-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

روسيا بوابة الجزائر للـبريكس

عمار يزلي
  • 1094
  • 0
روسيا بوابة الجزائر للـبريكس

لاشك أن زيارة الدولة التي قادت رئيس الجمهورية إلى روسيا نهاية الأسبوع الأخير، تمثل منعطفا حاسما ونقطة تحول كبيرة في إرادة الجزائر نحو الانتقال إلى أقصى سرعة في مجال التنمية المستدامة مستغلة ومسخِّرة كل قواها السياسية والمالية والاقتصادية والدبلوماسية في سبيل تحقيق هذا المسعى.

زيارة الدولة هذه، جسدتها الرغبة الجزائرية في تطوير العلاقات السياسية العريقة بين البلدين، إلى مستوى أعلى وأوسع وأشمل وأعمق في كل المجالات التنموية بين البلدين الصديقين منذ ما قبل الاستقلال الوطني.

تكتسي هذه الزيارة، طابعا خاصا لوضع خاص يتسم بالتحول نحو قطبية متعددة على إثر الصراع العالمي الدائر بين القوى السياسية والاقتصادية الكبرى، وما خلفته جائحة كوفيد 19 ثم النزال الحاد الذي يعصف اليوم بالنظام الاقتصادي العالمي والسياسي ككل خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية الأطلسية، بل يعيد عقارب الساعة إلى حقبة الحرب الباردة: توقيت خاص في زمن خاص لنقلةٍ خاصة لم تعرف من قبل في السياسة الاقتصادية الجزائرية التي انتقلت من “الاقتصاد السياسي” إلى سياسة اقتصادية تريد أن تكون عقلانية، ومنفتحة، ومتعددة المشارب والبدائل، في ظل هيمنة الدولار واليورو على تعاملاتها السابقة.

زيارة الرئيس تبون لروسيا، بدعوة من الرئيس بوتين، تأتي استكمالا لما تم توقيعه بين البلدين سنة 2006 بين الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة والرئيس بوتين، اللذين دشّنا وقتئذ صيغة “التعاون الإستراتيجي بين البلدين، إلا أن عدم تفعيل هذه الاتفاقية من الجانب الجزائري بسبب الظروف السياسية وقتئذ، وهيمنة الأوليغارشيا المالية على القرار السياسي، عرقل أيَّ مشروع استثمار منفتح وقابل لاجتذاب الاستثمارات الخاصة الأجنبية، جعل الاتفاقات الثنائية لا تلبِّي طموحات البلدين والشعبين في الارتقاء أكثر إلى ما فوق الـ3 ملايير دولار، كحجم مبادلات بين بلدين صديقين متطابقي وجهات النظر في العديد من القضايا العالمية، ومتقاربي الرؤى والمقاربات السياسية. تعاونٌ بدا محصورا في التعاون التقني والعسكري بين الدولتين.

لقد بقي التعاون بين الدولتين الجزائر والاتحاد السوفيتي إلى غاية 1991 محصورا في التعاون الأمني والعسكري، وبقي هكذا حتى مع روسيا الاتحادية والجزائر، في غياب قطاع خاصّ قوي في البلدين يسمح باستثمارات قوية ومتنوعة وتنافسية. بقي التعاون الاقتصادي بين البلدين، اللذين مرا تقريبا بنفس التجربة السياسية والاقتصادية بعيدا عن حجم العلاقات السياسية التاريخية بين البلدين، بسبب ضعف الاقتصاد الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، تماما كما بقي اقتصادُنا ضعيفا إن لم يكن منعدما بسبب هيمنة عقلية “الريع النفطي” وغياب أي تصور لتحرير الاقتصاد وخصخصة قطاعات التنمية وانفتاحه أمام المستثمرين الخواص الوطنيين وأيضا رأس المال الأجنبي.

منذ 30 سنة، حدثت في روسيا الاتحادية نقلة نوعية على نهج تنويع الاقتصاد الروسي العام والخاص وبرزت شركات خاصة عملاقة اليوم في كل المجالات، كما برزت في الجزائر تلك الإمكانات الضخمة الكامنة القابلة لاستدرار استثمارات كبرى من كافة الدول، لاسيما بعد استصدار قانون الاستثمار الأخير. هكذا، برزت الحاجة الجزائرية والروسية أيضا إلى تنويع أسواقهما وشراكتهما، ضمانا لاستقلالهما وسيادتهما وحريتهما التي تبدو أنها لن تكون إلا في عالم اقتصاد حرّ غير تابع ولا مقيَّد سياسيا، غير خاضع للابتزاز السياسي، ولا لهيمنة الدولار واليورو والجنيه الإسترليني، خاصة في زمن العقوبات التي حولت كثيرا من الاقتصادات الرافضة للخضوع للهيمنة الرأسمالية سليلة العقلية الاستعمارية المباشرة بالأمس القريب. هكذا يبدو بيت “بريكس”، هو أول بيت ستدخله الجزائر ضمن هذا التوجُّه عبر بوابة روسيا والصين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!