-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خمس ملاحظات بشأن مسودّة تعديل الدستور

محمد بوالروايح
  • 2561
  • 6
خمس ملاحظات بشأن مسودّة تعديل الدستور
ح.م

قرأت المشروع التمهيدي لتعديل الدستور فانتهيت إلى أن به جوانبَ قانونية قوية تستحق التثمين هي بيقين خلاصة جهد جماعي للّجنة القانونية التي نُصِّبت لهذا الغرض، التي أعلنت في سياق عرض الأسباب أن عملها تكليفي وظيفي وغير تأسيسي، وهو صياغة وثيقة دستورية تلغي أو تعدل بعض النصوص التي اشتمل عليها الدستور الحالي عن طريق اقتراح قواعد دستورية أكثر وضوحا وشمولا تفضي في النهاية إلى أخلقة الحياة السياسية ووضع حد للسلطة المطلقة أو شبه المطلقة التي كانت مكرسة عمليا في النظام السابق.

ومن الجوانب القانونية القوية أيضا في هذه المسودة تأكيدها على أن الثوابت غير قابلة للتغيير والتعديل بأي شكل من الأشكال والذي عبرت عنه لجنة تعديل الدستور بقولها: “.. رغم ذلك فإنّ اللجنة لا تعتقد بأن لها مهمة تأسيسية تسمح لها بمراجعة الأحكام المتعلّقة بالنظام الدستوري ولا بما يتعلق بالمبادئ التي يتضمنها النص والتي كانت نتاج الإضافات المتتالية منذ الاستقلال فضلا عن بعض المبادئ التي لها ارتباط بمطالب الحركة الوطنية خلال الفترة الاستعمارية أو تلك التي كرستها الوثائق المتعددة للثورة الجزائرية لاسيما مبادئ بيان أول نوفمبر 1954”. إن اعتراف اللجنة القانونية بطبيعة مهمتها التقنية غير التأسيسية وبعدم أحقيتها في مراجعة النظام الدستوري ومكاسب ثوابت الأمة، هذا الاعتراف يوجب على الجميع معاملة اللجنة بقرينة البراءة وعدم تخوينها أو المزايدة عليها في الوطنية.

 بعد هذه المقدمة أود ذكر بعض الملاحظات حول مسودة الدستور بناء على اعتقادي بأن هناك ثغرات ينبغي أن تُسدّ دفعا لبعض التأويلات غير الموضوعية التي هي للأسف ثقافة من لا ثقافة له.

الملاحظة الأولى:

تضمنت الصياغة بعض المصطلحات التي تنتمي وظيفيا إلى اللغة الوصفية التي لا تتناسب مع الوثيقة الدستورية وما في حكمها من الوثائق القانونية التي تجب صياغتها باللغة القانونية التي من خصائصها: المعيارية والإنجازية والتقنية، فاللغة المعيارية على خلاف اللغة الوصفية تستخدم فيها المصطلحات التي تفي بالغرض القانوني وتأسيس وتعليل الأحكام ولا تهتم كثيرا بالإغراق اللغوي والإغداق الوصفي الذي يتبناه اللغويون والأدبيون والأكاديميون. ومن خصائص اللغة القانونية الخاصية الإنجازية التي تعني حرص القانوني على إنجاز المطلوب عند صياغة النص الدستوري والقانوني باستبعاد التوصيفات والمحسِّنات التي تشيع في اللغة الوصفية. ومن خصائص اللغة القانونية الخاصية التقنية التي تعني استعمال المصطلحات التقنية وليس اللغوية المحضة. وتمثيلا لما قلته، فإنه من الأفضل حذف بعض الألفاظ الواردة في المشروع التمهيدي من قبيل هذه الأفعال “تدعيم وتكريس وترسيخ وتعزيز” وكذا بعض العبارات من قبيل “عدالة أكثر استقلالية” ومن قبيل “بصفة عقلانية ومتوازنة” التي أعقبت عبارة “الفصل بين السلطات وتنظيمها”. فكل هذه العبارات لا تتلاءم -كما أسلفت- مع الخاصية المعيارية للغة النص الدستوري والقانوني.

الملاحظة الثانية:

من المستحسن حذف بعض القواعد والأحكام التفصيلية، لأن الدستور هو وثيقة أساسية مرجعية تحدد فيها المنطلقات العامة التأسيسية، أما المسائل والأحكام التفصيلية الأخرى فمكانها الطبيعي في القوانين التنظيمية المختلفة ومنها القوانين الخاصة بحماية المرأة من كل أشكال العنف وإشراك الشباب في الحياة السياسية وغيرها.

الملاحظة الثالثة:

من الأحسن شرح وتوضيح القضية المتعلقة بنائب الرئيس، إذ ورد في مسودة التعديل الدستوري: “أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له وينهي مهامه ويمكن أن يفوض له بعض صلاحياته باستثناء تعيين رئيس الحكومة أو أعضائها ورؤساء المؤسسات الدستورية التي تبقى صلاحية تعيينهم حصرية لرئيس الجمهورية”. هذه المادة ستكون لها بلا شك قراءات وردود أفعال متباينة بين الطبقة السياسية ومكونات المجتمع المدني؛ فبعضهم يرى أن هذه صلاحية لرئيس الجمهورية لا غبار عليها ومنهم من يرى أن هذا التعيين يُدخلنا في إشكالية كبيرة حول طبيعة نظام الحكم وحقيقة تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية على اعتبار أن نائب الرئيس ليس محل شرعية دستورية سابقة على خلاف رئيس الجمهورية الذي اكتسبها بموجب أدائه اليمين الدستورية.

