“الكاف” و”شان” الجزائر

في السنوات الماضية، كانت كأس إفريقيا للّاعبين المحليين مسابقة ثانوية بالنسبة للاتِّحاد الإفريقي لكرة القدم التي كانت تجد صعوبة كبيرة في إقناع البلدان باحتضانها، وفي مرات عديدة كانت تترجى مسؤولي الاتحادات الإفريقية للإبقاء على هذه المنافسة وتفادي إلغائها، خاصة وأن عديد البلدان الإفريقية غير جاهزة لمنافسة بحجم “الشان” أو “الكان”.. والجميع في أروقة “الكاف” تحدّث عن إمكانية أن تكون نسخة الجزائر هي الأخيرة.. غير أن الجزائر أعطت هذه المنافسة قيمتَها الحقيقية، إذ يؤكد اليوم كل الأشقاء الأفارقة من مسؤولين ومدرِّبين ولاعبين وصحفيين أن النسخة السابعة الجارية في الجزائر ووصلت فيها المنافسة إلى الدور نصف النهائي هي الأحسنُ في تاريخها، وأن البلد الذي سيُسند له شرف الطبعة القادمة سيجد صعوبة في إجرائها بنفس الإمكانات التي وفرتها الجزائر.
المنتخبات المتأهلة إلى نصف نهائي “الشان”، وحتى المُغادِرة بعد إقصائها، اعتبرت أن هذه المنافسة جرت في أحسن الظروف من نواحي التنظيم والاستقبال الذي أبهر الأشقاء إلى درجة أن البعض منهم أكد أن الجزائر اليوم تستحق احتضان كأس إفريقيا للأمم 2025، وخاصة وأنها اليوم من الدول القليلة في إفريقيا التي تتوفر على بنى تحتية وملاعب عالمية وفنادق ومطارات، وهو ما يتطلبه دفتر الشروط، زد على ذلك أن طائراتٍ خاصة وُضعت تحت تصرف “الكاف” من أجل تنقل المنتخبات بين المدن، وهو ما ارتاح له الجميع، معتبرين أن التنظيم يستحقُّ العلامة الكاملة، فمسؤول البعثة الكاميرونية قال بصريح العبارة: “قبل بداية المنافسة كنت أظن أن منتخبنا سيجد صعوبات كبيرة في الجزائر.. غير أن ذلك لم يكن بتاتا سواء في اللقاءات التي لعبناها وحتى عند تجوُّلنا خارج مقر إقامتنا والترحاب الذي لقيناه من الجزائريين، فتأكدنا أن الجزائر اليوم وبكل الإمكانات التي مُنحت لهذه الدورة تستطيع وبسهولة احتضان منافسة كأس إفريقيا 2025، في ظل تواجد ملاعب عالمية وجمهور رياضي يحضر بقوة في اللقاءات ويساند كل المنتخبات.
هي رسالة مباشرة وقوية لكل أعضاء المكتب التنفيذي لـ”الكاف” الذي اعترف كل مسؤوليه أن النسخة القادمة لكأس إفريقيا لكرة القدم إذا جرت في الجزائر ستكون الأحسن في التاريخ.. وأن الصورة التي ستقدمها الجزائر عن إفريقيا وخاصة للأوروبيين ستغيّر نظرتهم، وسيفكرون ربما في إسناد القارة الإفريقية شرف احتضان كأس عالمية ثانية في القارة السمراء، وهو ما تنبّأ له اللاعب الدولي السابق حكيم مدان الذي قال “ربما سنجد منتخبًا إفريقيًّا يُتوَّج بكأس العالم في العشر سنوات القادمة”.
مسؤولو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الذين تغمرهم السعادة بعد نجاح النسخة الحالية من “الشان” قرروا رفع القيمة المالية للمتوّج بها، إذ وصلت إلى مليوني دولار، أي بإضافة ما يقارب الستين بالمائة من قيمتها الحقيقية، وهو ما قد يُحفّز المنتخبات الإفريقية على المشاركة بقوة، خاصة الذين اعتذروا عن عدم المشاركة في نسخة الجزائر، على غرار الشقيقتين تونس ومصر التي يؤكد اليوم كل محلليها أنه كان من الأجدر التواجد في “الشان” ليكسب اللاعبون الخبرة بعد احتكاكهم باللاعبين الأفارقة ويكسبهم تجربة تفيدهم في مستقبلهم الكروي.
اليوم ونحن نتحدَّث عن كأس إفريقيا للَّاعبين المحليين التي توشك على نهايتها، فإن الجزائر ستكون أيضا في الموعد نهاية شهر أفريل القادم باحتضان كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة، وهي جاهزة أيضا لتكون في الموعد سنة 2025 في كاس إفريقيا للأمم، لأن المكتب التنفيذي لـ”الكاف” اقتنع أن الجزائر أصبحت قطبا لا يستهان به في إفريقيا، وحرمانها من المسابقات القادمة يعدّ إجحافا في حق دولة أقنعت الجميع أنها اليوم جاهزة لتكون عروس إفريقيا، خاصة بعد أن أعطى المسؤولون ضمانات لتكون الجزائر تحت تصرُّف أي هيئة رياضية تطلب خدماتها.