقوانين الجائرة المخالفة للقرآن والسنة كتوريث ابن الشهيد المحجوب من الميراث؛ وهذه مخالفة صريحة فقانون التركات لابد أن يستقى من شرع الله والمحاكم هي التي تفصل اليوم ويمكن رفع قضية من المرأة التي يهضم حقها؛ وهذه الجمعيات النسوية هدفها إفساد المرأة قبل أن تدافع عن حقها في الميراث

  • بدون اسم

    اليست الجزائر بلاد الاسلام وماهذا ياعلماء ياالسكتين على قول الحق يامن تمنع اختك ابنك ابنتك ابنة عمك و و وتذهب الى مكة للحج كل سنة وما الفائدة والله اعرف ناس يحجون كل سنة لكن من اجل الدوروا يحرم صاحب الحق من حقه وءاخر صاحب قرعة فلا يترك نصيب يبات في جيبه وهذا عندما يصح من سكره يقول لا الاه الا الله محمد رسول الله هذاعاصي والاخر عاصي اين الفرق اجيبوني يااهل الذكر يامن لحومكم مسمومة

  • Mohammed

    merci al chourouk pour cet article c un sujet tres sensible.

  • قويدر

    في أكثر المناطق التي تتواجد فيها المساجد والزوايا في الجزائر، تحرم المرأة من حقها الشرعي في الميراث، باسم التقاليد والدين
    ما هذا الكلام ؟ لم افهم

  • faraga

    لي اخ مشعوذ استغل وجودي في فرنسا استولى على كل شئ قيلا سياره زور كل العقود وابي حي يرزق طاعن في السن باستعمال زلمطية

  • nabil

    الحمد الله بابا مات الله يرحمو وماخلا والو نورثوه غير الرجال و النساء الفحلات
    و كاين الي ياكل حق اختو باسم الرجولة و العادات و التقاليد و يروح يصلي فالمسجد و حاسب روحو مسلم

  • سعيد

    ونحن كذالك نعاني من محاولات كثيرة يقوم بها خوالي و نساؤهم و أولادهم بغيت السطو على حق أمي و خالاتي في الميراث

  • algerie

    nchalah khir

  • جزائري مقيم في إسبان

    صحيح بنات عندهم حق في ميراث بصح أغلبية بنات متزوجات تقول لزوجها جيب حقك بصح من زوج يقول لزوجتو جيبي حقك تقول له معليش خوتي نسمح لهم حت هو خوتو يسمح لهم. فقط لتوظيح يا شروق هذي علاش متكلموش عليها

    جزائري مقيم في إسبانيا

  • بائع دواء البق

    ولق ورث حكامنا ومسؤلون الحكومة كل خيرات الجزائر غصبا عنا....للبق والناموس والذبان ادي باكيا دواء

  • بدون اسم

    فعلا توفي جدي وترك ارثا عبارة عن عقارات ارض .كما ترك ابناء وبنات الذين هم اعمامي وعماتي..ولم يقسم بالعدل فهناك من اعطاه حقه في الحياة وهناك من لم يعطه..وبعد موته لحد الان سنوات واعمامي وعماتي متناحرين ومتعادين فيما بينهم ولا احد اخذ حقه..هذا الارث الذي افتتن الاخوة ..الله يهديهم

  • سليمان

    من اكبر الجرائم التى ترتكبها العائلات الجزائرية في مسألة الارث ان يحتال الصغار على الابن الاكبر حيث يكون الاب فقيرا لا يملك عشاء الليلة والاخوة والاخوات صغار فيقوم الاخ الاكبر الذي عادة ما يكون متزوج بشراء بيت عائلي يقتسمه نصفين يبني نصفا لاخوانه وابيه وامه ونصف لاسرته من ماله الخاص

    بعد 20 سنه يكبر الصغار ويتزوجون ويلاحقونه قضائيا من اجل الارث في بيته الذي اشتراه بماله الخاص وبناه بماله الخاص هذه جريمه واللوم يعود على مصالح الاراضي التى تصعب في كتابة العقار

  • بدون اسم

    والله يا خوتي راني خايف كاش نهار خويا ومرطو يدورو عليا.