الملاحظة الرابعة:

اقتراح تأسيس محكمة دستورية تحل محل المجلس الدستوري هو إنجازٌ ديمقراطي كبير، ولكن مما يدعم هذا الإنجاز توسيع عضوية هذه المحكمة إلى عضو أو عضوين من علماء وخبراء الشريعة الإسلامية يتم اختيارهم من بين أعضاء المجلس الإسلامي أو من خارجه بالتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة، والغرض من ذلك تدعيم عمل المحكمة الدستورية بمختصين في العلوم الشرعية من أجل الاستفادة من خبراتهم عند البتِّ في الأحكام التنظيمية ذات الصبغة الفقهية أو الدينية بصفة عامة. ومما يجب اقتراحه أيضا استبدال آلية اختيار بعض أعضاء المحكمة الدستورية من الغرفة السفلى والغرفة الأولى من قبل رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة آلية انتخابهم من زملائهم لمساواتهم بنظرائهم من القضاة والإبقاء على صلاحية التعيين حصرا لرئيس الجمهورية لمركزية ورمزية منصبه الدستوري.

الملاحظة الخامسة:

مسألة ترسيم “تمازيغت” هناك من أساء فهمها، فهي ليست من ابتداع هذه اللجنة، وإنما هي قضية واردة ومستقرَّة في الدستور السابق، وهذا مما نبَّهت إليه اللجنة في سياق عرض الأسباب. ومن جهة أخرى، فإن الأمازيغية ليست لغة مناطقية وإنما هي مكون أساسي من مكونات الموروث الثقافي الوطني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • العربي حساني

    دسترة الأمازيغية كلغة وطنية لم تكن دستورية لأنه لم هناك استفتاء عن الدستور
    وبالتالي كل التعديلات التي طرات على الدستور منذ مجئي بوتفليقة غير دستورية وتعتبر باطلة

  • العربي حساني

    ملاحظات واقتراحات لإثراء مسودة مشروع الدستور:
    1) كتابة مواد الدستور بلغة واضحة ودقيقة غير قابلة للتأويل ولا تحتاج الى شرح.
    2) اعتماد النسخة العربية للدستور كوثيقة مرجعية أصلية.
    3) ازدواجية اللغة الوطنية والرسمية: المادة 3 فقرة 1 والمادة 4 فقرة 1.
    الغاء الفقرة 1 و4 من المادة 4 أو استبدالها تمازيغت لغة وطنية.
    4) اعتماد اللغة العربية اللغة الوطنية والرسمية الوحيدة وإلزام المسؤولين والإدارة التخاطب بها
    5)الفقرتان 1 و4 من المادة 4 متناقضتان

  • شرقية خالد

    كنت سأنتخب بنعم على التجديد الدستوري، لكن الآن انتخب بلا
    لماذا؟
    لأنني في بلد في العالم جد جد متخلف، هل رأيتم بلدا يدرس الفرنسية بدل الانجليزية لعقود، ولما يصل ل2020 يدرس مع الفرنسية لغة أخرى لا تنفع في شيء بتاتا فيصير الجزائري يدرس لغتين ضعيفتين من دون كل العالم بدل الانلجيزية؟ ونكرس بذلك التلخف والتعبية القوية لفرنسا، وحقدا وحسدا من البعض يصر على نجاح الدستور
    لا يوافق هذا الدستور إلا جاهل او متعصب، أما الانسان العاقل ولو كان في جبال القبائل لقال لكم أنتم تأخذون البلد إلى مزيد من التخلف.
    هي مسودة، تريدون تعديلها أوكي، لا تريدون فهي لا تلزمني أنا وأهلي وأحبابي في مجموعات الفيسبوك.

  • عون الله

    الجزائر بشاويتها وقبائليتها وميزابيتها ..دولة موحدة ومن أراد فصل هذا التناغم هو خائن لله والوطن

  • نحن هنا

    أنت من المطلين لاأكثر_شطحة بلا امحارم_

  • منير

    الذين يدفعون الشعب للتصويت ب لا ،بحجة ترسيم الامازيغية ، مخطؤون ونظرتهم قاصرة، لان الامازيغية ملك لكل الشعب الجزاءري ، ومرسمة بقوة القانون مثل العربية، وغير قابلة للاستفتاء ولا النقاش، وهم بدلك يفوتون على الجزاءر فرص جميلة وجيدة نحو الازدهار ، ولن يصلوا الى مرادهم ، بحدف الامازيغية. لانها مرسمة بقوة القانون ولا تتغير بتغير الحكومات والرءساء، بل يظيعون على الجزاءر مزيدا من الوقت فقط