-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حقوق الإنسان الكذبة الكبرى.. ذريعة للتدخل ووسيلة للابتزاز

حقوق الإنسان الكذبة الكبرى.. ذريعة للتدخل ووسيلة للابتزاز

لعل المجال لا يتسع لسرد النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فبداية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 مرورا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ثم القانون الأساسي لمنظمة العفو الدولية ثم الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري، والاتفاقية الدولية لقمع التمييز العنصري والمعاقبة عليها، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، اتفاقية مناهضة التعذيب، الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وعدد هائل من الاتفاقيات والبروتوكولات المتخصصة في ما يتعلق بالتعذيب والإرهاب وحقوق الإنسان والأطفال واللاجئين وضحايا الحروب، وأخرى كثيرة ليس هذا مجال تفصيلها وتعدادها.

إذن، منذ الحرب العالمية إلى يوم الناس هذا وعدد المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان تتزايد بقدر تزايد الاعتداء على الإنسان وبقدر اتخاذ مضمون هذه الوثائق ذرائع لاستمرار الطغيان والاستغلال والاستعباد ونهب ثروات الشعوب وطحن أبسط حقوقها في الحياة والحرية والكرامة.

إنّ الدول التي تطلق على نفسها “الأمم المتمدينة” والرافعة للواء حقوق الإنسان هي نفسها الدول الاستعمارية التي أبادت شعوبا بأكملها ونهبت ولا تزال تنهب ثروات شعوب الدول حديثة العهد بالاستقلال وشرّعت قوانينَ ونظما في العلاقات الدولية تضمن لها وحدها الكلمة العليا والوصاية الدائمة على حياة بقية الشعوب ومصير مقدراتها.

واتفاقية بريتن وودز في المجال الاقتصادي جعلت النمو الاقتصادي لدول العالم حبيس عملة الدولار، كما جعلت الأمم المتحدة نظامها وهيكلتها وكيفية صناعة القرار الملزِم فيها قاصرا على إرادة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن دون سواهم. من أجل ذلك تعدّ جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني “دفاعا عن النفس” ولا يلزمه أي قرار أممي، في حين يُنظر إلى كل مقاومة تهدف إلى التحرر وتقرير المصير السيادي والثقافي والحضاري على أنها “إرهابٌ” يجب أن يُقمع ويُقاتَل.

وتحت ذريعة حقوق الإنسان دُمِّرت العراق وليبيا وسوريا والسودان ودول إفريقية وأمريكية وآسيوية. وتحت ذريعة حقوق الإنسان وباسمها حوربت كل قيم الأمم المخالفة لقيم الغرب الصهيو-مسيحية.

باسم حقوق الإنسان والديمقراطية والتصدي للهمجية استُعمِرت القارة الإفريقية وأُبيدت شعوبٌ في القارة الآسيوية ودُمِّرت أنظمة ودول في أمريكا اللاتينية. واستظلالا بحقوق الإنسان مازالت خيرات إفريقيا تُنهب وتُستنزف بعناوين كثيرة على رأسها محاربة الإرهاب، هذا الأخير الذي لازال غير معروف المفهوم، ولعل العالم يجمع لأول مرة على محاربة ظاهرة لا يتفق على تعريفها، وبالنتيجة تُرصد أسلحة ومقاتلون ووسائل ضخمة لمحاربة ظاهرة غير مُعرّفة.

هل يستطيع عاقلٌ في العالم اليوم أن يقبل المشاركة في خدمة مشروع أو التصدي له ومحاربته من دون أن يعرف طبيعته وماهيته وكنهه؟

إنها لعبة حقوق الإنسان، الكذبة الكبرى في القرن العشرين التي بها صُنع الاستعباد والطغيان السياسي، وباسمها انتُهكت سيادات الدول ودُمّرت هويات أمم.

الإنسان الذي كرّمه خالقُه واستخلفه في الأرض، أراد له الإنسان العابد لهواه أن يكون عبدا لأنه قدّم القوّة على العدل، والمصلحة على الحق، فكان شعار “حقوق الإنسان” الحقَّ الذي أريد به باطلٌ.

ولا يستقيم أمرُ الإنسانية على التكريم الذي أراده اللهُ للإنسان إلّا إذا سقطت أكذوبة “حقوق الإنسان” المرفوعة اليوم إلى حقيقة حقوق الإنسان الذي استُخلِف في الأرض لعمارتها لا لتدميرها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!